ياسر عبد العزيز - خاص ترك برس
في الحادي عشر من شهر نيسان/ أبريل من العام الجاري حطت أول طائرة من شركة إيروفوت الروسية على مدرج مطار القاهرة الدولي والقادمة من موسكو، وذلك بعد توقف دام أكثر من عامين عقب حادث سقوط الطائرة الروسية المنكوبة فوق سيناء.
الحادث الذي راح ضحيته 224 كانوا على متنها، أحدث شرخا كبيرا في العلاقة بين النظام المصري وروسيا، لا سيما بعد أن أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين منع الرحلات الجوية الروسية إلى مصر، ومن ثم منع السياح الروس الذين يمثلون العمود الفقري للسياحة في شرم الشيخ التي كان يعول عليها النظام المصري كرافعة لقطاع السياحة المنهار جراء سياسته الأمنية الفاشلة والتي لم تخف السياح فقط، وإنما أسست أيضا لحالة عزوف لدى المستثمرين الأجانب المتواجدين بالفعل أو من كانوا ينوون الاستثمار في مصر.
وإن كان الحال هكذا، فإن السؤال الذي يطرح نفسه: ما الذي أعاد الطيران ومن ثم السياح إلى مصر بعد ما يزيد عن السنتين؟ والإجابة تأتي في خبر أوردته صحف روسية عن أسرة روسية اختفت في مصر قسريا، تبعها باقي أفراد العائلة الذين حضروا إلى مصر للبحث عنهم ليصل عدد المخفين قسرا إلى ثمانية عشر فردا من بينهم ثمانية أطفال.
تكشفت الحكاية عندما أبدى أقارب المفقودين مخاوفهم بشأن سلامة وأمن أفراد أسرتهم، بعد أن بحثوا عنهم في مصر التي ذهبوا إليها للبحث عن ابنتهم التي انتقلت للعيش فيها هي وزوجها وأبنائها قادمين من تركيا في عام 2017.
في 12 آذار/ مارس الماضي اقتحم عشرة رجال مسلحين وملثمين شقة سكنات بيسلتنوفا في القاهرة، أم ستة أطفال لزوجها أحمد عليجيادجييف والذي طلقت منه قبل أشهر، والذي اختفى قسرا قبل اقتحام شقة بيسلتنوفا بأيام وهي لا تعرف.
وعلى الرغم من أنها مطلقة من عليجيادجييف إلا أن ذلك لم يشفع لها عند الأمن المصري لكي لا يعتقلها، ولم يكتف باعتقالها بل اعتقل أهلها الذين أقلقهم انقطاع أخبارها فدفعهم حظهم السيئ للذهاب إلى مصر بحثا عن ابنتهم.
عليجيادجييف والذي يعتقد أنه مرتبط بعلاقات سابقة بجماعة (إمارة القوقاز) وهي منظمة جهادية متشددة تنشط في جنوب غرب روسيا.
والتي سعت للتحرر من الوجود الروسي على أراضيها في شمال القوقاز، يعتقد أيضا أنه مثل عدد من المتطوعين من الشيشان وشمال القوقاز، سافر للقتال في سوريا، ومن ثم فهو مطلوب لدى المخابرات الروسية التي تسعى لتصفية المعارضة القوقازية و متعطشة لمزيد من المعلومات عن تلك الجماعات لاختراقها ومن ثم تحقيق مكاسب عليها في ظل حرب عصابات تشنها تلك الجماعات تسبب صداعا للقيادة السياسية والعسكرية الروسية.
وإن كانت أداة الاعتقالات و الإخفاء القسري التي اعتاد النظام المصري استخدامها، بعد انقلاب 3 يوليو، ضد المعارضين في الداخل، إلا أن اللافت أنه طور من هذه الأداة لتستخدم كورقة سياسية يتم اللعب بها سواء كورقة ضغط أو كعربون مودة للدول، فبعد اعتقال وترحيل طلاب الإيجور للصين والتي جاءت كعربون مودة قبل زيارة رأس النظام للصين ليعود منها باستثمارات متوقعة وعد بها.
والآن وبعد تكشف أمر الروس المعتقلين فإن الأمر لا يمكن أن يخرج عن سياق ما تم مع الإيجور وهو ما قبض ثمنه بعودة الرحلات الجوية الروسية إلى مصر، ضاربا بكل المواثيق الدولية وكذا المبادئ والأخلاق عرض الحائط، ليثبت صورته الذهنية لدى الشعوب كالنخاس الذي يمكن أن يبيع بنته من أجل أن يقبض الثمن.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس