د. مصطفى حامد أوغلو - خاص ترك برس
تخوض تركيا في الرابع والعشرين من حزيران/ يونيو القادم، انتخابات ثنائية، معقدة ومختلفة تماماً، عن كل الانتخابات السابقة في ظل الحياة الديمقراطية والانتخابات الحرة على مدى عمر تركيا الحديثة.
ثنائية، لأن الناخب سيصوت لأول مرة على اختيار النظام الرئاسي والبرلماني في يوم واحد، واقتراع مشترك.
ومعقدة، لأن تركيا ولأول مرة أيضاً تخوض انتخابات برلمانية بقائمتين ونصف فقط،بدل قوائم طويلة تجمع كل الأحزاب المشاركة بالانتخابات وقد تطول هذه القائمة لأكثر من عشرة أحزاب.
اليوم هناك اتفاقين فقط، بالإضافة إلى حزب الشعوب الديمقراطية، الذي لم يجد مكاناً له في كلا الاتفاقين.
الاتفاق الأول هو اتفاق "الجمهور" الذي يجمع حزب العدالة والتنمية الحاكم، بالإضافة الى حزب الحركة القومية، ومرشحين ضمن قائمة العدالة والتنمية لأعضاء حزب "الاتحاد –بيوك بيرليك-الكبير"، الذي يعتبر فرعاً للحركة القومية والأقرب للعدالة والتنمية.
الاتفاق الثاني هو اتفاق المعارضة الذي أطلق عليه اسم "اتفاق الملًة –ملًات"ويضم حزب الشعب الجمهوري، وحزب السعادة، والحزب الجيد.
هذا يعني أن الصراع المحتدم، سيكون بين الحزب الحاكم والمعارضة مجتمعة ضده، وبيضة القبان ستكون اصوات الأكراد كما كانت في كل مرة.
الكل اليوم يسأل كيف ستكون النتيجة في مساء الرابع والعشرون من حزيران؟
وكيف سيكون لون خارطة تركيا في تلك الليلة هل سيعلوها اللون البرتقالي أم سيغلب عليها لون جديد!!؟
لون جديد هو مزيج من ألوان المعارضة، التي لا يعرف أحداً ماهية ذلك اللون الذي سيكون في حال فازت المعارضة، التي جعلت أولويتها هي إسقاط أردوغان وبعدها لكل حادث حديث.
استطلاعات الرأي هذه الأيام تعمل بدون توقف، وفي كل يوم نتائج جديدة تنشرها هذه المراكز، ما عدا العشرات التي لا تُنشر، وهي الأهم، وهي التي يمكن تخمين نتائجها من ردود أفعال الأحزاب وتصرفاتها ومعنوياتها وتحركاتها وتفاعلاتها...
النتائج المتقاربة تؤكد أن الفوز ليس مضمونا في جعبة أي طرف.
كما أن المفاجآت الأخيرة للناخب التركي في تاريخ تركيا الحديث، وخبرة المتنافسين بهذه التجارب، تجعل كل طرف يبذل كل ما بوسعه لكسب أكبر عدد من التأييد والتعاطف والحشد لضمان الفوز في نهاية المطاف.
الكل يسأل ويستفسر عن مآلات ماذا ستكون النتائج في تلك الليلة..!!؟ والغالبية من هؤلاء يختزلون الأمر بالفوز أو الخسارة للعدالة والتنمية.
صحيح أن صناديق الاقتراع هي صاحبة الكلمة الفصل، وصحيح أن المؤشرات هي لصالح العدالة والتنمية واستطلاعات الرأي تظهر أن الرئيس أردوغان هو المرشح للفوز بالانتخابات الرئاسية ومن الدورة الأولى، لكن هناك احتمالات حسابية تظل قابلة للحصول طالما نتكلم عن نظام انتخابي معقد بسبب حداثته على الناخب. المعارضة أيضاً التي ربما شعرت بأن فوز أردوغان أمراً محسوماً، لذلك هي اليوم تركز على أن تكون لها السيطرة المطلقة على البرلمان لأجل تقييد النظام الرئاسي وتحييد سلطته.
فما هي الاحتمالات والمآلات الحسابية والرياضية التي قد نراها ليلة الانتخابات الحاسمة... وما هي مضاعفات وانعكاسات تلك الاحتمالات...!!؟؟
الاحتمال الأول: فوز الرئيس أردوغان بالرئاسة من الدورة الأولى أو الثانية، وفوز اتفاق "الجمهور" أيضاً بغالبية الأصوات البرلمانية.
أي أن السلطة التشريعية والتنفيذية هي بيد الحزب الحاكم.
هذا يعني فوز النظام الرئاسي الجديد... وتطبيق النظام الرئاسي وسن القوانيين المطلوبة بدون أي عقبات وعوائق.
وهذا يعني استمرار للاستقرار، واستمرار لرئاسة الرئيس أردوغان، واستمرار المشروع التركي لتحقيق أهداف العام 2023 والأهداف التي بعده...
يعني فوز تركيا وفوز المنطقة والشعوب التي تخفق قلوبها مع هذا الفوز...
الاحتمال الثاني: هو فوز مرشح المعارضة بالرئاسة، وفوز المعارضة أيضا بالغالبية البرلمانية...
هذا يعني خسارة العدالة والتنمية والرئيس أردوغان... وهذا يعني دخول تركيا مرحلة جديدة... وربما عودة للنظام البرلماني وحكومة رئاسية ائتلافية - هذا إن اتفق الحلفاء على اقتسام السلطة والمكاسب الجديدة- ...
هذا يعني أيضاً مرحلة جديدة تؤثر على كل المسارات الاقتصادية والسياسية، الداخلية والخارجية...
وربما تكون كارثة على تركيا...
الاحتمال الثالث: هو فوز الرئيس أردوغان بالرئاسة من الدورة الأولى، لكن مع فوز المعارضة بغالبية مقاعد البرلمان...
يعني السلطة التشريعية بيد المعارضة والرئاسة بيد العدالة والتنمية...
سلطة برأسين مختلفين متناقضين...
المعارضة تعيق الرئاسة وتحاصر الرئيس بسن القوانين وتحييد الصلاحيات...
النتيجة: عرقلة النظام الرئاسي وعرقلة القوانيين والإجراءات الإصلاحية...
الحل: الذهاب لانتخابات خلال فترة قصيرة، إما أن الرئيس سيقول بأن المجلس يعيق عملي ويفسخ المجلس ويقود البلاد لانتخابات رئاسية برلمانية جديدة، أو أن المعارضة وبنشوة الفوز البرلماني هي من تفضل هذا الحل...
الاحتمال الرابع: يفوز مرشح المعارضة بالرئاسة ويفوز اتفاق "الجمهور" بالغالبية البرلمانية
يعني الرئاسة بيد المعارضة والبرلمان بيد العدالة والتنمية...
هذه الحالة لن تستمر طويلاً ولن يقبل العدالة والتنمية بهذه الحالة بدون رئيسه وسيقود البلاد لانتخابات مبكرة جداً... يعني خلال أشهر قليلة...
طبعا هذه كلها احتمالات قابلة للتوقع والحدوث...
العدالة والتنمية هدفه تحقيق الاحتمال الأول
ويبدو أن المعارضة تسعى لتحقيق الاحتمال الثالث على الأقل، وإن كانت راضية بالاحتمال الثاني وحتى الرابع.
ويبقى النصف المكمل لهذين الاتفاقين وهو حزب الشعوب الديمقراطي، أي بيضة القبان يعني أصوات الأكراد، هي التي ستثقل هذه الكفة من تلك.
عدم قدرة الحزب بتخطي عتبة الانتخابات يعني أن معظم الاصوات ستذهب لاتفاق "الجمهور "ويعني هذا فوز الاحتمال الأول... وفوزه أيضاً قد يعني سحب أصوات من المعارضة وإفشالها...
ويظل الناخب هو من يحدد ويختار.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس