هشام سراي - خاص ترك برس
في الفترة الممتدة بين 1973/1982 ترأس الشاعر الراحل محمود درويش مجلة الشؤون الفلسطينية وترأس مركز الأبحاث التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية وأسس بعدها مجلة الكرمل، القصد أن الشاعر عاش في بيروت مرحلة مهمة من حياته وحياة لبنان بصفة خاصة والتي عاشت في هذه المرحلة تحت وطأة الحرب الأهلية والحصار الذي فرضه أرييل شارون على بيروت وضواحيها والذي انتهى بمجازر صبرا وشتيلا، في هذه المرحلة بالذات كتب الراحل قصيدة يمجد فيها الصمود الفلسطيني والعربي أمام الحصار الصهيوني تحت عنوان "سقط القناع"، وقد تغنى بهذه القصيدة الكثير من الفنانين اللبنانيين خاصة الذين تربطهم علاقات وثيقة بحزب الله، ربما ظن كثيرون أن هذه القصيدة هي مدح خالص من شاعر الثورة الفلسطينية لحزب الله في حين أن القصيدة كتبت قبل تأسيس الحزب بثلاث سنوات.
الشاهد من هذا الكلام أن القصيدة التي كتبت في حصار أرييل شارون قبل أكثر من ثلاثين سنة قد نسقطها اليوم على حصار حزب الله على مضايا والفوعة والزبداني، حزب الله العدو التاريخي لأرييل شارون وإسرائيل هو اليوم يسير على خطاها ويفرض حصارا خانقا على أبناء سوريا، قناع حزب الله سقط عندما دخل المعترك السوري كعدو للشعب السوري مرة، وسقط قناعه اليوم وهو يحاصر مضايا ويترك شبابها وشيبها يموتون جوعا، ألف مرة، أغلب أبناء الضاحية الجنوبية وربما جميعهم اليوم يقفون في صف قائدهم الهمام حسن نصر الله وليس هناك إشكال في إرسال المزيد من المجاهدين إلى سوريا من أجل رفع راية الإسلام والسير إلى القدس.
أبناء الضاحية الجنوبية الذين ينسون أنهم كانوا في 2006 ضيوفا على هذه البلدات معززين مكرمين، آلاف الأسر والعوائل التي استقبلها ابناء مضايا والفوعة والزبداني بكل الحب والكرم وتحت شعار الإسلام والأخوة والعدو المشترك، أبناء مضايا والزبداني ربما لم يقرؤوا يومها عن الطائفية ولا عن ثارات الحسين وكربلاء ولا عن مشروع ولي الفقيه، أبناء مضايا لم يعرفوا يومئذ أن أبناء أصفهان وطهران وقم أقرب دينا ودما وعرقا إلى أبناء الضاحية الجنوبية، وهاهم اليوم يتعلمون دروسا كثيرة من الذين أكرموا وفادتهم بالأمس.
إن أعظم درس نتعلمه من هؤلاء أن الذين دمروا ديارهم بإيديهم فلن يرحموا ديار غيرهم، أليس حزب الله هو الذي صنع من لبنان البلد الصغير الجميل حانة كبيرة يحق للثري والقوي فيها ما لا يحق لغيره من مرتادي الحانات، أغلب الإغتيالات التي نفذت في لبنان منذ تأسيس حزب الله كان مصدرها من الضاحية الجنوبية ففي 1985 اغتيل العقيد سليمان المظلوم قائد قاعدة رياق الجوية، وفي العام نفسه جاء اغتيال الملازم أول جورج شمعون في المدينة نفسها بعد أشهر ثم اغتيل العقيد ميشال زيادة رئيس أركان اللواء الأول وأيضا في مدينة رياق عام 1986، واستهدف التنظيم أبرز قيادات الجيش اللبناني التي كانت أهدافا استراتيجية له فإضعاف المؤسسة العسكرية تعني سطوع نجم حزب الله كجيش بديل ومجموعة من الاغتيالات الأخرى االتي مست الخصوم السياسيين بدءا بمروان حمادة ورفيق الحريري وبطرس حرب وكثيرون هم أبناء لبنان الذين اغتالهم حزب الله ونصر الله تحت رعاية شعبية من أبناء الضاحية كل هذا خدمة للإمام المجتبى والمهدي العادل في طهران.
لا بد أن الشعب السوري أصبح يؤلم حزب الله وميليشياته أكثر من المعارضة المسلحة ولهذا فهو يصب جام غضبه عليهم حصارا وتجويعا ومثلما كان عليه الحال في كل من حمص و دمشق وبعض المناطق في حلب تحاول إيران ومن ورائها حزب الله القضاء على البيئة الإجتماعية الحاضنة للفصائل السورية المسلحة من خلال التفاوض على ترحيل العائلات السورية الأصلية وتغييرها بعوائل علوية وشيعية، نعرف اليوم أن الحزب متورط حتى أذنيه ولكننا نريد من أبناء الضاحية الجنوبية أن يعبروا عن رفضهم حصار وتجويع من استقبلوهم ذات يوم، أليس حريا بهم أن يردوا الجميل قبل أن يلعنهم التاريخ ويدخلوا في عداء تاريخي مع كل سوريا، سيمضي الجوع يا مضايا كما مضى في مخيم اليرموك وحمص وكل القرى التي حاصرها حزب الله ولكن الذاكرة السوري ستلاحق الضاحية الجنوبية وقطاعات كبيرة من الشعب اللبناني كشركاء في الإبادة الجماعية للشعب السوري، سيسقط نظام الأسد وينتهي حزب الله ويبقى العداء بيننا وبين من نكر الجميل أجيالا متعاقبة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس