
ترك برس
أكد الرئيس التونسي الأسبق، محمد المنصف المرزوقي، أن الأمة التركية، والأمة العربية، والأمة الإيرانية، يجب أن تتوحد ضد الغطرسة الإسرائيلية في المنطقة.
وقال المرزوفي: "كلنا على قائمة الطعام، العرب، وحتى الأتراك. إسرائيل لا تخشى شيئا من تركيا إلا احتمال ردعها، بعد أن حُيّدت مصر تماما، وأدخلتها في منطق الاستسلام الكامل لتل أبيب وواشنطن".
وأشار المرزوقي في تصريحا لصحيفة "عربي21"، أن الهجوم الإسرائيلي على إيران يُعد امتدادا لاستراتيجية رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، للبقاء في السلطة، مشيرا إلى أن "نتنياهو وجد في الحرب خيارا أكثر قبولا لدى الشارع الإسرائيلي المتطرف مقارنة بمجزرة غزة، وهو ما يمكنه مؤقتا من تجنّب السقوط ودخول السجن"، لافتا إلى أن "إسرائيل باتت في حالة غطرسة نووية لا تجد أحد في المنطقة يتصدى لها بشكل حاسم".
وأضاف، أن نتنياهو يعتبر هذا التوقيت "فرصة لا تُعوّض" بوجود دونالد ترامب على رأس الإدارة الأمريكية الحالية، لتحقيق حلم قديم يتمثل في "منع إيران من أن تصبح مثل إسرائيل قوة نووية في الشرق الأوسط، بما ينهي احتكار الأخيرة لورقة التخويف وإخضاع شعوب المنطقة".
وعن تأثير الضربات الإسرائيلية على إيران، رأى المرزوقي أن "طهران كانت تتوقع الضربة وتُعدّ لها مسبقا"، مُشدّدا على أن لديها ما لا تملكه إسرائيل: "العمق الجغرافي وحجم المساحة".
وأوضح أن إيران "تستطيع توزيع قواها وجهدها على مساحة واسعة يستحيل السيطرة عليها، بينما كل بيض إسرائيل في سلة صغيرة، أي منطقتي حيفا وتل أبيب، ما يجعلها أكثر عرضة للإيذاء، كما رأينا في الليالي الأربع الأولى للحرب".
وفيما يتعلق بأهداف إسرائيل من الحرب، قال المرزوقي إن "الاحتلال يدرك جيدا ارتباط إسقاط النظام الإيراني بالقضاء على برنامجه النووي، ويسعى لتكرار تجربة الأمريكيين مع النظام العراقي الذي ترأسه صدام حسين"، لكنه استدرك قائلا: "هناك فرق هائل؛ فلا أحد يتصور أن أمريكا ستشنّ هجوما بريا على إيران من أجل عيون إسرائيل، والاعتماد على ثورة شعبية تطيح بالنظام الإيراني يبدو بعيد المنال حاليا؛ إذ نرى العكس تماما، من حيث التفاف الشعب الإيراني حول قيادته".
وبشأن ما إذا كانت إسرائيل أصبحت بالفعل "سيدة المنطقة" كما يزعم البعض، قال المرزوقي إن "الاحتلال يسعى لذلك بالفعل، لكن مطامحه أكبر بكثير من حجمه وقدراته الحقيقية"، مضيفا: "لقد أصبحت هذه الدولة المارقة في وعي كل شعوب المنطقة خطرا داهما على الأمن القومي العربي، والإيراني، والتركي"، مؤكدا أن المنطقة "تحكمها منذ مئات السنين هذه الأمم الثلاث، ولن يغيّر في الأمر دخيل طارئ، بل سيحشد ضده بحماقاته كل شعوب المنطقة".
وأكد أن "إسرائيل اليوم في حالة غطرسة نووية، وتتصور أنها قادرة على وضع كامل منطقة الشرق الأوسط تحت إرادتها، باعتبارها القوة النووية الوحيدة في المنطقة"، مشيرا إلى أن الاحتلال "يريد أن تعيش شعوب المنطقة تحت رحمة القنابل والغطرسة الإسرائيلية، وهو أمر لا يمكن قبوله بتاتا".
وشدّد الرئيس التونسي الأسبق، على أن "كل شعوب المنطقة باتت تدرك جيدا أننا أمام مشروع استعماري توسّعي واضح"، قائلا: "هم يتوسعون في لبنان ويسعون في سوريا، أما الضفة الغربية فقد أصبحت في نظرهم جزءا أصيلا من إسرائيل، ومَن يقول غير ذلك لا يقرأ الخريطة كما ينبغي".
