توران قشلاقجي - القدس العربي
يجب علينا كمسلمين وكشعوب في العالم، أن نقول شكرا (!) لك يا نتنياهو، لأنك؛
أظهرت لنا أن القوة الحقيقية التي تقف وراء الحرب في غزة هي الولايات المتحدة، وكشفت أن الدول العربية والإسلامية تخضع للوصاية الأمريكية، وأفشيت أن المؤسسات الدولية مثل الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي مكبلة اليدين، لقد أثبت أنه لا وجود لما يسمى «محور المقاومة» وأن المصالح هي الأهم، وكشفت للعالم أجمع مدى الوحشية التي يتعرض لها الفلسطينيون منذ 75 عاما، فضحت السياسيين والتجار والكتّاب المؤيدين للصهيونية بيننا، وأظهرت أن الصهيونية أكثر وحشية حتى من النازيين وهتلر. كما أنك أثبت أن الجيش الصهيوني هو الأكثر وحشية وفجوراً في العالم، وكشفت عدم اعتراف الصهيونية بقانون الحرب بقصف المستشفيات ودور العبادة والمدارس. أظهرت أن الصهيونية في الواقع لا تحمل أي قيم أخلاقية حتى تجاه أسراها، وأثبت أن أفقر شعوب العالم يمكنه أن يهزم أقوى الجيوش بفضل إيمانه، وأظهرت للعالم كله أنك عدو للحقيقة والحرية من خلال قتل الصحافيين.
شكرا نتنياهو (!) لأنك؛
أظهرت لنا مدى نبالة وشهامة وتضحية المقاومة الفلسطينية، وكشفت لنا أن شعوب العالم تقف إلى جانب المقاومة الفلسطينية، أوضحت لنا أن المشكلة الحقيقية في العالم هي الصهيونية والإمبريالية، وأظهرت لنا أن قصة الهولوكوست تظل أقل فجاعة من المأساة التي يعيشها الفلسطينيون. لقد ذكّرت المسلمين بأن الحياة من دون جهاد ذل، وأبرزت للعالم أن الشعب اليمني هو شعب أصيل ونبيل وقدوة للآخرين، ذكّرت الشباب الواقعين في مستنقع اللامعنى والعدمية في العالم بأهمية الإيمان، كما أظهرت للدول الإسلامية مدى أهمية التسلح، أكدت للشعوب المسلمة ضرورة التحرر من حدود سايكس- بيكو وكشفت أن الدول الإسلامية تفتقر إلى القيادة والحماية. لقد ذكّرت بأن القضية الفلسطينية تمثل أولوية بالنسبة للمسلمين والعالم بأسره، وأن الوقت قد حان لكي تتحد شعوب العالم كله ضد الصهيونية والإمبريالية، وقضية فلسطين ليست فقط قضية العرب والمسلمين وإنما هي قضية جميع شعوب العالم.
ماذا يتعين علينا القيام به من أجل فلسطين الآن؟
لقد حان الوقت لتعريف الصهيونية مجددا على أنها عنصرية وفاشية في الأمم المتحدة، حان الوقت لمحاكمة نتنياهو وغيره من القادة الصهاينة في محكمة العدل الدولية.. حان الوقت لنكشف أن دولة إسرائيل هي في الواقع مشروع بريطاني وأمريكي، كما حان الوقت لكي نفضح استخدام اليهود في هذا المشروع باعتبارهم أرخص مرتزقة، حان الوقت لإقامة دولة فلسطين المعترف بها من قبل 145 دولة على وجه السرعة. حان الوقت لنشرح للعالم هول الإبادة الجماعية في غزة من خلال الوثائق والكتب والوثائقيات والأفلام. حان الوقت لمقاطعة جميع الشركات والدول الداعمة لإسرائيل بشكل دائم، حان الوقت لتحويل «طوفان الأقصى» إلى «طوفان عالمي» عظيم من أجل ضمان حرية الأمة الإسلامية والعالم، حان الوقت لأن تقدم شعوب العالم كافة الدعم المادي والمعنوي للشعب الفلسطيني.
وفي الختام، ينبغي ألا ننسى أن سيدنا إبراهيم (عليه السلام) غيّر العالم بمفرده، وتعرض أصحاب الأخدود للقتل بطريقة جماعية، لكن في النهاية انتصرت قضيتهم. لذلك، علينا أن نعلم بأن النضال ضد الصهيونية والإمبريالية لإحلال السلام والطمأنينة في العالم سيكون طويلا وصعبا. ويجب أن نقوم بالاستعدادات وفقا لذلك. وكما بدأ سيدنا نوح (عليه السلام) في بناء سفينته قبل الطوفان بسنوات، يجب علينا أن نخطط لنضالنا على هذا الأساس. وعلينا أن نعلم بأن «طوفان الإنسانية» المحتمل سيكون خلاصاً للبشرية جمعاء..
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس