ترك برس
جدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، تأكيده على ضرورة تغيير الدستور الحالي المكتوب من قبل الانقلابيين، بآخر مدني تتم صياغته بتوافق من قبل الأحزاب السياسية التركية.
تصريحات أردوغان جاءت في كلمة له خلال ندوة «دستور القرن التركي... الدستور المدني وتركيا القوية» التي عقدت في «مركز عدنان مندريس للمؤتمرات» في جزيرة الديمقراطية والحريات غرب إسطنبول، بمناسبة مرور 64 عاماً على انقلاب 27 مايو (أيار) 1960 ضد حكومة عدنان مندريس.
وأكد على أن تركيا ستشهد وضع دستور مدني جديد بالتوافق بين الحكومة والمعارضة يقضي على دساتير الانقلابات التي لم تعد تليق بـ«تركيا الجديدة».
ورأى إردوغان أنه سيكون «مصدر إحراج كبير للمؤسسة السياسية أن تمر الذكرى المئوية لتأسيس جمهوريتنا بدستور انقلابي... لا يمكننا أن نلحق هذا العار بأمتنا بعد الآن، اليوم تتمتع الديمقراطية التركية بالقوة والنضج اللذين تمكنانا من وضع دستور مدني جديد من خلال البرلمان الحالي».
وقال إردوغان: «بقاء تركيا مقيدة بالدستور الانقلابي الحالي الذي وضع في حقبة انقلابية أخرى عام 1982 وشدد من القيود على الديمقراطية التي فرضها دستور عام 1961 يغذي الشكوك حول نضج الديمقراطية، وقوض الثقة في المؤسسة السياسية، ويبقي شهية النخب وأنصار الوصاية على الشعب حية»، بحسب ما نقلته صحيفة "الشرق الأوسط".
ولفت إردوغان إلى أن «البلاد عانت العديد من المشكلات الناشئة عن الدستور الحالي، بدءاً من المناقشات المتكررة بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، وحتى التوترات التي ظهرت بين الهيئات القضائية العليا، وأنه لا يمكن الاستمرار في دستورنا الحالي، الذي رسم مدبرو الانقلاب إطاره، ولغته».
وأضاف: «لن نسمح لأحد بأن ينصب كميناً لديمقراطيتنا وإرادتنا الوطنية، كما أن الدستور الذي تم وضعه من دون مراعاة أفكار ومطالب وهموم الأمة ومن دون السعي إلى التسوية، أصبح مشلولاً منذ ولادته، وهو أقرب الآن إلى إحداث أزمة».
وذكر إردوغان أن حكومته هي الحكومة التي تعرضت لأكبر عدد من محاولات الانقلاب في التاريخ السياسي التركي «لأن أولئك الذين لم يتمكنوا من هضم ثورة الأناضول حاولوا بكل الطرق اغتصاب الإرادة الوطنية لمدة 22 عاماً».
وأضاف: «لقد انتهى عصر الانقلابات والمذكرات التحذيرية في هذا البلد، انتهت أيام الهندسة السياسية من خلال ملخصات الإجراءات ولوائح الاتهام والقتلة والمنظمات الإرهابية».
وتعهد إردوغان بالحفاظ على الموقف البناء والتصالحي حتى النهاية، مضيفاً: «وأعتقد أن محاورينا في المعارضة لن يصروا على إخضاع بلدنا وإلزامه بالدستور الانقلابي».
وفي حين كثف إردوغان الحديث عن إصراره على وضع دستور مدني ليبرالي جديد، عبر الحوار مع المعارضة، وبدأت بالفعل اتصالات لعرض مشروع الدستور الذي أعده حزب «العدالة والتنمية» الحاكم على هذه الأحزاب؛ أكد زعيم المعارضة رئيس حزب «الشعب الجمهوري»، أوزغور أوزيل، أنه يتعين على المواطنين، وليس الساسة، أن يقرروا ما إذا كانت هناك حاجة للدستور أم لا.
وقال أوزيل، في مقابلة صحافية الاثنين: «لا أرى المجتمع بحاجة إلى شيء إلا أن تحل مشكلاته الاقتصادية، الناس لا يقولون نحن بحاجة إلى دستور مدني عندما يكونون قلقين على الخبز والغذاء والعمل، السياسة أيضاً تتعلق بقراءة متطلبات المجتمع بشكل صحيح».
وأضاف: «لكي نتحد حول المثل الأعلى المشترك للدستور المدني، علينا أن ننظر إلى ما فعلناه بالدستور السابق، ماذا سيحدث لو وضعنا دستوراً جديداً عندما لا يتم احترام الدستور الحالي؟ أنا لا أقول: لن أضع دستوراً معك. إذا كنتم مستعدين لمناقشة الضمانات الدستورية بشكل كامل، فيمكننا الحديث».
فكرة الدستور المدني الجديد
ومنذ اللحظة الأولى لفوزه بولاية جديدة في مايو/ أيار 2023، أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على رغبة حكومته في تغيير الدستور الحالي للبلاد، والذي يعود إلى حقبة الانقلابات في القرن الماضي، بعد تعديلات كثيرة شابتها.
فكرة أردوغان حظيت بتوافق سياسي من حيث الإطار لدى أحزاب معارضة، وسط خلافات حول تفاصيل معينة.
وتتجه تركيا لتغيير دستوري سيتم نقاشه في البرلمان خلال الأشهر المقبلة، ما من شأنه أن يُسفر عن انتخابات مبكرة، وسط تكهنات بشأن أنه في حال أجريت هذه الانتخابات بعد عام 2026 سيكون للرئيس الحالي أردوغان فرصة للترشح من جديد، كون "الدستور التركي الجديد يَجُبُّ ما قبله"، أما حال فشله في تمريره، فقد تكون الولاية الحالية الأخيرة له.
ومن على شرفة القصر الرئاسي في العاصمة التركية أنقرة، أطل الرئيس التركي أمام حشد من مناصريه، في 17 أبريل 2017، محتفلاً بموافقة الشعب التركي على التعديلات الدستورية التي سمحت بتغيير نظام الحكم من برلماني إلى رئاسي، إذ تعهد حينها باتخاذ "إجراءات جديدة في المرحلة المقبلة"، إلا أن المرحلة التي تلت تلك الفترة ربما لم تكن كما يريدها أردوغان.
تغيير الدستور التركي ليس مطلباً لحزب العدالة والتنمية فحسب، بل إن أغلب الأحزاب السياسية التركية تطالب بذلك، وتدعو إلى كتابة دستور جديد يلغي الدستور العسكري المكتوب في عام 1982، لكن هناك خلافات بين الأحزاب على "ما سيتضمنه الدستور الجديد من مواد"، فاختلفت الآراء ما بين حزب الشعب الجمهوري العلماني المعارض، وحزب "يني رفاه" المحافظ، وبينهما أحزاب أخرى ذات مشارب وآراء وأيديلوجيات مختلفة، بحسب تقرير لموقع "الشرق".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!