مواجهة إسرائيل بقوة
وأردف: "هم يضربون إيران حتى لا تُشكّل خطرا نوويا، لأنهم يريدون أن تبقى إسرائيل القوة المسيطرة على المنطقة بصفتها القوة النووية الوحيدة، وبالتالي لا تدخل في أي محاولات للعيش أو التفاهم المشترك، بل تريد السيطرة والاستعلاء، وهذا ما يجب أن نواجهه بكل قوة".
وفي تقييمه للمواقف العربية والدولية من الحرب بين إيران وإسرائيل، أشار المرزوقي إلى أن "كل الدول تشعر بقلق شديد من احتمال توسع الحرب وامتداد أجلها وأثرها الكارثي على الاقتصاد"، متوقعا أن تكون "جهود تطويق الحريق الحالي أقوى من الموقف المخزي تجاه مذبحة غزة المستمرة للشهر الـ20 على التوالي".
ولدى سؤاله عمّا إذا كان تواطؤ المجتمع الدولي وغض الطرف عن الاحتلال والإبادة في فلسطين قد أوصل إسرائيل إلى هذا التوغّل، أجاب المرزوقي إن "أهم عامل هو موقف الدول العربية التي لها علاقات بإسرائيل"، موضحا أنه "لو أن مصر ضربت بشكل جاد على الطاولة وقالت: إما نهاية المجزرة أو نهاية التطبيع، لتوقفت إسرائيل على الفور؛ لأنها لا تخشى شيئا قدر تجدّد جبهة عربية رافضة لها، لكن السيسي ليس لديه هذه القدرة، ولا الشجاعة، ولا الإرادة".
ولم يستبعد المرزوقي اتساع نطاق الصراع ليشمل باكستان، قائلا: "يبدو لي أن باكستان بدأت تنظر لما يجري كتهديد مؤجل؛ فهي الدولة المسلمة الوحيدة التي تملك السلاح النووي، وتحالف إسرائيل والهند ليس وليد الأيديولوجيا فقط".
وواصل حديثه قائلا: "الأمة التركية، والأمة العربية، والأمة الإيرانية، يجب أن تتوحد ضد هذا الخطر الداهم"، مؤكدا: "كلنا على قائمة الطعام، العرب، وحتى الأتراك. إسرائيل لا تخشى شيئا من تركيا إلا احتمال ردعها، بعد أن حُيّدت مصر تماما، وأدخلتها في منطق الاستسلام الكامل لتل أبيب وواشنطن".
وأشار الرئيس التونسي الأسبق، إلى أن "إسرائيل ستسعى لاحقا للتطبيع مع كل مَن يقبل بالاستسلام والخضوع لها، ثم ستتجه فيما بعد إلى تركيا، لأن الأخيرة هي القوة الوحيدة التي يمكن أن تضع حدا لهذه الغطرسة، وقد تكون سوريا، لا قدر الله، ساحة المواجهة بين الطرفين".
وأشاد المرزوقي بما ورد على لسان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأن إسرائيل تمثل أكبر تهديد لأمن المنطقة، وإيقافها ضروري لخفض التوتر، قائلا: "أنا أتفق تماما وأثني على هذا الموقف، لأن قناعتي المطلقة أن إسرائيل أصبحت تُشكّل خطرا كبيرا وفادحا على الأمن القومي العربي، والإيراني، وحتى التركي".
الطبع يغلب التطبع
وفي سياق آخر، علّق المرزوقي على منع السلطات المصرية دخول متضامنين مع غزة إلى القاهرة، قائلا: "ناشدت السلطات المصرية للسماح بهذا التضامن الرمزي، لكن ما بالطبع لا يتبدل، والطبع هنا هو الخيانة والعمالة التي نراها واضحة في سلوك السلطات المصرية للأسف".
ورأى أن ما تريده السلطات المصرية هو "البقاء في السلطة"، متسائلا: "لكن هل السيسي متأكد أن خيار القمع والاستبداد وحصار غزة سيعينه على ذلك، دون أي مراعاة للغضب المتنامي داخل الشعب المصري؟، لا أعتقد ذلك مطلقا".
واستطرد قائلا: "هناك غضب متنامٍ داخل الشعب المصري، وداخل صفوف الجيش المصري، الذي يعلم أن إسرائيل تحتقره بزعم أنه لا يستطيع أن يتحرك، وهناك أيضا غضب في العالم العربي كله، بل وفي العالم أجمع، لأن هؤلاء المتضامنين يُمثلون دولا وبرلمانات ومؤسسات، وهو ما سيساهم في تغيير المعادلة الحالية يوما ما".
وتابع: "تعامل الحكومة المصرية مع قوافل التضامن مع غزة هو رسالة واضحة ومباشرة إلى الإسرائيليين: افعلوا ما تريدون، ولا تهتموا، وكونوا مطمئنين تماما من جانبنا، ولا يوجد شيء يمكن أن يوقف الجرائم الإسرائيلية التي لن نتصدى لها كما أننا لن نسمح لأحد بالتنديد بها من على أراضينا".
وكانت السلطات المصرية قد أوقفت أكثر من 200 ناشط أجنبي من جنسيات مختلفة لدى وصولهم إلى مطار القاهرة أو في فنادقهم، على خلفية مشاركتهم في "المسيرة العالمية إلى غزة"، وفق تصريحات سابقة للمتحدث باسم المسيرة سيف أبو كشك.
وخلال الأيام القليلة الماضية، توالت مبادرات لكسر الحصار عن غزة، وقطع العلاقات مع إسرائيل وحكومة بنيامين نتنياهو –المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية بتهمة الإبادة الجماعية– احتجاجا على العدوان على غزة.
نظام السيسي هو الخاسر
وأضاف المرزوقي أن "السلطات المصرية لن تربح شيئا من هذا السلوك المشين، بل ستخسر كل شيء"، مشيرا إلى أن "الرابح الوحيد من هذه العملية هو إسرائيل، والخاسر هو النظام المصري الذي سيفقد كل شيء، والخاسر الأكبر هي القضية الفلسطينية".
واعتبر المرزوقي أن هذا الموقف "يخدم فقط إسرائيل، وهو ضد مصلحة النظام المصري ومصلحة مصر والعرب"، مضيفا: "إذا كنت تعتبر (السيسي) أن وجودك في السلطة مرهون برضى إسرائيل، فلك ذلك، لكن سترى عما قريب أن الفاتورة التي سيقدمها لك الشعب المصري والعالم الحر ستكون قاسية جدا".
وقال المرزوقي إن "البركان الذي يجلس على صفيحه هذا الحاكم المستبد (السيسي) لن يتيح لأي نظام مهما بلغت قسوته أن يواصل البقاء ضد إرادة الشعب"، مردفا أن في "النظام السوري العبرة والعظة، وهو ما لا يريد السيسي أن يفهمه بسبب غبائه اللامتناهي".
وأكد أن المأساة التي تشهدها غزة ما كانت لتقع لولا "الحصار المصري على القطاع". وقال: "من المضحك أن نقول إن إسرائيل هي التي تحاصر غزة؛ فهي لا تملك إلا ثلاثة منافذ، بينما المنفذ الرابع -معبر رفح- هو بيد مصر، وبالتالي نظام السيسي هو الذي يحاصر غزة وليس إسرائيل".
وأضاف: "هل كانت غزة مُحاصرة في عهد الرئيس الشهيد محمد مرسي؟ طبعا لا. ولو بقي مرسي -أو أي حاكم ديمقراطي آخر يستمع إلى شعبه- لما كانت غزة مُحاصرة أصلا. يستحيل أن تكون غزة عرفت هذه المأساة لو كان مرسي حيّا"، مُشدّدا على أن "انفجار 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 كان سببه الحصار الخانق الذي دام عشر سنوات ضد غزة".
وأكمل: "لو كان هناك حاكم ديمقراطي في مصر، لما انفجرت غزة. السبب بسيط: لم تكن لتُحاصر بهذا الشكل البشع، وكان سيبقى دائما معبر رفح مفتوحا لدخول الطعام والوقود وخروج الجرحى والتواصل بين العائلات".
يُشار إلى أن معبر رفح يُعدّ المنفذ الوحيد غير الإسرائيلي لقطاع غزة، وهو موقع حساس يترقب العالم تحركاته، خاصة في ظل الأوضاع الإنسانية والسياسية هناك.
وزاد المرزوقي: "أنا أحمّل مسؤولية الكارثة الموجودة ومسؤولية انفجار 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 للنظام المصري. هو الذي يحاصر غزة وليست إسرائيل، ويجب أن نردد هذا بكل وضوح".
وأكد أن "الحصار لن يُرفع عن غزة إلا إذا رفع النظام المصري يده عن الحصار"، متابعا: "لو أفقنا غدا على حكم ديمقراطي في مصر، ستُفتح كل المعابر وتنتهي المأساة وتصل كل الإغاثات".
ورأى الرئيس التونسي الأسبق، أن السماح بدخول قوافل الإغاثة إلى القاهرة كان بمثابة "آخر فرصة للنظام المصري ليكفر عن ذنوبه المتراكمة"، مُشدّدا على أنه كان يمكن أن يُشكّل ضغطا على إسرائيل..
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!