مروة أوروتش - صحيفة يني شفق – ترجمة وتحرير ترك برس
بعد الفترة الرومنسية الهادئة التي نعم بها الشعب التركي إثر النجاحات التي كانت تحققها محادثات السلام نرى اليوم الشعب وهو يشتاق لها، فقد أعلن حزب العمال الكردستاني قبل أسابيع انتهاء فترة التهدئة واستأنف عملياته في الأراضي التركية بناء عمّا يعتقده في دوره باللعبة الكردية تماشيا مع أجنداته وخطته في المنطقة.
ومثال ذلك هو إعادة استئناف الحزب للمواجهات والأعمال الإرهابية في 2003 بعد احتلال الولايات المتحدة الامريكية للعراق؛ اذ رأى فيها فرصة ذهبية له. وكانت كذلك عندما تقلد حزب العدالة والتنمية مقاليد الحكم في البلاد وكانت من 2004 الى 2010 حيث امتازت هذه الفترة بالمواجهات الصعبة والعنيفة. لكن وفي 2005 تقدم حزب العدالة والتنمية بالإشارات للأكراد داعيا الى الديمقراطية، ثم سعا نحو حل كل مشاكلهم عبر العملية السياسية في 2009، لكن حزب العمل الكردستاني وامثاله من الرافضين لهذه الحلول السياسية سعو جاهدين لتخريب ما يتم بنمائه.
اعلن حزب العمال الكردستاني عن انهاء عملياته في 2010 لكن شرارة الربيع العربي الملتهبة في 2011 كانت بمثابة اعلان بداية العودة لهذه العمليات، فقد كان الهجوم الإرهابي على موكب الرئيس في 4 مارس 2011 هو مؤشر هذا الكلام، ثم كانت العودة المحققة للعمليات الإرهابية والتخريبية بعد الانتخابات في 2011 عندما استأنف عمليات قطع الطريق والترهيب وغيرها، واستمرت هذه العمليات في وتيرة متزايدة وبلغت حدتها في اغسطس وايلول عندما قام حزب العمال الكردستاني بمهاجمة نقطة عسكرية في هكاري ثم كان الرد على ذلك بضربات جوية على جبل قنديل.
وكانت الدفعة الجديدة التي حصل عليها حزب العمال الكردستاني لاستكمال خطته هو ما كان من انشغال الحكومة التركية بالتنظيم الموازي وما خلفه من أزمات اثرت على الراي العام التركي والعالمي، لكن النجاحات التي حققتها حكومة حزب العدالة والتنمية في كشف بعض الأعضاء الكبار في الدولة العميقة القت بظلالها على حزب العمال الكردستاني.
سعى حزب العمال الكردستاني الى استغلال عذابات الاكراد وعمل ربيع كردي على غرار الربيع العربي، وبتوصية إيران سعى النظام السوري الذي لم يكن أصلا معترفا بحق الاكراد الى اتفاق مع الاكراد في الشمال، وكانت المحصلة هو تجمع حزب العمال الكردستاني في شمال سوريا لإنشاء فرع لهم سمي بحزب الاتحاد الديمقراطي، وأعلن الحزب بان المناطق التي سيطر عيها مناطق شبه مستقلة للأكراد رغم تحذيرات برزاني وانقرة. وكانت نتائج هذه التحركات هو الاستمرار في عمليات التعزيز والتوسع في الشريط الشمالي السوري، ومحاولة خلق أجواء ثورية وانتفاضيه في جنوب شرق تركيا، وكانت هذه الاستراتيجية هي بمثابة الرد الايران على تركيا.
اثناء محدثات السلام انتشرت الأسئلة النقدية من أطراف مختلفة ولأهداف متنوعة كان أبرزها: لماذا يترك حزب العمال الكردستاني سلاحه؟ وما الذي حققه حتى يترك سلاحه؟ ثم كانت من بعدها اتهامات البعض لأوجلان بانه يريد التحالف مع الاسلاميين؟ وكان السؤال بالنسبة لهم من الذي سيملأ الفراغ الذي تركة حزب العمال الكردستاني، ليكون الجواب سريعا في احداث حديقة الغازي وما بعدها، ثم هجوم داعش على كوباني الذي كان بمثابة الشرارة التي قدحت بالزيت، وتلها الاتفاق النووي الإيراني الذي كان مع سابقاتها مفاتيح أساسية في تغير الموازين والموازنات السياسية.
نعاين اليوم جبهتان مفتوحتان على تركيا، اما الجبهة الأولى فهي ضد تنظيم داعش، واما الثانية فهي جبهة محادثات السلام واطرافها، فالأطراف الداخلية تتنازع بين مؤيد ومعارض لما يقوم به اردوغان، حتى ان كثير من هؤلاء ممن كان معارضا لمحادثات السلام في السابق بات يتصرف اليوم كمؤيد بسبب تغير الموازنات السياسية. اما حزب العمال الكردستاني فقد ظهر على حقيقته التي كانت تختفي خلف لثام استخدام واستغلال مظلومية الاكراد؛ فبعد كل ما قدمه اردوغان وحزب العدالة والتنمية من سبُيل وطُرق وخيارات للحل لم يعد في وسعنا سوى شرح ذلك للشعب.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس