ترك برس
تودع تركيا العام 2023 الذي شهد العديد من الأزمات الإنسانية والاقتصادية والأحداث السياسية المفصلية الحافلة بالتحديات الصعبة، وتستقبل 2024 بطموحات سياسية وخطط تنموية واعدة، لا سيما مع دخولها مئويتها الثانية مع رؤية "قرن تركيا".
وتسعى البلاد عبر هذه الرؤية إلى استبدال سياسة الهوية بسياسة الوحدة، والاستقطاب بالتكامل، والإنكار بالاحتضان، والهيمنة بالحرية، والكره بالمحبة، على حد وصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وفي هذا الإطار، استعرض تقرير لـ "الجزيرة نت" أبرز المحطات التي شهدتها تركيا على كافة الأصعدة، طيلة عام 2023:
توتر وتهديدات وهجمات
بدأت تركيا العام 2023 بتوتر سياسي، إذ استدعت الخارجية التركية في الثاني من فبراير/شباط سفراء كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وهولندا وسويسرا والسويد وبلجيكا وإيطاليا، على خلفية تحذيرات أطلقتها سفارات الدول التسع بوجود تهديدات أمنية في تركيا.
وكانت قنصليات بعض تلك الدول قد علقت عملها في مدينة إسطنبول بحجة وجود تهديدات بوقوع أعمال إرهابية في تركيا، كما دعت رعاياها إلى الحذر من مخاطر هجمات انتقامية بعد حوادث حرق المصحف في دول شمال أوروبا.
وهو الأمر الذي اعتبرته تركيا حربا نفسية تسعى لزعزعة اقتصادها والإضرار بقطاعها السياحي، كما جاء على لسان وزير الداخلية -آنذاك- سليمان صويلو.
وفي الجانب الأمني، أصيب شرطيان تركيان بجروح طفيفة في هجوم بالقنابل شنّه مسلحان صباح يوم الأحد الأول من أكتوبر/تشرين الأول على إحدى بوابات مديرية الأمن التابعة لوزارة الداخلية التركية بالعاصمة أنقرة أسفر أيضا عن مقتل المنفذين، في حين قالت السلطات التركية إن المسلحين خططوا لشن هجوم أوسع مما تم تنفيذه، لكن قوات الأمن أحبطت ذلك.
وكانت مجموعة تسمى "كتيبة الخالدين" تابعة لتنظيم "PKK" تبنّت التفجير، في حين أكد رد الفعل التركي على العملية أن تركيا لن تسمح للإرهاب بأن يتحكم في سياستها، وأنها ستواصل الحرب عليه.
زلزال كهرمان مرعش
عاشت تركيا الكارثة الأسوأ في المنطقة خلال 100 عام، ففي السادس من فبراير/شباط 2023، استيقظ العالم على وقع زلزالين مدمرين ضربا جنوب تركيا وشمال سوريا، وراح ضحيتهما أكثر من 50 ألف شخص وإصابة أكثر من 107 آلاف آخرين.
أثّرت كارثة زلزال كهرمان مرعش على جميع مناحي الحياة في تركيا، وتسبب بخسارة مالية قدرت بنحو تريليوني ليرة (103.6 مليارات دولار)، واستغلت المعارضة الكارثة لتوجيه انتقادات لاذعة للحكومة التركية واتهمتها بالتقصير في أداء دورها الرقابي على الشركات الإنشائية العاملة في المنطقة.
وساهمت هذه الانتقادات في تأليب الشارع التركي على الحكومة التركية قبيل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقرر انعقادها يوم 14 مايو/أيار 2023.
أما على المستوى الخارجي، فشهدت المساعدات الإنسانية تجاوزا للنزاعات السياسية في إطار "دبلوماسية الكوارث"، إذ كان وزير الخارجية اليوناني أول دبلوماسي أوروبي يصل إلى تركيا بعد الزلزال، ليتبعها فتح معبر "علي جان" الحدودي مع أرمينيا بعد 35 عاما من إغلاقه، لإيصال المساعدات للمناطق المنكوبة.
مهدت كارثة الزلزال الطريق أمام تدشين العلاقات التركية المصرية مجددا، إذ بادر وزير خارجية مصر بزيارة تركيا لأول مرة بعد 10 سنوات من القطيعة، الأمر الذي أشادت به تركيا، واعتبرته مسألة مهمة بالنسبة إليها وذات مغزى، ليتوجه وزير الخارجية التركي لزيارة القاهرة في الشهر الثالث من العام 2023 استجابة لدعوة نظيره المصري.
واعتبر محللون أن "المقاربة الإنسانية" للمجتمع الدولي في التعاطي مع كارثة الزلزال المدمر في تركيا فتحت الباب أمام بدء حوار ومفاوضات حول القضايا الخلافية.
الانتخابات الرئاسية والبرلمانية
يوم الأحد 14 مايو/أيار، جرت الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التركية بين مرشح تحالف الجمهور رجب طيب أردوغان، ومرشح المعارضة أو ما يعرف بـ "الطاولة السداسية" كمال كليجدار أوغلو، ورئيس حزب الوطن محرم إنجه ومرشح حزب الأجداد سنان أوغان.
غير أن عدم نجاح أي من المرشحين في الحصول على نسبة 50% + 1 لتأكيد فوزه في الجولة الأولى، أدى إلى ضرورة الاحتكام لجولة انتخابات رئاسية ثانية لأول مرة منذ 100 عام، بين أردوغان وكليجدار أوغلو، في حين تصدر حزب العدالة والتنمية المشهد في الانتخابات البرلمانية بحصوله على 268 مقعدا برلمانيا، بحسب النتائج النهائية.
وأعلن إعادة انتخاب الرئيس رجب طيب أردوغان لولاية جديدة تمتد 5 سنوات في الجولة الثانية للانتخابات يوم الأحد 28 من مايو/أيار، بعد حصوله على 52.18% من أصوات الناخبين مقابل 47.82% لمنافسه كمال كليجدار أوغلو.
وغيّر الرئيس التركي في أول قراراته تشكيلته الحكومية التي أقصى فيها جميع الوزراء السابقين عدا وزيري الصحة والثقافة والسياحة، في إطار التغيير والتنمية التي وعد بها في حملته الانتخابية، ليبدأ فترته الجديدة.
وتصدّر خبر فوز الرئيس التركي بفترة رئاسية جديدة الذي استقبل العديد من الاتصالات من رؤساء دول العالم، الصحافة العالمية، بعد الحملة الإعلامية الشرسة التي أقيمت ضده قبل انعقاد السباق الديمقراطي.
في حين انتقد زعيم المعارضة التركية كمال كليجدار أوغلو الانتخابات الرئاسية، ووصفها بالأسوأ في تاريخ تركيا، كما عبر عن حزنه بسبب الصعوبات التي تنتظرها تركيا.
الملف الاقتصادي
لم تغب تطورات الملف الاقتصادي عن المشهد التركي للعام 2023، إذ أعلن البنك المركزي التركي رفع معدل الفائدة إلى 40% في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي ليكون الأعلى خلال العقدين الماضيين، في إطار السياسة النقدية المتشددة التي بدأت تركيا باتباعها.
بينما أظهرت بيانات رسمية ارتفاع معدل التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في تركيا إلى 61.98% في الشهر نفسه، ولا تزال وعود الحكومة التركية والبنك المركزي بأن تؤتي هذه السياسة ثمارها في عام 2024 قائمة.
السياسة الداخلية
وفي إطار السياسية الداخلية التركية، أطاح أوزغور أوزيل بزعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليجدار أوغلو في انتخابات رئاسة الحزب يوم الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني، ليصبح الرئيس الثامن له، ويواصل كليجدار أوغلو التمسك بلقب السياسي الذي لم يفز بأي انتخابات منذ 2010.
كما بدأت الأحزاب السياسية التركية الاستعداد لخوض انتخابات البلديات عام 2024، وهو ما جدد حالة الاحتدام والمنافسة بين الحكومة التركية والمعارضة، إذ تسعى الأخيرة لمواصلة سيطرتها على بلديات المدن الكبرى كإسطنبول وأنقرة وإزمير، في حين يسعى تحالف الجمهور الممثل بحزب العدالة والتنمية الحاكم لانتزاعها منها.
الرياضة
وجدت الأحداث الرياضية كذلك مكانا في أجندة تركيا للعام 2023، ففي تحدّ للأزمات التي لاحقتها طيلة العام، استضافت مباراة نهائي دوري أبطال أوروبا الذي أقيم في العاشر من يونيو/حزيران على أرضية ملعب أتاتورك الأولمبي في إسطنبول.
واتخذت السلطات التركية إجراءات أمنية وصحية مشددة لضمان سير المباراة بشكل لائق، حيث رفعت ولاية إسطنبول التدابير الأمنية في المدينة، وتم تخصيص نحو 16 ألف شرطي انتشروا داخل الملعب وحوله، وفي المطارات ومحطات المواصلات العامة والساحات والفنادق التي استضافت المشجعين.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!