خلود عبد الله الخميس - الأنباء
يحل ضيفا في أرض الطيبين العرب طيب الترك فخامة الرئيس أردوغان، وبيده ملفات للتشاور مع أخيه أمير الإنسانية وربان إصلاح ذات البين صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد.
وهذه الزيارة في هذا الوقت بالذات منتظَرة ومتمناة لكل من يريد لسفينة الخليج العربي الرسو في مرفأ الاستقرار السياسي والرخاء الاجتماعي والرفاه الاقتصادي.
فالاهتمام المتبادل بين أمتي العرب والترك إنما تجمعه خيمة أخوة الدين التي تنبذ جاهلية التنابز بالأعراق والتفاخر بالقوميات وتتمسك بالعروة الوثقى: الإسلام.
أولا: إن استمرار «القضية القطرية» في حال تعويم بلا حلول واضحة يجعل الكويت، كدولة ملتزمة بسياسة عدم انحياز وأميرها كقائد للوساطات بين الأطراف المختلفة، في دائرة المشاورات الدائمة لبلوغ نتائج ترضي أطراف النزاع، ومؤسف وصف الخلاف «نزاعا» ولكننا في مرحلة يجب فيها استخدام المسميات كما هي بلا رتوش، فقد مللنا وسئمنا وهرمنا من الضحك على أنفسنا قبل الآخرين بتزييف الحقائق واعتباره تزيينا أردانا.
ثانيا: نتمنى طرح ملف الصراع القائم بين إيران ومجمل دول الخليج عامة والتصعيد السعودي الأخير ضدها خاصة ودخول لبنان على خط الخلاف، ذلك لأن تركيا حليف لإيران، وتتمتع بعلاقات مصالح تدار بديبلوماسية متفوقة فلابد من طرح ملف الأهداف التوسعية لإيران من جهة، والتدخل السافر في العراق وسورية، والذي أيده تعامينا عن نخرها للبنان عبر حزب الله المصنف إرهابيا كونه حزبا سياسيا مسلحا يمارس البقاء بالقوة.
ومجلس التعاون الخليجي أنشئ لتنعم المنطقة التي تقع عليها «جزيرة العرب» بالعيش في مأمن سياسيا من النخر في أساسات الأنظمة لهدمها، وبجغرافيا محمية من الأطماع الجارة، وباقتصاد يقوم على قوة الدول النفطية، وإن كانت غير صناعية، فهي تنتج أصل الطاقة التي يعتمد عليها العالم الصناعي، وفي أرضها أكبر احتياطي للنفط، وليكون في «درع الجزيرة» التجمع العسكري القائم بدور حامي مداخل ومخارج منطقة الخليج العربي من أي عدوان ظاهر أو مخفي.
وأضيف لتلك الأسباب مطلب أغلبية شعوب الخليج: الحياة تحت ظلال الشريعة الإسلامية الوارفة القادرة بعدل الأحكام وشمولية الرسالة لكل زمان ومكان وإنسان وحتى الحيوان، على احتضان الملل والأديان مع الالتزام بالمنهج الذي جاء به القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، المصدران الرئيسيان للتشريع، كما كانت الدول الإسلامية من فجر الإسلام في دولة المدينة بقيادة المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم تفعل، وحتى إسقاط الدولة العثمانية، كآخر دولة سميت «خلافة إسلامية» قبل أقل من مائة عام.
ثالثا: أدعو إلى تعاون بنّاء بين الكويت وتركيا لإيجاد حلول جذرية لتوطين شعب الروهينغا المهجّر من أرضه بسبب إسلامه في أراض تتكفل بكلفتها وبنيتها الدولتان، وكل من يريد مد يده للمشروع، لضمان أمنهم ومعيشتهم بعيدا عن قلق بنغلاديش من الإرهاق المادي والاجتماعي من نزوحهم، وحتى إيجاد صيغ دولية تحميهم من الإبادة ومع الرقابة المستمرة لتنفيذ بنود اتفاقيات مبرمة بهذا الشأن.
اليوم في آخر العام السابع عشر بعد الألفية الثانية، يعود الاتفاق بين العرب والترك، بعد أن فرقتهم فتنة الاستعمار، وبثت بينهم البغضاء مناهج التغريب المخترقة من المنافقين من بني جلدتنا، والتكرار الممنهج لخيانة العرب للترك كقومية فيما يسمى بالثورة العربية الكبرى بتجاهل متعمد لدور الغرب منذ الأزل في التفريق بين أمة الإسلام، من أي عرق وقومية، لإمكان تمزيقها وليس لحماية أقليات أو إيقاف مطامع، بل هي حرب دينية كانت وستبقى كذلك.
وقد ظهرت في الوثائق العثمانية تحالفات الكنيسة وملوك أوروبا ضد دولتها منذ بدايتها ومع إرهاصات قيامها، ولم تتوقف معاول الهدم لأتباع شريعة الإسلام، ولن تفعل، حتى قيام الساعة، فهو صراع الحق والباطل نعلمه نصا قرآنيا وإخبارا من السنة، وما علينا إلا تحديد معسكرنا فيه.
لقد تكبدت الدولة العثمانية في آخر مائتي عام لوجودها الكثير والهائل، ودفعت آخر معاقل الخلافة الإسلامية ثمنا باهظا من دماء وشهداء، وأطلقت الرصاصة الأخيرة عليها عبر معاهدة ««لوزان» يوليو 1923وتلاها إلغاء الخلافة وإعلان الجمهورية التركية، وسبقتها «سيفر» بعد هزيمة دول المحور في الحرب العالمية الأولى، للتفاصيل حول المعاهدتين أرجو الرجوع الى الوثائق التاريخية، و«لوزان» جاءت تحت ضغط الاحتفاظ بالأراضي العثمانية بعد نتفها وسرقتها في «سيفر» وتقليل الخسائر.
خدرت العامة التركية آنذاك بشعارات الحرية والجمهورية والديموقراطية التي وضعتها (الماسونية ـ اليهودية ـ الامبريالية... وغيرهم من أعدائنا) ومع الأسف نحن تبنينا تلك الشعارات وركبنا موجا ألقانا على شواطئ «غير صديقة» مهلهلين بلا وطن أو دين أو هوية وشاركنا في ذبح آخر «دولة إسلامية» جهلا.
أسرد ما سبق لأبين عمق خبرة الأتراك في التعامل مع المؤامرات والدسائس التي أكسبتهم القدرة على التفاوض وبلوغ نتائج مع الأطراف المضادة بأقل خسائر ممكنة، والقدرة على زنة كفة الضعف من القوة لدفع المباحثات، ولدعم جهود الديبلوماسية الكويتية المعروفة برسوخها وإمكانياتها في حلحلة الملفات التي ما عاد لوجودها فوق طاولات الاجتماعات سبب منطقي ويمكن إغلاقها بخير إن صلحت النيات وصدقت المساعي.
الكويت وتركيا تتشابهان في الديبلوماسية المتميزة، ومهارات التفاوض، والمبادرة بالقيام بدور الوساطة، وطرح حلول مرضية لأطراف النزاع، وهذا كل ما تحتاج اليه «الدوسيهات» المعلّقة في الإقليم اليوم، ومنا إلى قمة «أردوغان ـ صباح».
معاهدة «سيفر» 1920
تسمى أيضا معاهدة الصلح قبلت بها تركيا العثمانية في 10 أغسطس عام 1920 عقب الحرب العالمية الأولى بين الدولة العثمانية وقوات الحلفاء، لكنها لم تبرم على الإطلاق بل إن الحركة القومية التركية بزعامة مصطفى كمال أتاتورك بعد أن تولت الحكم في تركيا في 29 أكتوبر عام 1923 رفضت ما جاء في هذه المعاهدة، واعتبرت أن بنودها تمثل ظلما وإجحافا للدولة التركية، وذلك لأنها أجبرت على التنازل عن مساحات شاسعة من الأراضي التي كانت واقعة تحت نفوذها، وقد نصت هذه المعاهدة على: منح تراقيا والجزر التركية الواقعة في بحر إيجه لليونان والاعتراف بكل من سورية والعراق كمناطق خاضعة للانتداب. والاعتراف باستقلال شبه الجزيرة العربية. والاعتراف باستقلال أرمينيا. واعتبار مضائق البسفور والدردنيل مناطق مجردة من السلاح وتحت إدارة عصبة الأمم.
معاهدة «لوزان»
اتفاقية سلام دولية، وقعت عام 1923 في لوزان بسويسرا بين كل من تركيا وبريطانيا وفرنسا، وتألفت من 143 مادة أعادت تنظيم العلاقات بين هذه الدول في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الأولى، وينظر إليها الأتراك باعتبارها «وثيقة تأسيس للجمهورية التركية»، كما وصفها بذلك مرة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. فإثر انتهاء الحرب العالمية الأولى عام 1918 أبرمت الدول المتحالفة المنتصرة فيها «معاهدة سيفر» يوم 10 أغسطس 1920 وفي أعقاب ذلك عقد «مؤتمر لوزان» الثاني الذي استمرت أعماله ثلاثة أشهر، وتمخض عن توقيع ««معاهدة لوزان» يوم 24 يوليو عام 1923 في فندق «بوريفاج بلاس» بمدينة لوزان جنوبي سويسرا. وكانت أطراف المعاهدة القوى الاستعمارية المنتصرة بعد الحرب العالمية الأولى (خاصة بريطانيا وفرنسا وإيطاليا)، والإمبراطورية العثمانية.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس