ترك برس
"وفقًا للمفهوم العثماني؛ الاقتصاد هو إحدى الآلات المهمة التي يجب أن توظف لزيادة رفاهية المواطنين وليس الدولة، من خلال وضع الاقتصاد تحت إمرة الإنسان وليس الإنسان تحت إمرة الاقتصاد، ولترجمة ذلك على الواقع، سعت الدولة العثمانية لتحقيق الاكتفاء الذاتي في قطاعات اقتصادية مختلفة، وحرصت على دعوة مواطنيها لاستهلاك المنتج المحلي بشكل أساسي." هكذا لخص المؤرخ الاقتصادي الأستاذ في جامعة إسطنبول شهير "محمد جينج" السياسية الاقتصادية للدولة العثمانية في مقاله بمجلة التاريخ العميق (دارين تاريخ) "اقتصاد يخدم كافة الطبقات".
يُشير جينج إلى أنه تناول السياسة الاقتصادية للدولة العثمانية تجاه مواطنيها في كتابه "الدولة والاقتصاد في الإمبراطورية العثمانية"، والذي لخص فيه الموارد الأساسية للدولة كما يلي:
ـ الغنائم: شكلت غنائم جيش الإنكشارية المصدر الاقتصادي الأساسي للدولة العثمانية، وظل هذا المصدر موجودًا حتى القرن السادس عشر وبالتحديد حتى عهد السلطان "سليم الثاني"، وذلك لعدم اهتمامه بالجيش وتراجع القدرات العسكرية للدولة العثمانية وبالتالي تراجع الغنائم.
ـ الضرائب: كان نظام تحصيل الضرائب في الدولة العثمانية يسمى "أصول الالتزام"، ويعتمد على الملتزم الذي يأخذ مناقصة من الدولة لجمع الضرائب في مقاطعة ما ويتعهد للدولة بدفع مبلغ معين سنويًا، ويذهب هو لجمع الضرائب من مقاطعته على شكل سلع يبيعها في السوق ليجني الثمن الذي دفعه للدولة ويحقق ربحه، وكانت قيمة الضرائب تحدد من قبل الإدارة العليا للدولة.
ـ نظام التيمار: يقوم على منح الدولة مساحة من الأرض لأحد المواطنين على أن يتعهد بكفالة رواتب فئة معينة من موظفي الدولة، وبذلك توفر الدولة رواتب لموظفيها وفرصة عمل للمزارعين.
ـ الضرائب الجمركية: الضرائب المفروضة على حركة التجارة.
يشير جينج إلى أن النظام الاقتصادي العثماني كان يعتمد على عدة مبادئ تدل على أهمية رفاهية المواطنين في السياسة الاقتصادية للدولة العثمانية، ومنها:
ـ مبدأ "الإعاشة": يركز هذا النظام على توفير فرص العمل والرفاهية للمواطنين، ولكن ليس على حساب الفقراء لصالح الأغنياء أو العكس، بل لصالح الجميع على حساب الجميع.
ـ مبدأ رفع الدخل: ويعني رفع قيمة النقد لأعلى مستوى ممكن، ويعتمد على أنشطة تقوم بها الدولة لتوفير مصادر اقتصادية ترفع قيمة الخزينة لصالح المواطن.
ـ مبدأ الاقتصاد التقليدي: يعتمد على إيجاد المواد الخام مثل المعادن وغيرها، لزيادة دخل الدولة ومن ثم المواطن.
ويوضح جينج أن النظام الاقتصادي للدولة العثمانية حرص على مصلحة المواطن في المقام الأول، والدليل على ذلك أن الدولة لم تمر بمجاعة أو أزمة اقتصادية شديدة على طول تاريخها، باستثناء الفترة الأخيرة من حكمها بسبب عدم الاستقرار السياسي.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!