ترك برس
تساءل تقرير صحفي عن أسباب توقف التصريحات التركية بشأن تفعيل منظومة صواريخ "إس 400" الروسية للدفاع الجوي، وعمّا إذا كانت أنقرة عازمة على تفعيل المنظومة بالفعل قبيل انقضاء أبريل/ نيسان الحالي، أم أن هناك تأخيراً متوقعاً لأسباب تقنية أو سياسية.
وأشار التقرير الذي نشرته صحيفة "القدس العربي"، إلى وجود حالة من الغموض والصمت حيال ملف "إس 400" الدفاعية الروسية في تركيا مع حلول الموعد المقرر لتفعيلها، في ظل تكهنات حول مدى جدية أنقرة في القيام بالخطوة الأخيرة والمفصلية في هذا الملف.
ورأت الصحيفة أن الخطوة المفصلية تتمثل في تفعيل المنظومة وإدخالها الخدمة الفعلية بعد انتهاء مراحل الشراء والنقل والتدريب والتجريب، وذلك في ظل خلافات جوهرية متواصلة مع الولايات المتحدة التي تعارض الخطوة التركية بقوة وتهدد بمزيد من العقوبات.
وفي تصريحات مختلفة، كان آخرها الشهر الماضي، أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن بلاده سوف تفعل المنظومة الروسية وتدخلها الخدمة الفعلية بحلول شهر أبريل/نيسان 2020، وهو التاريخ الذي أكدته تصريحات أخرى لكبار المسؤولين الأتراك، منهم وزيرا الدفاع والخارجية.
ولكن وعلى الرغم من انقضاء النصف الأول من الشهر الحالي، توقف المسؤولون الأتراك عن إطلاق أي تصريحات تتعلق بتفعيل المنظومة الروسية، وسط غموض حول ما إن كانت أنقرة عازمة على تفعيل المنظومة بالفعل قبيل انقضاء الشهر الحالي، أم أن هناك تأخيراً متوقعاً لأسباب تقنية أو سياسية. وفق تقرير "القدس العربي".
وفي حال الحديث عن تأخير يتعلق بأمور تقنية، فالخيارات تنحصر بين انتشار فيروس كورونا الذي أدى إلى توقف أغلب الأنشطة غير الطارئة حول العالم، وهو ما قد يكون تسبب في منع تنقل الوفود التقنية والعسكرية المختصة بين موسكو وأنقرة، وبالتالي أخر وضع اللمسات الأخيرة على تفعيل المنظومة الروسية، أو عدم اكتمال الاختيارات النهائية للمنظومة، وبالتالي صعوبة إدخالها الخدمة قبيل التأكد من الانتهاء بشكل دقيق وكامل من الاختبارات النهائية وقدرة الطواقم التركية التي تدربت في روسيا على تفعيل المنظومة واستخدامها خشية وقوع حوادث غير مرغوب فيها من الجانبين.
من جانب آخر، وفي حال حدوث تأخير فعليّ في تفعيل المنظومة ولم يكن ذلك لأسباب تقنية، فالأمر يتعلق باحتمالين: الأول حدوث خلافات روسية تركية وبالتالي وجود عراقيل روسية أو رغبة تركية في تأخير ذلك، وهو احتمال ضئيل جداً لاسيما وأن أردوغان وبوتين تمكنا من احتواء الخلافات الأخيرة التي تفجرت بين البلدين نتيجة التصعيد العسكري في محافظة إدلب شمالي سوريا. بينما يتعلق الثاني بالأسباب السياسية المرتبطة بالموقف الأمريكي الضاغط على تركيا من أجل التخلي عن المنظومة الروسية.
وفي هذا الإطار، جدد وزير الخارجية التركي، مولود جاوش أوغلو، في تصريحات قبيل يومين، العرض التركي القديم لواشنطن والقاضي بتشكيل لجنة تقنية وفنية مشتركة من أجل البحث في مدى دقة الادعاء الأمريكي بأن المنظومة الروسية تشكل تهديداً على أنظمة الناتو ويمكن أن تتسبب في تسريب معلومات تقنية حساسة تتعلق بطائرات "إف 35" ومنظومة رادارات الناتو وغيرها إلى روسيا، وفي حال وجود موافقة أمريكية على العرض التركي في اللحظات الأخيرة، يمكن أن توافق أنقرة على تأخير تفعيل المنظومة لحين انتهاء عمل اللجنة التي ما زالت ترفضها واشنطن.
لكن كل ما سبق يتعلق بالأسباب المفترضة لاحتمال حصول تأخير فعلي في القرار التركي بتفعيل المنظومة الروسية الشهر الحالي، وهو احتمال قائم لكنه ضعيف مقابل الاحتمال الأقوى بأن تركيا التي اشترت المنظومة وتسلمتها فعلياً وجرى تركيبها وتجريبها في أنقرة، تتجه بالفعل إلى تفعيلها وإدخالها الخدمة في أقرب وقت ممكن، وإن كان هناك تأخير فسيكون محدوداً ولا يتعلق بأي توجه للتخلي عن المنظومة التي دفعت ثمنها قرابة 2.5 مليار دولار لموسكو.
وعلى الرغم من أن تركيا لا ترى في منظومة إس 400 الخيار الاستراتيجي لدفاعها الجوي، إلا أنها تعتبرها حاجة ماسة ومستعجلة نتيجة التهديدات المتصاعدة في المنطقة والحرب في سوريا والتوتر في العراق وإيران والصراع على الغاز في شرق المتوسط، لكنها في المقابل تعمل بشكل حقيقي في محاولة للحصول على منظومة باتريوت من الناتو أو بناء منظومة دفاعية تركية مستقلة بمميزات متطورة.
لكن المعضلة الحالية لا تتمثل فقط في تفعيل المنظومة من عدمه، في ظل وجود تساؤلات كبرى عن مدى جدوى تفعيل المنظومة دون ربطها بنظام مسح جوي (رادار) واسعة ومتطورة، حيث يشكك خبراء عسكريون في فعالية المنظومة في حال تم تشغيلها بشكل مستقل اعتماداً على رادارها الخاص فقط دون ربطها بمنظومة الرادار التركي المرتبطة والمتداخلة مع منظومة حلف شمال الأطلسي الناتو، والذي لا يتوقع على الإطلاق أن يوافق على ربط المنظومة الروسية بمنظومته للمسح الجوي التابعة للناتو.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!