أمين بازارجي - صحيفة أكشام - ترجمة وتحرير ترك برس
أصبح روتينا وعادة أن تطلق داعش قذائف الكاتيوشا من الجانب السوري لتصيب مدينة كيليس ونواحيها ولترد عليها تركيا بمدافع الهاوزر الرعدية.
تركيا دولة عضو في حلف شمال الأطلسي لكن لا حلف الناتو ولا الولايات المتحدة ولا أوروبا تقدم أي دعم ومساندة حقيقية في هذا الموضوع ولسان حالهم يقول لتحل تركيا مشاكلها بنفسها، فأصبحنا بحالة "ما حك جلدك مثل ظفرك".
أنتم تعلمون...
كان على الحدود التركية الجنوبية منظومة صواريخ باتريوت لكن الولايات المتحدة وألمانيا سحبت الباتريوت الخاصة بهم ولم يتبقى سوى البطاريات العائدة لإسبانيا وهولندا. أرجو أن لا تتسرعوا وتقولوا "إنها أصلا عديمة الفائدة". فالأهم من فائدتها أو عدمها هو قضية سحبها إذ أنه يوضح موقف ووجهة نظر! الأمريكان يقولون إنهم بصدد إرسال منظومة صواريخ هيمارز (HIMARS)، هذه المنظومة وإن كانت قيمتها ضعف قذائفنا الحالية إلا أن كفاءتها تظل في علم الغيب.
أرجو أن لا تقولو كذلك "إن الأمريكان والأوروبيين يستهدفون داعش في سوريا والعراق"، إذ أننا نرى كيف يقصفون أهداف داعش ونرى كذلك صواريخ داعش المتزايدة التي تصيب تلالنا والتي تدل على أن صراع داعش لم يؤتي ثماره وأنه عديم الجدوى.
*
فبين الحين والآخر نقرأ التقارير التي تفيد أن قوات سلاح الجو الأمريكي تخرج في حملاتها وتعود دون أن تطلق صاروخا واحدا. الأمريكان يدعون أنهم لم ينفذوا عملياتهم لعدم تحديدهم الأهداف المطلوبة.
البارحة كنا نناقش هذه المسألة مع أحد الوزراء المهمين في المجلس المصغر والذي قال: "لا يوجد شيء من هذا القبيل، هذا أمر غير مقنع".
الوزير قص علينا حكاية عسكرية وتفضل قائلا:
في أحد الأيام وجه الضابط نداء لاحد العساكر الذين يحملون بندقية ميكانيكية من نوع MG-3 وسأله "ما الذي تحمله يا ابني"؟
العسكري لم ينبس ببنت شفه.
سأله الضابط "ما فائدة البندقية التي تحملها"؟
العسكري من جديد لم يتكلم.
الضابط قال للجندي" هيا لنرى كيف ستتمكن من فكفكة هذه البندقية وإعادة تركيبها"
لكن العسكري لم يأتي بأي حركة.
الضابط لم يتمالك أعصابه وشرع بالصراخ والتهديد فقفز الجندي من مكانه أمام الضابط وقال: أرجوك يا حضرة الضابط أن لا تفعل هذا فكل الأسئلة التي سألتني أياها تعرف أجوبتها ولكن "خنزرتك" دفعتك لتسألها.
حضرة الوزير وبعد هذه الحكاية أضاف: هذه الحكاية تشبه واقع تركيا، فهم يعرفون ما الذي حصل ويحصل وما الذي يتوجب عليهم فعله، لكن "خنزرتهم" تدفعهم للتصرف بهذه الطريقة.
*
إذا ما نظرنا للوراء فسنتمكن من ملاحظة أن كل ما توقعته تركيا بخصوص القضية السورية قد تحقق وأصبح واقعا، لكن الغرب ومنذ اليوم الأول يصر على عدم الفهم كما أنه أصر على القراءة مما علمه هو، لكن الأزمة تطورت وتفاقمت لتصل إلى ما هي عليه اليوم.
ففي تلك الأيام لو تم التقدم بالمسار الصحيح ولو خطوت بضعة خطوات كما ينبغي ما كنا لنرى هذه الماسي، فالوضع الحالي وصلنا إليه إما بخطوات خطاها الغرب بقصد وعن معرفة وبسابق الإصرار والترصد أو بخطوات خطاها في لحظة من انعدام البصيرة. على كل حال الغرب يذوق ما طبخ فجموع اللاجئين قد وصلت أبواب أوروبا لتدفع الاتحاد الأوروبي شرقا وغربا بحثا عن حل ومخرج.
لكن الغرب يرتكب الأخطاء من جديد.
فهو يحاول أن يبطل مفعول إحدى المنظمات الإرهابية مستخدما منظمة إرهابية أخرى إذ أنه يحاول قتال داعش من خلال حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب توأمي حزب العمال الكردستاني.
الأمر الذي لم ترضَ عنه تركيا ولم تصوبه ولا يمكن أن تقبله. ولهذا السبب لم يتمكن الغرب من حصاد نتائج إيجابية حتى اللحظة.
بعد عامين من قتال داعش ورغم قتل ما يقارب 2000 من عناصر التنظيم الإرهابي إلا أن الحزب لم يضعف أو يتراجع ولم يتمكن الغرب من تحقيق نجاحات دائمة، وتسببوا بسيل من اللاجئين لم ينقطع حتى اليوم كما أنهم تسبوا كذلك بالصواريخ التي تصيب تلالنا.
ما يجب على الغرب فعله واضح جدا.
أولا عليهم ان يتخلصوا من محبة وعشق حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب وأن يتخذوا مكانهم بجانب تركيا. وأن يحولوا الدعم الذي يتبرعون به للأحزاب الارهابية ليصب في صالح المعارضة الوسطية. وأن يدعموا المعارضة الحرة المتوسطة جويا للتخلص من عاصر داعش، وأن يساهموا في إنشاء المنطقة "الآمنة" أو "العازلة" وأن يخططوا بعد ذلك لإحلال السلام العام. ولو أنهم بين الفينة والأخرى يقومون بمجموعة من الخطوات البسيطة أو على الأقل يصرحون بنيتهم للقيام بها، لكنهم لا يفعلون ذلك. وإذا ما تساءلتم لماذا؟ سيكون الجواب كما في الحكاية التي قصها سعادة الوزير، من "خنزرتهم".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس