ترك برس
تناول تقرير لشبكة الجزيرة القطرية انعكاسات المشاكل الاقتصادية في تركيا على أداء فريضة الحج من قبل المواطنين في السنوات الأخيرة.
وقالت الجزيرة إن الحجاج الأتراك وصلوا إلى الأراضي المقدسة، مساء الاثنين الماضي، بوصول الفوج الأخير إلى مكة المكرمة، في لحظات مفعمة بالخشوع والإيمان، بعد أن بدأت رحلتهم بانطلاق أول فوج في التاسع من مايو/أيار الماضي.
وكان رئيس الشؤون الدينية، علي أرباش، قد أعلن أن هذا العام سيشهد أداء نحو 85 ألف مواطن فريضة الحج، تشكل النساء 53% منهم، بينما يشكل الرجال 47%، بمتوسط عمر يبلغ 60 عاما، مما يعكس التفاني الكبير والتطلع الروحي لهذه الفريضة المباركة.
يُذكر أن عدد الحجاج الأتراك في العام الماضي بلغ 83 ألفا و430 حاجا، مما يشير إلى استقرار الأعداد وعدم وجود فرق كبير بين العامين. بحسب الجزيرة.
وبلغ عدد المتقدمين للحج الذين ينتظرون دورهم في تركيا في الفترة ما بين 2007-2024 نحو 2.47 مليون.
وتتراوح كُلفة الحج من تركيا لعام 2024 سواء كانت ضمن الرحلات التابعة لرئاسة الشؤون الدينية التركية، أو لشركات السياحة والسفر ما بين 6600 دولار حتى 7800 دولار للشخص الواحد، في حين ترتفع التكلفة بإضافة بعض المميزات للرحلة كمكان الإقامة.
وأعلنت رئاسة الشؤون الدينية التركية تكثيف جهودها لضمان أداء المواطنين فريضة الحج بأفضل طريقة ممكنة، مشيرة إلى أنها تعمل على تحويل فريضة الحج إلى عملية إرشاد متكاملة، إذ خصصت فريقا من 76 عالما متخصصا و430 مرشدة دينية من النساء، بالإضافة إلى 378 رئيس قافلة و1736 إماما لتقديم الإرشاد والتوجيه للحجاج خلال رحلتهم.
من جانبه، أعلن رئيس الشؤون الدينية، علي أرباش، أن متوسط أعمار الحجاج هذا العام بلغ 60 عاما، مشيرا إلى أن أكبر الحجاج هي سيدة من ولاية ديار بكر وتبلغ من العمر (114 عاما)، بينما أصغرهم طفل لم يتجاوز عمره 24 يوما.
وأوضح أن 7 من المواطنين الأتراك توفوا حتى الآن بعد وصولهم للأراضي المقدسة لأداء فريضة الحج لأسباب مختلفة.
وشهد مطار أسن بوغا في العاصمة التركية أنقرة، في 13 مايو/أيار الماضي، افتتاح مشروع "طريق مكة" الذي يتيح للحجاج الوافدين إلى الأراضي المقدسة من المطار التركي الوصول إلى فنادقهم مباشرة من دون المرور بإجراءات مطارات السعودية.
وفي هذا السياق، أكد السفير السعودي لدى أنقرة، فهد أسعد أبو النصر، أن هذه المبادرة تمثل نقلة نوعية في تحسين تجربة الحجاج، إذ تتيح لهم إنهاء إجراءات السفر كاملة في مطار المغادرة، ومنها الإجراءات الجمركية وختم الجوازات والفحوصات الصحية، مما يجعل وصول الحجاج إلى المملكة وكأنهم في رحلة داخلية ضمن مطار محلي، حيث يجدون أمتعتهم متوفرة في الفندق عند وصولهم.
تراجع عدد الأشخاص الذين سجلوا للحج هذا العام بصورة ملحوظة، إذ بلغ 135 ألفا و421 شخصا مقارنة بـ221 ألفا و916 شخصا في العام الماضي 2023، مما يعكس تراجعا في الإقبال على التسجيل للحج.
وتواجه تركيا أزمة اقتصادية ألقت بظلالها الثقيلة على المواطنين، إذ سجل معدل التضخم ارتفاعا حادا بلغ 75.5% على أساس سنوي في مايو/أيار الماضي، مع استمرار تدهور قيمة الليرة التركية.
وفي ظل هذه الأوضاع المتفاقمة، شرعت الحكومة باتخاذ إجراءات حاسمة لمعالجة الأزمة، أبرزها تبني سياسة التشديد النقدي التي تم تطبيقها منذ نحو عام، كواحدة من خطوات تأتي في إطار جهود مكثفة لاستعادة الاستقرار الاقتصادي والحد من تبعات التضخم على الحياة اليومية للمواطنين.
ورغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها المواطنون الأتراك، لا يزال الإقبال على أداء الشعائر الدينية قويا، فقد بلغ عدد الأتراك الذين أدوا مناسك العمرة العام الماضي 406 آلاف شخص، مما يعكس حرصهم على الحفاظ على التقاليد الدينية رغم التحديات الاقتصادية الراهنة.
أما عن العام الجاري، فأوضح طلحة يال، مدير شركة البركة للحج والعمرة، للجزيرة نت، أن الأتراك الذين يسجلون للحج عادة ما يحتفظون بأموالهم المخصصة للحج، أو يبدؤون بجمعها منذ سنة تقديمهم للطلب، مما يخفف عنهم العبء المادي.
وأضاف أنه بالنظر إلى تكاليف الحج بين العام الماضي والحالي، يمكن ملاحظة انخفاض الأسعار إذا تم حسابها بالدولار، لكن عند حسابها بالليرة التركية نجد أن التكلفة ارتفعت بما يتراوح بين 50 إلى 70 ألف ليرة تركية. وهو ما يشكل عائقا كبيرا أمام غالبية المواطنين الأتراك الذين يعتمدون في دخلهم على الليرة التركية.
وأشار إلى أن التأثير الاقتصادي على الحجاج بات واضحا من خلال انخفاض أعداد المتقدمين للحج مقارنة بالسنوات الماضية، مما يعني أن حتى التفكير في تقديم طلب الحج هذا العام والبدء في جمع المبلغ المطلوب أصبح أمرا صعبا للغاية.
ولفت يال إلى أن الإقبال على أداء مناسك العمرة لم يتأثر بشكل كبير بالأزمة الاقتصادية، إذ تتراوح تكلفة العمرة للعام الحالي بين 1280 و1560 دولارا.
وفي السياق، أعربت فاطمة كايا، التي تم اختيارها للحج ضمن قرعة عام 2024، عن حزنها العميق لعدم قدرتها على تغطية التكاليف المطلوبة لأداء مناسك الحج.
وفي حديثها للجزيرة نت، أوضحت كايا أنها كانت تنتظر بفارغ الصبر اليوم الذي يحين فيه دورها للذهاب إلى الحج منذ 3 سنوات، لكن الظروف المالية كانت أقوى من محاولاتها للتغلب عليها.
وأضافت "أعيش مع زوجي، ونحن كلانا متقاعد، ولا يتجاوز راتب كل منا 10 آلاف ليرة (300 دولار). كنا نحاول جمع المال على أمل أن يكفي للذهاب للحج عند وصول دوري، لكن ما جمعناه لم يكفِ حتى نصف المبلغ المطلوب."
وألقت كايا باللوم على الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعاني منها البلاد بشكل عام، معبرة عن أملها في أن تتحسن الظروف في العام القادم، مما يمكنها من تحقيق حلمها بالذهاب إلى الأراضي المقدسة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!