ترك برس
تناول الكاتب والمحلل السياسي التركي، فخر الدين ألتون، أهداف وأبعاد الجولة الخارجية التي أجراها رئيس بلاده رجب طيب أردوغان، خلال مايو/أيار الجاري، وشملت الهند وروسيا والكويت والصين والولايات المتحدة الأمريكية وبلجيكا.
وشكّلت الهند المحطة الأولى لجولة أردوغان، حيث شارك في منتدى الأعمال التركي الهندي يوم 30 أبريل/نيسان، وتعد هذه الزيارة هي الأولى من نوعها منذ توليه منصب رئاسة الجمهورية.
وفي روسيا، التقى الرئيس التركي نظيره الروسي فلاديمير بوتين، في 3 مايو/أيار، بمدينة سوتشي الروسية، لبحث مستجدات الملف السوري، وسبل تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين، ثم توجّه إلى الكويت في 9 مايو/أيار.
وشارك الرئيس التركي، يومي 14 و15 مايو/أيار، في منتدى "الحزام والطريق" في العاصمة الصينية بكين، بمشاركة زعماء 28 دولة، بينها روسيا وباكستان والفلبين وإندونيسيا.
بعد زيارة الصين مباشرة توجه الرئيس التركي إلى الولايات المتحدة الأمريكية في زيارة بين 16-17 مايو، يلتقي خلالها نظيره الأمريكي دونالد ترامب. وفي 25 مايو/أيار، توجّه أردوغان إلى العاصمة البلجيكية بروكسل للمشاركة في قمة حلف شمال الأطلسي (ناتو)، إلى جانب ترامب والزُعماء الأوروبيين.
ورأى ألتون، في تحليل بصَحيفة صباح التركية، أن الهدف الأول لأردوغَان من زياراتِه هو جعل تركيا مركز جاذب والمساهمة في نمو واستقرار الاقتصاد التركي، وتم في هذا الإطار توقيع العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي تقضي بزيادة الاستثمارات المباشرة والمتبادلة ورفع حجم التبادل التجاري مع تلك الدول.
والهدف الثاني لزيارات أردوغان الخارجية الحافلة بالمحادثات، هو تقديم المعلومات المتعلقة بمقاربات تركيا سواء تجاه الأزمات الإقليمية أو العالمية، للطرف الآخر والحصول على دعمهم، وفقًا للتحليل الذي ترجمه موقع "أخبار تركيا".
وأضاف ألتون أنه "في هذا الإطار نجد عنوانينِ هامين تواجهنا، هما مكافحة الإرهاب وموجة اللاجئين. منذ فترة طويلة وتركيا تكافح إرهاب تنظيم داعش من جهة ومنظمة بي كا كا الإرهابية من جهة ثانية وإرهاب منظمة غولن من جهة أخرى. وتكافح تركيا الإرهاب بمفردها دون وجود أي دعم دولي لها في هذا الخصوص".
وقال إنه مع بدء الأزمة السورية باتت تركيا تتعرض لهجمات إرهابية بشكل أكبر. ولم يقدّم العالم الغربي أي مساهمات سواء لإيجاد حلول للأزمة السورية أو في الوقوف ضد الهجمات الإرهابية التي واجهَتها تركيا. وفضلوا بدلاً من ذلك تبني وجهة نظر تعتبر الإرهاب أزمة إقليمية، لا تؤثر إلا على الشرق الأوسط وعلى تركيا فحسب.
وأوضح الكاتب التركي أنه "فضلاً عن ذلك قام العالم الغربي بارتكاب خطأ يماثل هذا الذي ذكرناه من حيث شدة خطورتها. حيث تناول التعصب، والتطرف والإرهاب على أنها ظواهر ثقافية، وحددت الإسلام كمصدر ومنبع للإرهاب.
واعتبر أن هذه الأخطاء لم تساهم إلا في عولمة الإرهاب وتسبّبه بدمار أكبر حول العالم، ومن أقربِ وأسوَأ الأمثلة على هذا، ما حدث للأسف مؤخراً في مدينة مانشستر البريطانية من هجوم إرهابي أسفر عن مقتل وإصابة العشرات.
وتابع: "أما الأمر الآخر ما هو متعلق بموجة اللاجئين والذي ينظر على أنها أزمة ضمن إطار الأزمة السورية. تلقّى العالم الغربي مسألة اللاجئين أيضاً على أنها مشكلة محلية وإقليمية كما فعلوا مع أزمة الإرهاب. إلا أن مسألة اللاجئين باتت تتحول للأسف يوماً بعد آخر لمشكلة عالمية وتكتسب بعداً تخرج به عن حدودها الإقليمية".
الدول الأوروبية، بحسب ألتون، نظرت لفترة طويلة تجاه مسألة اللاجئين على أنها مشكلة محلية وإقليمية، على دول المنطقة وتركيا حلها لوحدِها.
وأردف: "تستضيف تركيا حالياً أكثر من 3 مليون لاجئ سوري على أراضيها. هذا حمل ثقيل للغاية، ولن يكون أمراً واقعياً قط، طلبت من تركيا تحمل هذه الأعباء الثقيلة بمفردها. وفي حال لم تقدم الدول الغربية دعماً حقيقياً في هذا الشأن، ستضطر تركيا للبحث عن حلول جديدة لهذه الأزمة".
وأشار أَلتون إلى أن هناك هدف آخر غير مباشر للزّيارات الخارجية التي قام بها أردوغان خلال شهر مايو/ أيار الجاري. وهو تأمين استيعاب عناصر السياسية العالمية من الشرق إلى الغرب، الحقائق الاجتماعية- السياسية لتركيا، والتعريف بتركيا الجديدة. وهذا هدف مهم للغاية.
حيث أن الأطراف الغربية لم تستطع قراءة توازنات القوى في تركيا بشكل جيد بين مايو/ أيار 2013- أبريل/ نيسان 2017، وفي كل مرة أخطأوا الرهان. الأكثر من ذلك، أنها عملت على استغلال شبكات غير شرعية لتغيير إدارة الحكم في تركيا والانقِلاب على الرئيس أردوغان.
وأضاف: "قبل كل شئ تسبب هذا الأمر في إهدار طاقة لا لزوم لها في تركيا. الأبعد من ذلك أنها أدت إلى فقدان تركيا ثقتها بحُلفائها ومخاطبِيها الغربيين. في نهاية المطاف ألحق كل ذلك الضرر في العلاقات الثنائية".
وأعرب الكاتب التركي عن أمله في أن تنظر الدول الغربية إلى تركيا خلال الفترة المقبلة "نظرة أكثر واقعية، وإلا ستزداد عولمة الإرهاب وستصبح مسألة اللاجئين أزمة تتعلق الدول الأوروبية أيضاً. وتركيا لا تستطيع إيقاف سهم إذا انطلق من قوسه".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!