ترك برس

رأى الكاتب والخبير التركي سلجوق تورك يلماز، أن تزايد انتشار الأفكار المعادية للمسلمين في أوساط اليمين المتطرف في أوروبا، وتزايد الهجمات التي تستهدف المسلمين يوماً بعد يوم، تشير إلى وجود توجه أيديولوجي عميق.

وقال تورك يلماز في مقال بصحيفة يني شفق إن هذا التوجه يستدعي منا إعادة النظر في التصريحات التي تزعم أن "العالم الغربي، أي العالم المسيحي واليهودي، يخوض حرباً وجودية ضد البربرية. ويبدو أن هذه الفكرة تلقى رواجاً كبيراً في دول أوروبا الغربية، خاصة في المملكة المتحدة، وفي الولايات المتحدة كذلك.

وأوضح أنه بالنسبة لهم، تمثل إسرائيل الجبهة الأمامية للحرب العالمية الجديدة. ولأن الصهاينة يدركون هذه الحقيقة، فإنهم يبذلون جهوداً دعائية مكثفة لإيصال فكرة أن خسارة إسرائيل تعني خسارة الحضارة الغربية. وهذا هو السبب الرئيسي وراء الدعم غير المشروط الذي تتلقاه إسرائيل الصهيونية واستعمارها الاستيطاني من الغرب.

وتابع المقال:

يجب أن نوضح بشكل صريح أن الأنجلوسكسونيين، بشكل خاص، لا يولون أي اهتمام بالمأساة الكبرى التي يعيشها الفلسطينيون. وأن الدعاية التي تزعم أن الدول الغربية، تهتم بقضية فلسطين أكثر من المسلمين، كما يتم الترويج لها في دول مثل تركيا، هو مجرد وهم خطير. إنهم يريدوننا أن نعتقد أن "انتقاد الغرب ليس له معنى، فهم يهتمون بقضية فلسطين أكثر منا"، وهذا كل ما في الأمر. فعباراتهم التي تبدأ بـ " كل العالم الإسلامي.." تهدف إلى صرف انتباهنا إلى اتجاهات أخرى، وعن حقيقة أن الدول الغربية، ولا سيما المملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا وهولندا والولايات المتحدة، تدعم بشكل صريح التوسع الاستيطاني الإسرائيلي، وتتحرك البيروقراطية وفقاً لهذا الدعم. هذا الدعم له تأثير كبير على الرأي العام لا يمكن تجاهله. إضافة إلى ذلك منذ انهيار العالم ثنائي القطب على الأقل، ظهر عداء مستمر تجاه العالم الإسلامي في الغرب. وحتى في المظاهرات المؤيدة لفلسطين التي تزداد حدة قبل بدء فصل الصيف في الجامعات، يبدو أن الفلسطينيين هم الأكثر تضررًا. يجب أن ننتقد بشدة هذه الادعاءات التي تحاول تحميل العالم الإسلامي المسؤولية وإلقاء كل اللوم عليه.

ونظرًا لأنهم يدرجون الاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي ضمن إطار "حضارة الغرب التي تحارب البربرية"، فإن الأنجلوسكسونيين، على وجه الخصوص، يقدمون تصعيد الهجمات المتزايد على مدى أحد عشر شهرًا على أنه صراع حضاري. وتشاركهم في هذا التوجه دول أخرى أيضًا. ولا شك أنهم سيؤيدون العملية الجديدة التي بدأت في الضفة الغربية، والتي تتمثل في تهجير المدنيين بسبب الإرهاب الاستيطاني. ومن غير المجدي بالنسبة لي أن نرد على هذه الهجمات التي يعتبرونها "حربا ضد البربرية" بتصريحات تقول: "أنتم البربريون الحقيقيون". لقد شعرت بهذه العبثية عندما سمعت تصريحات شخص احتجاجًا على وزير الخارجية الأمريكي بلينكن بعد الهجمات المروعة التي شنّها الكيان الصهيوني على غزة في 7 أكتوبر، حيث وصف بلينكن بأنه "قاتل أطفال". وبالمثل، فإن وصف الأفعال التدميرية لإسرائيل بالبربرية والوحشية لا يبدو ذا مغزى ولا طائل منه. وفي الآونة الأخيرة تصلنا أخبار مروعة من غزة، حيث تكشف جثث الأطفال القتلى المستخرجة من تحت الأنقاض عن حقيقة مرعبة، وهي وجود آثار الرصاص في رؤوسهم، ما يدل على أنهم قتلوا عمداً بالرصاص. للأسف هذه هي نتيجة "حرب الحضارة الغربية ضد البربرية".

أما عن الاتهامات الموجهة للعالم الإسلامي، فلا بد من تناولها من زوايا أخرى. من الواضح أن الأنماط الجاهزة لم تعد تجدي نفعاً. عبارات مثل "جمود العالم الإسلامي، وانعدام روح الوحدة، وعلينا أن نبحث عن الأخطاء في أنفسنا" لا تقدم حلاً حقيقياً. هذه الأفكار وما شابهها لا تحمل في طياتها أي تحفيز حقيقي. ولا أدري إلى أي مدى أدرك أولئك الذين كانوا يحكمون في الماضي على أساليب المقاومة الفلسطينية من منظور ديني، حقيقة وحجم ما حدث في 15 يوليو. ولكن يمكننا القول إن المناطق التي اختارت الصراع مع الغرب في العالم الإسلامي اكتسبت خبرة بالغة. ويجب علينا أن نأخذ بعين الاعتبار الانعكاسات النفسية لهذا الصراع. وما عدا ذلك فلا داعي لتقييمها. ويمكننا أن نقوم بتصنيف المناطق التي اشتهرت بمقاومتها للاستعمار والإمبريالية، ودراستها بشكل منفصل. أما المقاربات الأخرى فهي مجرد أعذار ومضيعة للوقت.

يجب علينا أن نولي اهتمامًا بالغاً بمفهوم "صراع الحضارة الغربية مع البربرية" ولكي نفهم حرب الحضارة الغربية ضد البربرية بشكل أعمق، يجب أن نعود إلى تاريخ الهنود الحمر (الأمريكيين الأصليين). فأحفاد المستوطنين في أمريكا الشمالية لا يزالون يكرهون الأمريكيين الأصليين. وهذا أمر مثير للاهتمام. فمن لا يرى هذا الكراهية لن يفهم سبب كراهية المستوطنين الصهاينة للفلسطينيين.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!