ترك برس
شهدت التجارة الإلكترونية في تركيا تطوراً وانتشاراً واسعين خلال السنوات الأخيرة، وتجلى ذلك بظهور العديد من المنصات الخاصة بالتجارة والتسوق الإلكتروني، وكان آخرها منصة "درزن" التي تعمل كمنصة لتجارة الجملة تربط بين التجار حول العالم مع المصنعين والموردين الأتراك.
وفي ظل جهود الحكومة التركية للتغلب على أزمة التضخم التي تشهدها البلاد منذ نحو عامين، التي دفعتها للعودة إلى سياسة رفع سعر الفائدة والتشديد النقدي، تكافح أنقرة لإبعاد شبح الركود عن اقتصادها القائم على الإنتاج والتصدير، من خلال اتباع سياسات تحفز القطاع الصناعي وتفتح الأسواق العالمية أمامه كوجهات للتصدير.
وفي هذا الإطار، تبرز التجارة الإلكترونية، ولا سيما تجارة الجملة، بوصفها أحد الخيارات المطروحة أمام الفريق الاقتصادي، حيث تعول أنقرة على توسيع هذا القطاع بقصد إنعاش قطاع الصادرات وبلوغ هدف الـ300 مليار دولار، الذي أعلنت عنه مرارا، وصولا إلى هدف 400 مليار دولار في عام 2028 بحسب ما ذكر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وأظهرت أرقام رسمية أن حجم الصادرات التركية وصل في الشهور الخمسة الأولى من العام الجاري إلى 102 مليار و467 مليون دولار، بينما بلغت الواردات 158 مليارا و498 مليون دولار.
أما حجم التجارة الإلكترونية في البلاد، فقد وصل إلى 40 مليار دولار خلال عام 2022 بحسب أرقام وزارة التجارة التركية، فيما اقتصرت الصادرات عبر الإنترنت على 1.7 مليار دولار في نفس العام.
ربط المصانع التركية بالعالم
ويرى مراقبون أن جولة أردوغان الأخيرة إلى دول السعودية وقطر والإمارات تأتي في إطار البحث عن توسيع آفاق التعاون الاقتصادي وتعزيز التبادل التجاري بما يخلق فرصا أكبر أمام المصدرين الأتراك، بحسب ما نقله تقرير لـ "الجزيرة نت".
وكشفت بيانات مجلس المصدرين الأتراك نمو الصادرات التركية إلى المنطقة العربية بنسبة 17.8% خلال عام 2022، لتبلغ نحو 34.2 مليار دولار، وتصدرت السعودية الدول الأكثر نموا بالتجارة مع تركيا، إذ سجلت واردات الرياض من تركيا نموا بأكثر من 400% خلال العام الماضي.
وفي إطار سعيها لتعزيز الصادرات عبر التجارة الإلكترونية، أصدرت تركيا في 24 أغسطس/ آب من العام الماضي قانونا ينظم عملية التصدير الإلكتروني المعروفة اختصارا بـ (B2B)، وقامت بتعديله وإجراء تحديث له في 21 مارس/ آذار من العام الجاري.
وفي مبادرة شبيهة بموقع "علي بابا" الصيني الذي يربط مصانع الصين بالعالم، أنشأ رجال أعمال في تركيا مؤخرا منصة "درزن" (Derzan) لتجارة الجملة الإلكترونية لربط جميع المصانع التركية بالعالم، وخاصة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لتصبح أول وأكبر منصة من نوعها في البلاد.
فرصة سانحة
يقول رجل الأعمال ومؤسس "درزن" صادق قاسم أوغلو، إنه استلهم فكرة تأسيس المنصة من التغيرات في السياسة الاقتصادية والتشريعات القانونية والقرارات المتسارعة الحكومية الهادفة لدعم التصدير.
وأضاف قاسم أوغلو، وهو استشاري وخبير في التجارة الإلكترونية، أنه حاول التقاط الفرصة بالاعتماد على خبرته في هذا المجال وفي التبادل التجاري الدولي، وإدراكه لحجم الثغرات التي يمكن أن تغطيها المنصة الجديدة.
وتعمل "درزن" كمنصة لتجارة الجملة تربط بين التجار حول العالم مع المصنعين والموردين الأتراك، وتقدم أكثر من 2 مليون منتج تركي تشهد إقبالا في دول الشرق الأوسط وبقية دول العالم، وتغطي القطاعات كافة، بحسب قاسم أوغلو.
وأوضح أن "درزن" تقدم مجموعة واسعة من المنتجات في جميع القطاعات لتلبية احتياجات المتاجر والتجار الذين يبحثون عن شراء السلع بكميات كبيرة بأسعار المصنع مباشرة، وتقدم المنصة الدعم لروادها لمساعدتهم في أي استفسارات أو مشكلات قد تواجههم خلال عملية التفاوض والشراء.
ويؤكد رجل الأعمال والمستشار في التجارة الإلكترونية أن مثل هذه المواقع والخدمات الإلكترونية وضعت نفسها حلا شاملا للمستوردين العالميين من تركيا، حيث تجمع كل مكونات المعاملة التجارية تحت مظلة واحدة، كما تتيح الاجتماعات الافتراضية مع الشركات مما يمكن المشترين والبائعين من مناقشة الصفقات وتكوين علاقات مباشرة.
يقول القائمون على "درزن" إن موقعهم يقوم أيضاً بتخفيف التكلفة على المستوردين، عبر تجميع الشحنات، حيث يتم دمج البضائع من موردين متعددين في شحنة واحدة مما يجعل المنتج أكثر اقتصادية للمشتري.
سد الفجوة الكبيرة
وذكر تقرير سابق لوكالة الأناضول، أن حجم سوق التجارة الإلكترونية في تركيا بلغ 800 مليار ليرة خلال العام 2022 بمعدل زيادة 109% عن العام 2021، في حين ارتفع حجم التجارة الإلكترونية من إجمالي حجم التجارة إلى 18.6%.
ويقول مؤسس منصة "درزن" إنه بالنظر إلى الأرقام، فإن هناك فجوة كبيرة في قطاع التصنيع التركي لم يتم تغطيتها من قبل منصات التجارة الإلكترونية، موضحاً أن نحو 4% فقط من الشركات التركية تصدر منتجاتها إلكترونيا، فيما لم يدخل الـ 96% المتبقون إلى السوق بعد.
وحول استهداف "درزن" للتجار العرب، بشكل خاص، أوضح قاسم أوغلو أن المنصة تتيح المقارنة بين المصادر والتفاوض للحصول على أفضل سعر للكميات المطلوبة مع وجود مترجمين طوال الوقت للمساعدة، فيما توفر المنصة ضمانات للجودة وتسليم الطلبات، وكذلك توفر نظام دفع آمن وخيارات شحن موثوقة.
وكان أردوغان قد حدد هدفا لحكومته يتمثل في جعل تركيا في مصاف الدول العشر الأولى الأكثر تصديرا في العالم، بعد وصول السلع التركية إلى أسواق 197 دولة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!