ترك برس
اعتبر المحلل السياسي الأمريكي، أندريه كوريبكو، أن التهديد الذي وجهه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لعصابات التنقيب عن النفط والغاز في البحر المتوسط، يستهدف الولايات المتحدة بطريق غير مباشر. ويعني أن تركيا مصممة بقوة على الدفاع عسكريا عن مصالحها ومصالح حلفائها في جمهورية قبرص التركية.
وكان الرئيس أردوغان حذر في مطلع الشهر الحالي خلال الاحتفال بتسليم سفينة حربية تركية، شركات النفط والغاز الأجنبية من أي عمليات استكشاف وتنقيب قبالة الشواطئ القبرصية، مشددا على أن بلاده لن تسمح للمحاولات الرامية لإقصائها عن البحار.
وكتب كريبكو في مقال نشر في دورية "أورينتال ريفيو" أن تهديد الرئيس التركي باستخدام القوة العسكرية ضد شركات التنقيب مثلما استخدمتها ضد الإرهابيين في سوريا يعني بوضوح أن تركيا مصممة على استخدام القوة العسكرية لحماية مصالحها ضد قبرص اليونانية واليونان العضو في حلف شمال الأطلسي.
وأضاف كوريبكو أن مسألة استخدام القوة العسكرية ضد اليونان ما يزال غامضا في هذه المرحلة، ولكن لهجة أردوغان الحادة تلفت الانتباه إلى بعض الاتجاهات بالغة الأهمية.
الأول: أن التوترات البحرية على طول الحدود الغربية والجنوبية لتركيا قد اشتدت. ويرجع ذلك جزئياً إلى خطط إسرائيل المستقبلية لبناء خط أنابيب غاز "إيست ميد" الذي يفترض أن يربطها بإيطاليا عبر قبرص واليونان.
وأوضح أنه إذا كان من غير الممكن أن تتم عمليات التنقيب عن الغاز في الجزيرة المقسمة، فإن بمقدور حكومة قبرص اليونانية المعترف بها دوليًا أيضًا أن تحصل على أرباح هائلة من خلال تسهيل عبور خط الأنابيب هذا عبر أراضيها البحرية. وسوف تحجب هذه الأرباح عن منطقة شمال قبرص التركية في انتظار حل رسمي للنزاع حسبما يشترط القبارصة اليونانيون.
ووفقال لكوريبكو، يدرك الرئيس أردوغان مدى الترابط الوثيق بين قضايا إعادة توحيد قبرص وأهميتها الجيوسياسية في مجال الطاقة، ولهذا السبب يتخذ موقفًا قويًا في هذا الوقت في محاولة لمساعدة حليفه على كسب نفوذ أفضل للتفاوض.
ويُعتقد أن منطقة شرق المتوسط غنية بالغاز الطبيعي، وتسببت محاولات الاستفادة من هذه الموارد في إحياء التوترات بين تركيا واليونان، التي يربطها اتفاق دفاعي مع حكومة قبرص اليونانية المعترف بها دوليا.
أما الاتجاه الثاني الذي تعكسه لهجة أردوغان الحادة في خطابه، فهو الإحساس المتزايد بأن بلده يتم احتواؤه على طول حدوده البحرية والبرية، حيث "تتعلق مسألة الاحتواء بحدود تركيا البحرية، في حين يتعلق التهديد الثاني بالأكراد السوريين وأرمينيا."
وبيّن كوريبكو أن تركيا تدخلت عسكريا مرتين في سوريا ضد تنظيمي وحدات حماية الشعب الكردي وحزب الاتحاد الديمقراطي اللذين تعدهما منظمتين إرهابيتين.
وأضاف أن هناك شعورا بعدم الارتياح لدى الأتراك من أن الحكومة الجديدة المؤيدة للغرب في أرمينيا بقيادة نيكول باشينيان قد تقترب بشكل غير مريح من الولايات المتحدة في المستقبل القادم. وقد زاد هذا الخوف بعد أن أشاد مستشار الأمن القومي الأمريكي، جون بولتون، بنوعية الأسلحة الأمريكية أثناء زيارته لأرمينيا في أواخر الشهر الماضي، الأمر الذي أثار بعض القلق من أن واشنطن تحاول دعم أرمينيا عسكريا، رغم نفي الأخيرة لذلك.
وخلص كوريبكو إلى أنه يمكن تفسير تهديدات تركيا لعصابات التنقيب في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط على أنه رد فعل ضد ما تعتبره حكومتها ضمنياً "استراتيجية توتر" مستمرة على طول حدودها البحرية والبرية.
وأردف أن تركيا بدات تشعر بأن "حليفها" الأمريكي الرسمي يهدف إلى احتوائها، على الرغم من التقارب بين البلدين في الوقت الحاضر، وأن تركيا تعتقد أن استخدام التهديد ضد ما يشتبه في أنه خطط لليونان وقبرص مدعومة أمريكيا سينجح في التخلص من الخدعة الأمريكية.
وختم بالقول إن الوضع أصبح غير قابل للتنبؤ أكثر من أي وقت مضى، حيث تتصارع واشنطن وأنقرة على النفوذ في المناطق الحدودية التركية، مما يزيد من خطر نشوب حرب بالوكالة نتيجة سوء التقدير أو التخطيط.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!