عبد الله مراد أوغلو - يني شفق - ترجمة وتحرير ترك برس
اللاجئون يسيرون في الطريق الصحيح، لأنهم يذكروننا كل يوم بما فعلته قوى الاستعمار في بلادنا من نهب وسرقة، يموتون ويتعذبون يوميا من أجل تذكيرنا بذلك، ولسان حالهم يقول للغرب:
"أنتم تعيشون في رفاهية اكتسبتموها من خلال تدمير بلداننا، من خلال استعمارنا، وسرقة ثرواتنا، وجعلتمونا عبيدا لكم، ومزقتم الروابط بيننا، وخلقتم حدود مصطنعة بين أراضينا، ودعمتم الأنظمة الدكتاتورية، أصبحتم أغنياء، لأنكم أزلتم الحدود فيما بينكم، وفي نفس الوقت، تقومون بتمزيقنا إلى جزيئات أكثر، فنحن كنا نموت بالآلاف، وأنتم تقولون "جئنا لكم لتطبيق الديمقراطية"، وما نحن الآن إلا منتج مصنعكم الذي تعملون فيه منذ 200 عام، نحن الآن نهرب من الجحيم الذي أوجدتموه، ماذا كنتم تنتظرون غير ذلك؟ الآن حان موعد أن تدفعوا الثمن".
يتقدم اللاجئون وسط أمواج الموت، ليشكلوا بذلك حركة عصيان مدني ضد الغرب الصامت عن الجرائم المرتكبة بحقهم، ولأن الغرب جزء من مشكلتهم، سيستمر شلال الهجرة إليهم، وقد أشار إلى ذلك البروفيسور السياسي الأمريكي مايكل مان، موضحا أنّ قوى الاستعمار الغربي قد حطمت العلاقات بينها وبين المجتمعات المحلية التي تستعمرها، وأضاف:
"التطورات الاستعمارية قد آذت القارة، حيث كانت تبحث القوى الاستعمارية عن تدمير وكلائها في المستعمرات، لكنها لم تنجح في وضع بديلٍ مماثل لها، والضرر الناجم عن ذلك واضح رياضيا على الصعيد الاقتصادي، وهذا ما أثبتته الدراسات والأبحاث على ضعفها".
ثمن الاستعمار سيكون أكبر بكثير مما كتبه البروفيسور مان، وذلك لأنّ القوى الغربية الاستعمارية تحكمت في مصير الشعوب والدول حتى بعد تركها استعماريا، وقد حاول الباحث البروفيسور دارون آجِم أوغلو الإجابة عن سؤال "لماذا بعض الدول غنية والأخرى فقيرة؟"، من خلال بحث أجراه، ونشر نتائجه تحت عنوان "سقوط الأمم: جذور القوة، الغنى والفقر"، والنتيجة كانت هي أنّ القوى الاستعمارية أنتجت حالة من الفقر في البلاد التي احتلتها في أمريكا اللاتينية والهند وافريقيا وآسيا الوسطى وجنوب آسيا والشرق الأوسط، ونتج عن ذلك شلال هجرة بدأ منذ أكثر من 50 عاما، هجرة عابرة للقارات من تلك البلدان إلى الدول الاستعمارية.
الأسباب التي تدفع اللاجئين إلى المخاطرة بحياتهم من أجل الهجرة إلى الغرب، سببه ما أحدثه الأخير من تدمير في الشرق، وهذا أمر سيبقى وصمة عار على جباههم، ومن يتحمل مسؤولية مراجعة هذه الأخطاء وتلافيها هو الغرب، لأن الأزمة الآن هي أزمة الغرب، وستتحول هذه الأزمة إلى أزمة عالمية، إذا لم تقم أوروبا بما يتوجب عليها القيام به لهؤلاء اللاجئين، لأنّ عدم القيام بذلك يعني تفجير الأزمة في وجه كل دول العالم.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس