ترك برس
تتباين آراء الخبراء والمراقبين حول أبعاد وتأثيرات تبادل الاتهامات بين تركيا وفرنسا بشأن الإخلال بالالتزامات التي أقرها مؤتمر برلين بشأن ليبيا، وسط رفض زعيم الميليشيات خليفة حفتر، التوقيع على أي اتفاق للسلام.
تركيا اتهمت فرنسا بالسعي للتحكم في موارد ليبيا الطبيعية، بتقديمها دعما غير مشروط للواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر، وأكدت أن استمرار هجماته بسبب هذا الدعم أكبر تهديد لسلامة ليبيا وسيادتها.
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد اتهم تركيا بالإخلال بتعهداتها التي اتخذتها في مؤتمر برلين بشأن ليبيا، من خلال نقل سفن تركية مرتزقة سوريين إلى ليبيا، على حد زعمه.
المحلل السياسي التركي يوسف آرم، قال إن "مصر والإمارات لم تلتزما باتفاق برلين وأرسلتا المزيد من الأسلحة إلى قوات حفتر، لاسيما المدفعية الثقيلة، فلماذا يهاجم ماكرون تركيا فقط؟".
وأضاف خلال برنامج على قناة الجزيرة القطرية أن فرنسا واليونان تمارسان سياسة رخيصة تجاه أنقرة، والقيادة التركية لا تأخذ هذه الاتهامات على محمل الجد.
ووفقا للمحلل التركي فإن التحالف بين فرنسا واليونان ضد تركيا مضحك للغاية، فالأخيرة منزعجة من اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين تركيا وحكومة الوفاق الليبية، بينما فرنسا تفكر فقط في السيطرة على الغاز والنفط الليبي.
بدوره أكد الكاتب والمحلل السياسي الليبي محمد بويصير أن الرئيس الفرنسي منزعج لأن التدخل التركي تسبب في إحداث توازن على الأرض بين قوات الوفاق وقوات حفتر، كما أن القوى الجوية لحفتر والدول الداعمة له أصبحت مقيدة بشكل كبير.
وقال بويصير "ليس صحيحا أن فرنسا لم تتدخل عسكريا لدعم حفتر، فقد فقدت 3 من ضباطها في المنطقة الوسطى بليبيا عام 2016، كما هرب ضباط مخابراتها من غريان إلى تونس بعد استعادة حكومة الوفاق السيطرة عليها من قوات حفتر، والعالم كله يعلم أنهم نقلوا صواريخ إلى حفتر وكانوا جزءا من الهجوم على طرابلس".
وشدد على أن استقرار الأوضاع في ليبيا لن يتم إلا بالحوار الحقيقي، ولكن حفتر بدعم من السعودية ومصر والإمارات وفرنسا يرفض ذلك ويصر على حكم البلاد عبر الدبابة.
في المقابل، قال الخبير في العلاقات الدولية فرانسوا شوفانسي إن "ماكرون على اطلاع بما يجري في ليبيا، وهو يرفض ما تقوم به تركيا التي ترسل مرتزقة سوريين إلى ليبيا، وقد قال سابقا إنه يدعم حكومة السراج، لكنه يقف على مسافة واحدة من المتنازعين".
وردا على سؤال: كيف يقول ماكرون إنه يدعم حكومة السراج ثم يقف على مسافة واحدة من كلا الطرفين؟ أجاب شوفانسي بأن فرنسا لديها موقف غامض بعض الشيء، فهي تعلن دعم حكومة الوفاق، لكنها في الوقت نفسه تقف على مسافة واحدة من طرفي النزاع.
ونفى أن تكون فرنسا تساند اللواء المتقاعد حفتر عسكريا أو تدعم هجومه على طرابلس، مؤكدا وجود تحالف إقليمي يدعم حفتر عسكريا ويضم الإمارات ومصر والسعودية.
واتهم شوفانسي الأتراك بأنهم يريدون وضع يدهم على الغاز والنفط الليبي وإجهاض مشروع الغاز بين اليونان وقبرص وإسرائيل، قائلا إن "تركيا اكتسحت سوريا وتحارب الأكراد، والآن تريد الوصول إلى ليبيا".
من ناحية أخرى، ناقش برنامج "الاتجاه المعاكس" على قناة الجزيرة، استمرار القتال في ليبيا بعد مؤتمر برلين، ورفض خليفة حفتر التوقيع على أي اتفاق، وتساءل: من يرفض السلام في ليبيا؟
كبير الباحثين في معهد بوتوماك للدراسات توفيق حميد إن حكومة الوفاق الليبية هي المسؤولة مسؤولية كاملة عن استمرار الحرب في ليبيا، لأنها تتعاون مع جماعات إرهابية في المنطقة، وقد ذهبت للسلام لتخفف من اعترافها بالهزيمة.
وأضاف خلال البرنامج أن اللواء المتقاعد خليفة حفتر يستعين ببعض المقاتلين الذي يقوم بإدارتهم وهو قادر على التخلي عنهم وإخراجهم في أي وقت، على عكس حكومة الوفاق التي تستعين بجماعات تريد المشاركة في الحكومة والحكم وهو أمر خطير.
وعن التدخل المصري والإماراتي في ليبيا قال حميد إن مصر لا تضمن أمنها القومي إلا مع حفتر، لأنه الأقدر على حماية ليبيا وحماية الحدود مع مصر، واصفا التدخل المصري بالمشروع.
بالمقابل قال الباحث في الشؤون السياسية والإستراتيجية محمود الرملي إن حفتر مجرم بكل المقاييس الدولية ولا يمكن مقارنته بالحكومة الشرعية المعترف بها دوليا، كما أن حفتر يتحرك بدعم إماراتي مصري سعودي، والذخائر التي تقتل الليبيين اليوم هي ذخائر مصرية وإماراتية.
وأضاف أن تقرير خبراء الأمم المتحدة يؤكد مشاركة طيران إماراتي ومصري بقصف الشعب الليبي، ولا يوجد في ليبيا جيش باسم جيش حفتر، ومن يقاتل معه هم مجموعة من المرتزقة بأموال إماراتية، والحل في ليبيا سيكون بدون حفتر، وجرائمه بحق الليبيين كثيرة وسيحاسب عليها.
وعن مشروعية التدخل التركي أكد الرملي أن ليبيا استغاثت بالعالم أجمع لوقف حمام الدم وإيقاف القتال لكن لم يستجب لها أحد، ومن ثم اتجهت إلى تركيا التي وافقت فورا على المساعدة، على عكس مصر والإمارات اللتين أرسلتا 23 طائرة بعد مؤتمر برلين لدعم حفتر.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!