(أتاتورك برفقة الثوار الليبيين في مواجهة الإيطاليين)
ترك برس
استشهد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في إحدى حواراته الصحفية السابقة، بالبحّار العثماني خير الدين بربروس، في سياق حديثه عن دعم بلاده لليبيا، على مختلف الأصعدة.
وقال أردوغان حينها": "ها نحن بصدد اتخاذ خطوات جديدة ومختلفة في كل من ليبيا وشرق البحر المتوسط. ونأمل في أن يحقق جنودنا في شرق المتوسط ملاحم بطولية كتلك التي حققها خير الدين بربروس، وهم بالفعل سيواصلون كتابة تلك الملاحم".
وفي هذا الإطار، نشرت القناة الرسمية التركية، مشاهد مصورة قديمة لمؤسس الجمهورية التركية الحديثة مصطفى كمال أتاتورك أثناء قتاله إلى جانب الثوار الليبيين في مواجهة الاحتلال الإيطالي، في خطوة للرد على المعارضةَ التي يقودها حزب الشعب الجمهوري، والتي تعارض إرسال الحكومة قوات إلى ليبيا.
ودعا التقرير المذكور، المعارضة التركية إلى "التمعن" في صورة لأتاتورك مضى عليها نحو 109 سنوات، وفقاً لما نقله "الجزيرة نت."
ومنذ بدأ السجال الداخلي حول إرسال قوات تركية إلى ليبيا، أخرجت كل من الحكومة والمعارضة ما في جعبتهما من أوراق لتعزز بها موقفها، بما في ذلك أجندة التاريخ ومواقف أنقرة من القضايا المشابهة.
فبينما استشهد قادة المعارضة وكتابها بموقف البرلمان الذي رفض إرسال القوات التركية للقتال في العراق عام 2003، شبّه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إرسال القوات إلى طرابلس بركوب القبطان خير الدين بارباروس البحر على رأس الأساطيل البحرية لمواجهة أعداء الدولة العثمانية.
وخير الدين بربروس هو أول قائد للأسطول العثماني، ولا يزال يصنف حتى اليوم أحد أبرز القادة البحريين، وممن ساهموا في تأسيس الإمبراطورية العثمانية.
وعام 1502، بدأ بربروس وشقيقه عروج بمحاولات فرض السيطرة على البحر المتوسط، حيث اكتسبا شهرة كبيرة في تلك الفترة بفضل الانتصارات التي حققاها في إسبانيا وجنوة (جنوب إيطاليا حاليا)، وفرنسا.
وفي الوقت الراهن، يعرف الأتراك جيدا شخصية خير الدين بربروس، ويُطلَق عليه في المناهج الدراسية لقب "أمير البحار"، وتُروى القصص عن سيرته في مواجهة الأوروبيين وفرضه الحصار على الشواطئ الفرنسية في القرن الـ16.
لكن المراقبين الأتراك يرون في استدعاء التلفزيزن الحكومي صور أتاتورك إلى جانب الثوار الليبيين أثرا أعمق، واعتبرها البعض "إنزالا خلف خطوط الخصوم".
وترى الباحثة الأكاديمية في علم الدلالة بجامعة "أرل" آية جيليك أن استحضار سيرة أتاتورك أوصل -وبفعالية مطلقة- رسالة إلى المعارضة التركية عبر استخدام رمز دلالي أعلى في وعيها الجمعي، وهو الزعيم والمؤسس أتاتورك.
اعتبرت أن هذه الخطوة أزالت الكثير من عقبات التشويش من أمام جمهور المعارضة في تعرضه للرسالة، وخففت من تأثيرات الانطباع المسبق عن مصدر الرسالة باعتباره خصما سياسيا.
وأضافت جيليك أن تلك الخطوة "أحدثت تأثيرا عميقا، إذ أراحت أنصار المعارضة وقواعدها من جهة، وأحرجت قادة الرأي والمنظرين لها من جهة أخرى".
وأشارت إلى أن الأتراك عادة ما يبحثون بجدية وشغف عن أي معلومة يتلقونها.
وتقول المصادر التاريخية التركية إن أتاتورك توجه فيما مضى، إلى ليبيا بصحبة عدد من الضباط الأتراك لقتال المحتلين الإيطاليين، وخاض مع الثوار العديد من المعارك خاصة في درنة وطبرق.
ويبدو استحضار تاريخ أتاتورك ملهما في سير المعارك والحروب، إذ يقول الباحث والمؤرخ التركي جنكيز أونال إن له "مكانة خاصة منفردة في الثقافة والوعي التركي".
ويشير إلى تقدير الأتراك بشكل خاص للقيمة الحربية لأتاتورك حيث خلعوا عليه في حياته لقب "الغازي"، وهو اللقب الأعلى في سلم المراتب والدرجات القيادية لدى المجتمعات التركية عبر العصور.
وأوضح أونال أن هناك دلالة خاصة لأتاتورك عند استحضاره في السياق العسكري، فهو القائد الذي حمى التراب التركي من الغزو اليوناني، ومن الحلفاء الذين سعوا لاحتلال تركيا.
والخميس الماضي، صوّت 325 نائبًا في البرلمان التركي، لصالح مذكرة التفويض الرئاسية لإرسال قوات، مقابل رفض 184 نائبًا، ليتم تمرير المذكرة.
وجاء في مذكرة التفويض أن الجهود التي بدأتها ليبيا، عقب أحداث فبراير/ شباط 2011، لبناء مؤسسات ديمقراطية، ذهبت سدى بسبب النزاعات المسلحة المتزايدة، التي أدت إلى ظهور هيكلية إدارية مجزّأة في البلاد.
وأكدت أن من الاعتبارات التي تدفع تركيا نحو إرسال قوات عسكرية إلى ليبيا، هو حماية المصالح الوطنية، انطلاقًا من القانون الدولي، واتخاذ جميع الاحتياطات اللازمة ضد المخاطر الأمنية، والتي مصدرها جماعات مسلحة غير شرعية في ليبيا.
وأيضًا من الاعتبارات، الحفاظ على الأمن ضد المخاطر المحتملة الأخرى، مثل الهجرات الجماعية، وتقديم المساعدات الإنسانية التي يحتاجها الشعب الليبي، وتوفير الدعم اللازم للحكومة الشرعية في ليبيا.
وبينت المذكرة أن تقدير زمن إرسال قوات تركية إلى ليبيا ومكان انتشارها، سيكون في عهدة رئيس الجمهورية، وفقًا للمبادئ التي حددها الرئيس بشأن اتخاذ جميع أنواع التدابير للقضاء على المخاطر والتهديدات.
كما أوضحت أن مدة التفويض ستكون عامًا واحدًا قابلة للتمديد، وفقًا للمادة 92 من الدستور التركي المتعلقة بإرسال قوات عسكرية إلى دول أجنبية.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!