فيردا أوزير – صحيفة ملليت – ترجمة وتحرير ترك برس
للوهلة الأولى يبدو المشهد واضحًا في سوريا. تقف تركيا وروسيا وإيران في جهة، والولايات المتحدة ووحدات حماية الشعب في الجهة المقابلة. لكن الوضع ليس كذلك على الإطلاق.
جبهات متداخلة
لنبدأ بروسيا وإيران. يعمل البلدان من أجل الإبقاء على نظام الأسد. لأن بقاءه معناه استمرار المصالح الروسية في سوريا وضمان القاعدتين العسكريتين فيها على المدى الطويل. أما إيران فتسعى للمحافظة على نفوذها وإنشاء هلالها الشيعي عبر الأسد.
لكن رغم تعاون البلدين فهما متنافسان على الصعيد الإقليمي. ولذلك قد تتخلى روسيا عن التعاون مع إيران بعد تقاسم الكعكة السورية. بل إنها قد تتفق مع الولايات المتحدة على إزاحة إيران من سوريا. ومن المحتمل أن هذا الهددف يدور في خلد ترامب أيضًا.
في المقابل، مع تضييق ترامب الخناق على إيران يتزايد ارتباط هذه الأخيرة بروسيا، التي تزداد قوة موقفها في مواجهة طهران. وإذا بدأت الولايات المتحدة بضرب القوات الإيرانية والميليشيات الشيعية فقد تلزم روسيا الصمت.
هناك قضية أخرى تتوافق عليها موسكو وواشنطن، وهي المعارضة السورية. روسيا لا تريد جماعات المعارضة لأنها تضعف الأسد، في حين أن ترامب لا يفرق بين المعارضة الراديكالة والمعتدلة. ولهذا أوقفت سي آي ايه دعمها منذ أشهر لجماعات المعارضة.
كما أن روسيا قد تتفق مع الولايات المتحدة وتسحب دعمها للأسد إذا ضمنت استمرار مصالحها بدونه.
معادلة وحدات حماية الشعب
الأمور على جبهة الولايات المتحدة وحدات حماية الشعب أعقد بكثير مما تبدو عليه. فواشنطن تدعم الوحدات في شرق الفرات. لكن الأمر يختلف في غرب الفرات حيث تتلقى الوحدات الدعم من روسيا. وما دام التنافس الروسي الأمريكي مستمرًا في سوريا فإن البلدين سيستمران باستخدام ورقة وحدات حماية الشعب ضد يعضهما.
وفي الواقع، هذا هو السبب في تغاضي روسيا عن عملية غصن الزيتون. فموسكو وجهت تحذيرًا لوحدات حماية الشعب من الدخول أكثر من اللازم تحت عباءة الولايات المتحدة.
العلاقات بين الأسد ووحدات حماية الشعب أيضًا معقدة. فالأسد لا يريد قيام إقليم كردي مستقل في شمال البلاد، بل إن علاقاته مع الولايات المتحدة قد تشهد توترًا في الفترة القادمة لهذا السبب. لكنه يجلس في الوقت ذاته إلى طاولة المباحثات مع وحدات حماية الشعب. والسبب في ذلك هو تقاسم نفط المنطقة التي تسيطر عليها الوحدات.
ولنأتِ الآن إلى تركيا. رغم وجودها في محور أستانة مع روسيا وإيران، إلا أنها تقع في مواجهة معهما في إدلب. لأن هذه المحافظة هي المعقل الأخير للمعارضة المدعومة تركيًّا، بيد أن روسيا وإيران تقاتلان هذه الفصائل.
ونتيجة لهذا الخلاف، علاوة على عدم ثقتها بالدولتين المذكورتين، تسعى أنقرة إلى مواصلة التعاون أيضًا مع الولايات المتحدة، على الرغم من الخلاف الشديد بشأن وحدات حماية الشعب.
ما يفرضه هذا المشهد علينا واضح للغاية؛ إقامة علاقات عملية مع جميع الفاعلين لكن مع التزام جانب الحذر الشديد.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مواضيع أخرى للكاتب
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس