صحيفة فاستنيك كافكاز الروسية - ترجمة وتحرير ترك برس
ترزح الشراكة الأمريكية التركية طويلة الأمد تحت ضغط كبير، نتيجة تنامي الخلافات السياسية وتضارب المصالح في المناطق الجيوسياسية في الشرق الأوسط. وفي ظل تزايد انعدام الثقة بين الطرفين، وغياب الجهود الرامية إلى تغيير الوضع الحالي، حيث ترفض الولايات المتحدة تسليم فتح الله غولن المتهم الأول في عملية الانقلاب الفاشلة في 15 تموز/ يوليو 2016، فإنه من غير المستبعد أن تشهد سوريا مواجهة مباشرة بين القوات الأمريكية والقوات التركية.
وفي الواقع، وصلت العلاقات التركية الأمريكية إلى نقطة حرجة، خاصة بعد الكشف عن النوايا المبيتة لقوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة، الهادفة لإنشاء قوات أمن حدودية تضم 30 ألف مسلح كردي سوري ينتمون إلى وحدات حماية الشعب الكردية.
ومن جهتها، أكدت الولايات المتحدة أن مهمة قوات الأمن الحدودية، على مدى السنوات القليلة القادمة، ستكون العمل على ضمان أمن المناطق الحدودية الشمالية السورية مع تركيا والحدود الشرقية مع العراق، فضلا عن نهر الفرات. في المقابل، انتقدت تركيا هذا المقترح، لأنها تعتبر وحدات حماية الشعب الكردية جزءا لا يتجزأ من حزب العمال الكردستاني، الذي تعتبره تنظيما إرهابيا.
وفي هذا الصدد، أدان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، خطط الولايات المتحدة التي تطمح إلى تشكيل جيش إرهابي، مشيرا إلى أن "الدولة التي كنا نعتبرها حليفا لنا، تصر على إقامة جيش إرهابي على حدودنا". كما تساءل أردوغان عن الغاية الكامنة وراء تأسيس هذا الجيش الإرهابي على الحدود التركية، مؤكدا أن مهمة تركيا تقتضي تدمير هذا الجيش قبل إنشائه.
والجدير بالذكر أن تركيا أصيبت بخيبة أمل، إزاء دعم الولايات المتحدة للأكراد. فمنذ اندلاع الحرب السورية، كانت تركيا تركز جهودها على محاربة تنظيم الدولة، لكنها كانت في نفس الوقت تخشى إلى حد كبير من مسألة إنشاء دولة كردية مستقلة عن سوريا.
وخلال سنة 2016، أرسلت تركيا قواتها إلى سوريا لمنع إنشاء جيوب كردية على طول الحدود المتاخمة لها. كما حاولت أنقرة تقديم الدعم للمعارضة السورية، وسعت جاهدة إلى محاربة تنظيم الدولة الذي كان يتحصن ببعض المناطق. وإلى جانب كل من إيران والعراق وسوريا، كانت تركيا ضمن الدول التي أدانت استفتاء الاستقلال الذي أجراه أكراد العراق في شهر أيلول/ سبتمبر الماضي. فبالنسبة لتركيا، من شأن هذا الاستفتاء أن يحفز الأقليات الكردية في مناطق مجاورة على المطالبة بالانفصال.
ونظرا لأن تركيا تضم أكبر نسبة من الأكراد، البالغ عددهم 14 مليون نسمة (حسب تقدير الصحيفة)، فإن الدعم العسكري والسياسي الأمريكي للأكراد يشكل تهديدا خطيرا على سلامة الأراضي التركية وأمنها. ومن الواضح أن السياسة الأمريكية المنتهجة حاليا في سوريا تبدد أمل تركيا في انتهاء العلاقات الأمريكية الكردية بعد هزيمة تنظيم الدولة.
في 20 كانون الثاني/ يناير، أطلقت تركيا عملية "غصن الزيتون" في عفرين الواقعة شمال غرب سوريا، لتطهير المنطقة من الإرهابيين التابعين لوحدات حماية الشعب الكردية.
ورغم الزيارات الدبلوماسية التي قام بها ممثلون عن واشنطن لتركيا، بهدف منع تصاعد التوتر في العلاقات الثنائية، لم يتم التوصل إلى أي اتفاق، بسبب الخلافات والتناقضات العميقة فيما يتعلق بدينامكية الصراع السوري.
وقد تشهد كل من الولايات المتحدة وتركيا مواجهة عسكرية مباشرة، نظرا لأن أنقرة تسعى لتوسيع عمليتها العسكرية في اتجاه منبج، حيث يتمركز الجيش الأمريكي. ولكن، قد تساعد بعض الجهود الرامية للتسوية بين الطرفين واحترام المصالح في منع حدوث أزمة خطيرة في العلاقات الثنائية.
ولتخطي هذه المحنة، من الضروري أن يتجنب قادة البلدين توجيه الانتقادات الحادة إلى بعضهم البعض. وعلى العموم، لن تساهم الخلافات الحالية القائمة بين البلدين، إلا في إراقة المزيد من الدماء وزعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!