ترك برس

تباينت ردود الشارع التركي حول تصريحات رئيس البرلمان إسماعيل قهرمان، بشأن الدستور الجديد والعلمانية، حيث بينت أن العلمانية لم تعد موضوعا محرما وأن تركيا أصبحت ديمقراطية بحيث تسمح بمناقشة علنية لجميع القضايا مهما كانت حساسيتها.

ومنذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى سدة الحكم بتركيا، ومعارضوه يتهمونه بالسعي إلى ما يسمونه أسلمة البلاد وتقويض مبادئها العلمانية، الصدام عاد ليطفو مجددا بعد تصريحات لرئيس البرلمان التركي إسماعيل قهرمان بأن العلمانية لا يلزم أن تكون جزءا من دستور تركيا الجديد.

وعبّر رجل الأعمال التركي المؤيد للحكومة، "حسن شينوجاك"، عن رفضه القاطع للنظام العلماني بتركيا، واعتبر أنه أداة استعملها مؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك لممارسة مختلف أشكال الظلم على المتدينين بتركيا، وفقًا للجزيرة نت.

ورغم تأييده لقيام نظام يعتمد الشريعة الإسلامية، فإنه اعتبر ذلك أمرًا يستحيل تحقيقه في تركيا بسبب "ابتعاد الأتراك عن جوهر الدين الإسلامي في كثير من جوانب حياتهم وتعودهم على نموذج متحرر لا يستطيعون التخلي عنه".

ونقلت الجزيرة نت عن "آيلين آي"، وهي طالبة معارضة، تأكيدها بأن العلمانية أهم ركيزة في البلاد وضعها أتاتورك، و"سيستمر أتباعه في الدفاع عنها بشراسة". وعزت ذلك إلى اعتقادهم أن التخلي عن العلمانية سيفتح المجال أمام قيام ثورة إسلامية مثل تلك التي حصلت في إيران.

مزهر باغلي، الأستاذ بقسم الاجتماع بجامعة يلدرم بايازيد في أنقرة، عزا الجدال القائم حول العلمانية في المجتمع التركي لسببين، أولهما "عدم وجود مفهوم واضح لها لكونها لم تكن نتيجة طبيعية لتغير ديناميكي داخل المجتمع، بل فرضت عليه بالقوة".

وقال باغلي إن تبني حزب الشعب الجمهوري لعلمانية معادية للإسلام، قوبل برفض من الفئات المحافظة بتركيا لها. والحل في رأيه هو "تقبل كل من الطرفين للآخر لإنهاء هذا الصراع".

في المقابل، اتهم الأكاديمي المعارض محمد غوموش أعضاء الحزب الحاكم بأنهم "تلاميذ للحركات الإسلامية التي حاربت الشيوعية دائما بتركيا، ولم يدخلوا في صلح أبدا مع العلمانية"، ودافع عن الحريات التي ينعم بها الأتراك بسبب العلمانية، معتبرا أن الملايين منهم "مسلمون فقط على الهويات" ويرفضون التخلي عن هذه الحياة حسب قوله.

من جهته، رأى المحامي عبد الرحمن يلدرم أن "العلمانية إحدى الثوابت التي لا يمكن المساس بها قانونيا عند الرغبة في تغيير الدستور"، مضيفا أن مجرد اقتراح الموضوع لم يكن مسموحا به في تركيا.

وأشار إلى أن ما ذهب إليه قهرمان، يؤكد أن تركيا أصبحت "ديمقراطية تسمح لأفرادها بالتحدث حتى عن أقوى الطابوهات مثل العلمانية". وعبر عن دعمه لتغيير مفهوم العلمانية في الدستور التركي الجديد وتبني المفهوم البريطاني لها بدل الفرنسي.

وكان قهرمان قد تساءل كيف ينص دستور تركيا -الدولة العضو في جميع المنظمات الإسلامية- على "لا دينيتها"، في حين تتضمن العديد من الدساتير في العالم عبارات دينية. كما استنكر أن كون الأتراك "يولدون مسلمين يشهدون ويكبرون ثم يتزوجون وفق قوانين مدنية غربية".

وردا على تصريحات قهرمان، أكد رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو أن مسودة الدستور الجديد التي يحضرها حزبه تتضمن مبدأ العلمانية "لكن بروح ليبيرالية وليس استبدادية".

أما حزب الشعب الجمهوري المعارض، فقد انتقد تصريحات رئيس البرلمان. وقال في بيان له إن "العلمانية تعني احترام الدين، وفصل الدين عن شؤون الدولة، ومنع الاستغلال الديني".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!