ترك برس
أنتقد رئيس البرلمان التركي مصطفى شنطوب، بشدة، مجلس النواب الإيطالي، لاتخاذه قراراً يطلب الإعتراف بما يسمى بــ "إبادة الأرمن"، وكذلك قرار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بإعتبار يوم "24 نيسان / أبريل" يوماً لذكرى ما يسمى "الإبادة" المزعومة.
جاء ذلك في كلمة له خلال افتتاح ندوة "روز – روث" الـ99 للجمعية البرلمانية لحلف شمال الأطلسي "ناتو"، والاجتماع المشترك لمجموعة البحر المتوسط والشرق الأوسط .
وأشار إلى أن ما حدث في البرلمان الإيطالي هو مثال جديد لتوظيف مزاعم بعض الأرمن في السياسة الداخلية لإيطاليا، مؤكداً أن تلك المزاعم لا تتوافق أبدًا مع الحقائق التاريخية.
وحول قرار الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون بخصوص اعتبار 24 من كل نيسان / أبريل يوم ذكرى لما يسمى بـ"الإبادة الجماعية" أدان شنطوب القرار بشدة.
وأضاف "إن إعلان ماكرون 24 أبريل يوما لإحياء ذكرى "إبادة الأرمن" المزعومة ليس له هدف سوى تسييس التاريخ.
وأكد أن طرح الرئيس الفرنسي هذا الموضوع على الأجندة ناجم عن قلقه السياسي، مبيناً "أن هذا التصرف بعيد عن جدية الدولة الفرنسية، وهي محاولة لتسييس التاريخ عبر مزاعم لا أصل لها ولا أساس قانوني".
وأردف "إن فرض الرئيس الفرنسي هذا القرار يُقيد حرية التعبير لمواطنيه، ويتجاهل الفقه القانوني للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، والمحكمة الدستورية الفرنسية".
وتابع "لدي بعض النصائح لأصدقائنا الفرنسيين. اتخذوا مبادرة لإصدار بيان مقنع للرأي العام بفرنسا، حول الاستعمار والأحداث في الجزائر، والإبادة الجماعية في رواندا التي قتل فيها 800 ألف شخص خلال 100 يوم، وبدون القيام بذلك، لا تتلاعبوا بتاريخ البلدان الأخرى لأسباب سياسية".
وليلة الأربعاء، صادق ماكرون على مرسوم رئاسي يُعلن 24 من كل أبريل، يوم إحياء ذكرى لما يسمى بــ "إبادة الأرمن" المزعومة، حيث سيتم درجه في التقويم الرسمي.
** ما الذي حدث في 1915؟
تعاون القوميون الأرمن، مع القوات الروسية بغية إنشاء دولة أرمنية مستقلة في منطقة الأناضول، وحاربوا ضد الدولة العثمانية إبان الحرب العالمية الأولى التي انطلقت عام 1914.
وعندما احتل الجيش الروسي شرقي الأناضول، لقي دعما كبيرا من المتطوعين الأرمن العثمانيين والروس، كما انشق بعض الأرمن الذين كانوا يخدمون في صفوف القوات العثمانية، وانضموا إلى الجيش الروسي.
وبينما كانت الوحدات العسكرية الأرمنية، تعطل طرق إمدادات الجيش العثماني اللوجستية وتعيق تقدمه، عمدت العصابات الأرمنية إلى ارتكاب مجازر ضد المدنيين في المناطق التي احتلتها، ومارست شتى أنواع الظلم بحق الأهالي.
وسعيا منها لوضع حد لتلك التطورات، حاولت الحكومة العثمانية إقناع ممثلي الأرمن وقادة الرأي لديهم، بوقف الهجمات ضد الدولة العثمانية والمدنيين، إلا أنها لم تنجح في ذلك.
ومع استمرار هجمات المتطرفين الأرمن، قررت الحكومة في 24 أبريل 1915، إغلاق ما يعرف باللجان الثورية الأرمنية، ونفي بعض الشخصيات الأرمنية البارزة.
واتخذ الأرمن ذلك التاريخ ذكرى لإحياء "الإبادة الأرمنية" المزعومة، في كل عام.
وفي ظل تواصل الاعتداءات الأرمنية رغم التدابير المتخذة، قررت السلطات العثمانية في 27 مايو/ أيار 1915، تهجيرالأرمن القاطنين في مناطق الحرب، والمتواطئين مع جيش الاحتلال الروسي، ونقلهم إلى مناطق أخرى داخل أراضي الدولة العثمانية.
ومع أن الحكومة العثمانية خططت لتوفير الاحتياجات الإنسانية للمهجّرين، إلا أن عددا كبيرا من الأرمن فقد حياته خلال رحلة التهجير بسبب ظروف الحرب، والقتال الداخلي، والمجموعات المحلية الساعية للانتقام، وقطاع الطرق، والجوع، والأوبئة.
وتؤكد الوثائق التاريخية، عدم تعمد الحكومة وقوع تلك الأحداث المأساوية، بل على العكس، لجأت إلى معاقبة المتورطين في انتهاكات ضد الأرمن أثناء تهجيرهم، وجرى محاكمة وإعدام المدانين بالضلوع في تلك المأساة الإنسانية، رغم عدم وضع الحرب أوزارها.
** الحاجة إلى ذاكرة عادلة والتفهم المتبادل
وتطالب أرمينيا واللوبيات الأرمنية في أنحاء العالم بشكل عام، تركيا بالاعتراف بما جرى خلال عملية التهجير على أنه "إبادة عرقية"، وبالتالي دفع تعويضات.
وبحسب اتفاقية 1948، التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بخصوص منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، فإن مصطلح "الإبادة الجماعية" (العرقية)، يعني التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية.
وتؤكد تركيا عدم إمكانية اطلاق صفة "الإبادة العرقية" على أحداث 1915، بل تصفها بـ "المأساة" لكلا الطرفين، وتدعو إلى تناول الملف بعيدا عن الصراعات السياسية، وحل القضية عبر منظور "الذاكرة العادلة"، الذي يعني باختصار التخلي عن النظرة الأحادية الجانب إلى التاريخ، وتفهم كل طرف ما عاشه الآخر، والاحترام المتبادل لذاكرة الماضي لدى كل طرف.
كما تقترح تركيا القيام بأبحاث حول أحداث 1915 في أرشيفات الدول الأخرى، إضافة إلى الأرشيفات التركية والأرمنية، وإنشاء لجنة تاريخية مشتركة تضم مؤرخين أتراكا وأرمن، وخبراء دوليين.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!