سيث فرانتسمان - جيروزاليم بوست - ترجمة وتحرير ترك برس
أدى الهجوم الذي شنه تنظيم الدولة (داعش) فجر أمس إلى مصرع نحو 12 شخصا في بلدة سورية على الحدود العراقية. وقال مقاتلون أكراد من قوات سوريا الديمقراطية " قسد" للصحفيين إن كثيرا من القتلى هم من اللاجئين الذين فروا من الأراضي التي يسيطر عليها تنظيم داعش في العراق وسوريا، وكانوا في طريقهم إلى الحسكة التي يسيطر عليها الأكراد.
تشن قوات سوريا الديمقراطية والجنود الأمريكيون الذين يدعمونها هجوما على مدينة الرقة،عاصمة داعش في سوريا، وقد حققوا في الآونة الأخيرة مكاسب كبيرة على حساب المتطرفين فى الطبقة. لكن الهجمات الأخيرة التي شنتها تركيا ضد المناطق الكردية في سوريا هددت بصرف الاهتمام عن الهجوم على داعش.
في الخامس والعشرين من أبريل/ نيسان الماضي شنت تركيا غارات جوية على مواقع كردية في جبل سنجار في شمال العراق، وفي جبل كاراتشوك في شمال شرق سوريا. وقالت تركيا إن الهجمات استهدفت حزب العمال الكردستاني الذي تعده جماعة إرهابية، وأكدت مرارا وتكرارا أنه يتعاون مع وحدات حماية الشعب التي يبدو أن تركيا تهددها باتخاذ مزيد من الإجراءات.
من وجهة النظر الأمريكية فإن هذه الهجمات خط أحمر، ذلك أن وحدات حماية الشعب ھي جزء من قوات سوريا الديمقراطية التي تشاركها الولايات المتحدة الحرب على داعش. أقامت القوات الأمريكية على الأرض علاقة وثيقة مع الأكراد في سوريا على مدى العامين الماضيين. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية مارك تونر في 25 أبريل/ نيسان إن الولايات المتحدة "تشعر بقلق عميق" حيال الضربات الجوية التركية التي وصفها بأنها جاءت "دون تنسيق مناسب مع الولايات المتحدة أو التحالف الدولي للحرب على داعش". وأدت هذه الضربات إلى "خسائر في الأرواح في صفوف شركائنا، ويجب ضمان سلامة أفراد التحالف".
وفي 30 أبريل، وبعد زيارة وفد من الضباط الأمريكيين موقع الغارات الجوية التركية في سوريا، أرسلت الولايات المتحدة قواتها للقيام بدوريات إلى جانب وحدات حماية الشعب التي ترفع أعلام الولايات المتحدة على الحدود مع تركيا. وكان القصد من قرار رفع الأعلام والدوريات على طول الحدود هو استعراض القوة لمنع مزيد من الهجمات التركية. وقد فعلت الولايات المتحدة الشيء نفسه في أوائل مارس/ آذار حول بلدة منبج شمال سوريا.
استولت قوات سوريا الديمقراطية على مدينة منبج من داعش فى عام 2016، لكن تركيا هددت بمهاجمة البلدة فى مارس إلى جانب حلفائها من الجيش السوري الحر. وقد منع رفع الأعلام الأمريكية والدوريات التي سيرتها تركيا من شن هجوم على منبج. على أن الهدف الأعمق للدوريات هو تحذير الولايات المتحدة لحليفها الأقدم لصالح علاقاتها مع الأكراد. لدى تركيا والولايات المتحدة علاقات وثيقة تمتد إلى أكثر من 70 عاما، وقد تكونت خلال حقبة الحرب الباردة. لكن الحرب على داعش دفعت مؤسسة الدفاع الأمريكية إلى استنتاج أن الميليشيات الكردية وقوات سوريا الديمقراطية هي أفضل رهان لهزيمة داعش.
لدى الأتراك أجندة مختلفة تركز على حزب العمال الكردستاني والجماعات التابعة له. وكثيرا ما اتهمت تركيا وحدات حماية الشعب بأنها جماعة إرهابية مثل داعش، وترى تركيا أن كل خطوة تخطوها قوات سوريا الديمقراطية والأمريكيون نحو الرقة تعني تقوية وحدات حماية الشعب.
وفي الوقت الذي يفضل فيه الدبلوماسيون في وزارة الخارجية ووكالة المخابرات المركزية العلاقات التقليدية مع تركيا، فقد استقر رأي وزارة الدفاع الأمريكية - ومن يأخذون برأيها في البيت الأبيض -على هزيمة داعش بأسرع طريقة ممكنة. وهذا يعني الدفاع عن المنطقة الكردية من الضربات الجوية حتى تتمكن قواتها وحلفاؤها من التركيز على الرقة.
إن أكثر سيناريو كارثي للولايات المتحدة هو اندلاع الحرب بين تركيا ووحدات حماية الشعب، في الوقت الذي تحصل فيه داعش على مساحة للتنفس للقيام بهجمات كما فعلت يوم الثلاثاء.
ستواصل تركيا تحدي السياسة الأمريكية في سوريا في الأشهر المقبلة، وستحاول إيجاد حلفاء في واشنطن يستمعون إلى وجهة نظرها. تنظر تركيا إلى الوجود الأمريكي الدائم في شمال شرق سوريا على أنه إشكالي وتحرش بمجال نفوذها. وفي الوقت نفسه، يجب على الولايات المتحدة أن تقرر ما إذا كانت علاقتها مع الأكراد في سوريا مجرد وسيلة ملائمة - حتى هزيمة داعش - أو أنها ستبني عليها في السنوات المقبلة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس