تقرير لقناة a-Haber – ترجمة وتحرير ترك برس
أُنشِئ في أنقرة قصر جمهوري جديد ليرى العالم مستوى تركيا الجديدة ومكانتها العالية التي تزداد نموا وقوة يوما بعد يوم. ولكن بدل الاعتزاز بذلك، بدأ بعض الأطراف بنشر طابع سيء حول هذا القصر، وإطلاق إشاعات واتّهامات بحق رئيس الجمهورية التركية "رجب طيب أردوغان".
حسناً، ما هي الحقيقة؟ وما هو الانطباع الذي أظهره رئيس الجمهورية أردوغان بعد أن تولى إدارة الدولة؟ هل هو انطباع عن زعيم يستخدم إمكانيات الشعب أم هو قدوة لغيره بطراز معيشته البسيطة؟
وللإجابة عن هذا السؤال، لنعُد إلى أول فوز لأردوغان في الانتخابات عام 1994.
في 27 آذار/ مارس 1994 انتُخِب رجب طيب أردوغان رئيسا لبلدية إسطنبول، وكان الرؤساء السابقون يستخدمون قصر فلوريا العائد للبلدية، ولكنّ أردوغان بدلاً من الجلوس في ذلك القصر اختار العيش مع المواطنين ومخالطتهم. فانتقل من منزله في منطقة "قاسم باشا" الذي عاش فيه سنين عديدة إلى شقة في بناية عائلية في حارة "أمنيت" بمنطقة "أوسكودار".
وفي آذار/ مارس 2003 تولى أردوغان منصب رئاسة الوزراء، لكنّ هذا لم يغير نمط عيشه، فاستمر في الجلوس في هذه الحارة المتواضعة حتى حزيران 2009، حيث باتت المنطقة غير مناسبة لاتّخاذ التدابير الأمنية من أجل رئيس الوزراء.
استمر أردوغان في العيش في شقته المتواضعة حتى بعد انتخابه رئيسا للوزراء وانتقاله إلى إسطنبول، وكانت البعض وقتها ينتقد جلوسه في بيت عادي وبسيط. إلّا أنّه انتقل من هذا البيت مضطرا بعد اكتشاف مخططات لاغتياله.
يقول صاحب بقالة قرب منزل أردوغان القديم: "إنّه إنسان متواضع جدا. يمكنك أن تسلّم عليه وهو بمثابة الأخ. لقد حزنّا جدا، كنا قد تعودنا عليه، وكان هناك جو جميلٌ في حارتنا حيث كانت العلاقات جيدة، وكنا عندما نراه نخاطبه ونتحدث معه. وعندما ذهب كأنّنا بقينا أيتاما هنا".
ويضيف: "عندما انتقل أردوغان إلى أنقرة جلس في شقة بسيطة بمنطقة "كاتشي أوران" بدلاً من شقة رسمية، حتى أنّه جلس فيها كمستأجر. وكان ثمن إيجار الشقة التي جلس فيها رئيس الوزراء التركي السابق يساوي 2000 إلى 2500 ليرة تركية ولم تتغير الأسعار بعد قدومه، ولكنّنا كنا في راحة تامة من ناحية الأمن".
كان إخراج النّواب من السكن الرّسمي المُخصّص لهم أوّلَ إجراء اتّخذه أردوغان قبل 12 عاماً، لكي لا يكونوا منفصلين عن الشعب، فقد أراد لهم أن يعيشوا جنبا إلى جنب. وهو كرئيس الوزراء فعل كذلك تماماً.
جاء رئيس الجمهورية أردوغان من الشعب وكان رجلاً يخدم الشعب، وقد تصرّف بهذا الشكل دائما.
حسناً، لماذا كانت الحاجة إلى القصر الجديد الذي سيكون فخرا لتركيا؟
إنّ هدف بعض الإطراف من إطلاق بعض الشائعات هو إثارة الرأي العام عبر انتقاد القصر الجديد، ولكن في الحقيقة هناك وجه آخر للقضية، علما أنّ هذا القصر الذي هو ملك الشعب ورمز لتركيا الحديثة والمتغيرة ظهر كحاجة في تركيا الجديدة، وسجّل كملك للجمهورية التركية.
كان مبنى رئاسة الوزراء الكائن في منطقة ضيقة في حي "كيزيل آي" في أنقرة كان لا يكفي لاستضافة أنشطة وفعاليات كثيرة، ولم يكُن محمياً بشكل جيد من الناحية الأمنية.
فقد كانت في أحد أطرافه مواقف للحافلات، وفي الطرف الآخر مبانٍ مدنية، وفي الوسط قصر رئاسة الوزراء على شارع ضيق. ولأعوام متتالية استقبلت تركيا في هذه النقطة الضيقة رؤساء حكومات ودول. ولكن مع تركيا الجديدة سيزول هذا الوجه الخارجي لتركيا من الأنظار.
كانت مكانة تركيا التي تنمو وتتطور محصورة في هذه الصور. وقد استضاف أردوغان خلال فترة رئاسته للوزراء زعماء من العالم في هذا المبنى. وتم بث حفلات الاستقبال الرسمية بهذا الشكل على العالم كله.
لقد فضّل أردوغان عيشا بسيطا خلال فترة رئاسته للبلدية ورئاسة الوزراء ورئاسة الجمهورية. وكانت الموائد التي جلس فيها دائما موائد للفقراء. لم يُدِر ظهره إلى الناس الذين ساهموا بإيصاله إلى الحكم. وأكل معهم الطعام بملعقته من الطبق نفسه.
ونحن نرى كل هذه الحقائق الواضحة، لماذا يتم تخصيص قصر جديد للجمهورية وكأنّه تابع لأردوغان وحده؟ لماذا تغيّرت الآراء؟ والجواب بسيط جداً، هناك من يريد إلحاق الضّرر بأردوغان الذي لم يتمكّنوا سابقاً من إسقاطه في أحداث حديقة غازي وإشاعات 17 و25 كانون الأول/ ديسمبر الباطلة والساقطة في نظر الشعب، لكنّ الشعب يرُدّ بأجمل صورة عن طريق دعمه لرجل الشعب.
هذا القصر ملك للدولة، وعند رحيل أردوغان سيظلّ لغيره. لقد صنع خيرًا بتلك العملية، ولم يقم بذلك لنفسه. لينظر الجميع إلى هذا الأمر نظرة حسنة.
ليس لهذا علاقة بالرياء والتّظاهر، فهو إنسان بسيط وعادي، وكل ما يقوم به هو من أجل تركيا، فتركيا هي تركيا الجميع وليست لأردوغان وحده ولا للذين يعارضونه. حتّى هذا اليوم لم يرى أحدٌ داخل قصر تشان كايا، فقد رآه البعض من الخارج فقط. ولا أحد يعلم ماذا يوجد في داخله.
كُنّا نرى على شاشات التلفاز بوابة الدخول فقط. هذا ما يُمكن رؤيته، وكل ما هو موجود واضح تماما. والآن سيراه الغريب و الصديق والعدو، وسيقولون ها هي تركيا. كانوا يظنون سابقاً أنّنا نقيم في خيمة متنقّلة. فليعلموا الآن أين نحن، ومن يقوم بهذا لأجلنا، إنّه السيد أردوغان.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!