جلال سلمي - خاص ترك برس
بالرغم من عدم تأكيد الجانب التركي، إلا أن بعض الصحف العربية، لا سيما العربي الجديد، أشارت، نقلاً عن مسؤولين عراقيين رفيعي المستوى، إلى أن وفداً عسكرياً رفيع المستوى سيصل إلى بغداد خلال الفترة المقبلة، بهدف بدء مباحثات مشتركة فيما يتعلق بتوقيت وآلية انسحاب القوات التركية من معسكر بعشيقة البعيدة عن الموصل مسافة 27 كيلو متراً.
يُشار إلى أن ما يقارب ألفي عسكري تركي انتقلوا إلى معسكر بعشيقة مطلع عام 2015، بطلب من الحكومة العراقية وفق ما أكّدت الحكومة التركية التي أوضحت، فيما بعد، أن انتشارها جاء في إطار اضطلاعها بمهام إسناد وتدريب قوات البشمركة النظامية الكردية والعشائر العربية المنهاضة لتنظيم "داعش"، والقوات العراقية إن احتاج الأمر، غير أن بغداد تنفي تلك المزاعم، وتطالب أنقرة بسحب قواتها بأسرع وقت ممكن، متهمةً أنقرة بالتمادي في اختراق سيادتها.
وفقاً للعوامل الماثلة على أرض الواقع، نجد أن تركيا قد تتجه نحو سحب قواتها من الموصل:
أولاً: استعادة بغداد السيطرة السيادية على الموصل: باستعادة بغداد السيطرة، تستعيد شرعيتها السيادية الوحيدة على المدينة كاملاً، وبالتالي بات من حقها أن تطالب أنقرة بالانسحاب، كون الذريعة التي كان تسوقها أنقرة على "أن قواتها موجودة هناك" حتى يتم تحرير الموصل، وحتى يتم المساهمة في محاربة "داعش" وحماية المدنيين أصبحت زائلة.
ثانياً: مخاطبة الود العراقي الإيراني: باتجاه إقليم العراق نحو الاستفتاء على الاستقلال الذي يشكل خطراً استراتيجياً على مصالح تركيا، في حال حدث، وبرفع قوات الحشد الشعبي ـ المحسوبة على إيران ـ حدة تهديداتها بالهجوم على تلعفر ـ عاصمة التركمان في الموصل ـ والتي تبعد بعض الشئ عن معسكر بعشيقة، تغدو أنقرة مجبرةً على مخاطبة الود العراقي الإيراني لإرجاح كفة ميزان القوى الخاص بالساحة العراقية لصالح مصالحها، بحيث تصبح قادرة على اتخاذ إجراءات مشتركة بالتعاون مع بغداد وطهران لمنع تحول الاستقلال إلى أمر واقع يكسب الشرعية الدولية، وتمنع هجوم قوات الحشد الشعبي على تلعفر دبلوماسياً.
ثالثاً: مخاطبة الود العراقي، للحفاظ على مسار التعاون الاقتصادي معه، منافسةً لإيران التي تسعى سحب البساط من تحت تركيا. كما ترمي تركيا، على الأرجح، إلى إعادة استخدام العراق كميناء بري ينقل بضائعها إلى الخليج، كما كان الحال قبل سقوط الموصل في يد "داعش".
في الختام، وجود القوات التركية هناك كانت بهدف متابعة عملية تحرير الموصل، وتقديم الخدمات التدريبية للقوات المشاركة في عملية تحرير الموصل. وفي إطار تعهد بغداد بأن يتم تحرير تلعفر على يد القوات العراقية فقط، قد تُظهر تركيا ليونة في مناقشة عملية الانسحاب، كون وجودها هناك جاء في إطار ذريعة قانونية مفادها "استدعاء بغداد القوات التركية في إطار تدريب القوات حتى يتم تحرير الموصل"، وقد انتهى شرط هذه الذريعة. لكن، لا شك أن عملية الانسحاب قد تتم ببطئ حتى تضمن تركيا دخول القوات العراقية، بدون الحشد الشعبي، إلى تلعفر.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس