ترك برس
يرى خبراء ومراقبون أن الخاصية التي تتمتع بها إسطنبول دون غيرها في الانتخابات المحلية التركية مرتبطة بعدة "اعتبارات ومستويات".
وفي تسعينيات القرن الماضي شكّل انتخاب رجب طيب إردوغان رئيسا لبلدية إسطنبول الكبرى محطة بارزة على صعيد مشواره السياسي. وفق تقرير لموقع قناة الحرة.
وذكر التقرير أنه رغم وقوفه الآن "في الكواليس" مقدما الدعم من الخلف ما يزال اسم أردوغان حاضرا وكأنه المرشح الفعلي الذي ينافس أكرم إمام أوغلو قائد دفة "الشعب الجمهوري" أكبر أحزاب المعارضة.
ويستمر التصويت في الانتخابات المحلية في البلاد "بسلاسة" كما أعلن رئيس "الهيئة العليا للانتخابات" أحمد ينير وقال في تصريحات لصحفيين إن العملية التي بدأت صباح الأحد ستنتهي في الساعة الخامسة بالتوقيت المحلي.
وأضاف حسبما نقلت وكالة "الأناضول": "بعد ذلك سنعقد اجتماعا ونتخذ قرار بشأن النتائج (...) قبل الساعة التاسعة من مساء الأحد".
عملية التصويت لا تقتصر على ولاية ومدينة دون غيرها، بل تنظم في جميع أنحاء البلاد.
ومع ذلك دائما ما تحظى النتائج الخاصة بإسطنبول وأنقرة باهتمام كبير، وعند صدورها بشكل أولي سرعان ما تتحول إلى "مقياس" ترتسم من خلاله صورة من له الحظ الأكبر.
وتشير جملة من المعطيات وتصريحات الساسة على الضفتين إلى أن المنافسة الانتخابية ستكون محتدمة على نحو أكبر وبالتحديد في إسطنبول، وينسحب ذلك على "تحالف الجمهور" الحاكم وأحزاب المعارضة، في مقدمتها "الشعب الجمهوري".
وترتبط هذه الخاصية التي تتمتع بها إسطنبول دون غيرها بعدة "اعتبارات ومستويات"، كما يوضح خبراء ومراقبون لموقع "الحرة".
وكان أكرم إمام أوغلو مرشح "الشعب الجمهوري" قد تمكن قبل خمس سنوات من إنهاء حكم حزب "العدالة والتنمية" في إسطنبول بعد 25 عاما متواصلة.
وينافس الآن مراد قوروم مرشح تحالف إردوغان الحاكم، لكنه يفتقد للتحالفات الحزبية، على خلاف ما سار عليه في 2019 عندما حظي بدعم "تحالف الأمة" الذي ضم "الشعب الجمهوري" وأحزابا أخرى، بينها: "الجيد"، "السعادة".
"4 مستويات"
يوضح الباحث المختص بالشأن التركي، محمود علوش أن المنافسة الانتخابية في إسطنبول تحظى باهتمام كبير لكل من التحالف الحاكم وأحزاب المعارضة، بناء على 4 مستويات.
ويشرحها لموقع "الحرة" في الآتي:
المستوى الأول: هي المدينة الأكبر في تركيا من حيث عدد السكان والثقل الاقتصادي ومن حيث تأثيرها على ديناميكيات السياسة الداخلية.
ويقول علوش: "لذلك تكتسب الانتخابات أهمية كبيرة ليس فقط على المستوى المحلي، بل أيضا على صعيد تشكيل السياسة الوطنية الداخلية".
المستوى الثاني: يتعلق بمستقبل زعامة الرئيس رجب طيب إردوغان.
ويشير الباحث إلى أن "انتخابات إسطنبول تعني الكثير بالنسبة لإردوغان، رغم أنه قال إنه لا ينوي الترشح للرئاسة مرة أخرى".
ويضيف أن "استعادة العدالة والتنمية لإسطنبول ستكون ضرورية لتمهيد الطريق أمام إمكانية لترشحه مرة أخرى في حال رغب في ذلك".
المستوى الثالث: يتعلق بحالة أكرم إمام أوغلو السياسية.
وكان فوزه في انتخابات 2019 قد حوله إلى مشروع زعيم جديد للمعارضة قادر على تحدي حكم إردوغان.
وفي حال تمكن الآن من الفوز برئاسة إسطنبول سيكون هزم الحزب الحاكم في أكبر مدينة تركية للمرة الثالثة على التوالي، إذا ما احتسبنا دورتي 2019، وفق الباحث علوش.
"سيكون إمام أوغلو مشروع المرشح الرئاسي للمعارضة وأقوى مرشح لها في الانتخابات المقبلة، ومن هنا تكتسب إسطنبول أهمية لمسيرته السياسية".
لكن المقابل يقول علوش إن "الهزيمة ستقوض مشروعه السياسي إلى حد كبير، وكذلك دوره في السياسة الداخلية العامة وداخل حزبه (الشعب الجمهوري)".
المستوى الرابع: إسطنبول تعتبر مهمة لحزب "الشعب الجمهوري" ككل بعد الهزيمة الكبيرة التي مني بها في مايو الماضي.
وعلى أساس ذلك "يحتاج إلى تحقيق نصر في هذه الانتخابات من أجل الحفاظ على ما تبقى لديه من نقاط القوة التي كسبها منذ عام 2019"، وفق الباحث المختص بالشأن التركي.
كما يحاول "الشعب الجمهوري" التركيز عليها "لتعزيز قوته الداخلية، وخاصة أن الأوضاع المعنوية داخله لا تبدو جيدة بعد هزيمة مايو الماضي".
"دلالات معنوية"
في الانتخابات المحلية لعام 2019، كان أحد أكثر الأمور التي تم الحديث عنها بعد انتخاب أكرم إمام أوغلو عمدة بلدية إسطنبول هو ما إذا كان سيكون مرشحا للرئاسة وما إذا كان سيفوز إذا كان كذلك.
واستمر الأمر خلال عملية اختيار المرشحين لانتخابات 2023. ومع ذلك، عندما كان المرشح الرئاسي كمال كيليتشدار أوغلو، لم يكن من الممكن اختبار الطرح المذكور.
ويقول إنه وإذا فاز إمام أوغلو مرة أخرى (دون الحاجة إلى تحالف) فإن يده ستكون أقوى بكثير وستحدد الانتخابات مستقبله السياسي.
وفي حالة غير ذلك قد يستقر به الحال للانسحاب من المشهد السياسي. وعلى أساس هاتين الفرضيتين يمكن النظر إلى أهمية النتائج التي ستتمخض عنها الانتخابات في إسطنبول.
ويوضح الباحث السياسي التركي، هشام جوناي أن احتدام المنافسة في إسطنبول دون غيرها تقف ورائه عدة دلالات، على رأسها الدلالة المعنوية، كونها أكبر مدينة وتتمتع بعدد سكان أكبر من أي من نظيراتها في البلاد.
"عدد السكان فيها أكثر من أي دولة أوروبية، ومن يحكمها كمن يدير شؤون دولة متوسطة الحجم في أوروبا وباقي دولي العالم"، على حد تعبير جوناي خلال حديثه لموقع "الحرة".
علاوة على ذلك، تتمتع إسطنبول بتنوع سكانها وانتماءاتهم، ويقول جوناي: "من يفوز ويحكمها سينشهر تلقائيا، كون جميع الموجودين فيها لهم صلات قرابة في باقي المدن التركية".
"بين الحكومة والمعارضة"
بالنسبة للحزب الحاكم كان زعيمه إردوغان قد انطلق من إسطنبول، ولا يزال حتى الآن يعتبرها المحطة الأساسية في المشوار السياسي، كما يوضح جوناي.
كما يقول إن "الرئيس التركي لم يتمكن حتى الآن من هضم الخسارة الأخيرة التي مني بها حزبه في 2019".
في المقابل تحتاج المعارضة للفوز بإسطنبول على وجه التحديد "كنقطة معنوية"، ويرى جوناي أن "فوزهم بها سيكون إثبات للذات بعد هزيمة مايو الماضية".
وفي ذات السياق ترتبط أهمية إسطنبول بطموح إمام أوغلو بأن يتولى مناصب مهمة في المستقبل، وربما يحضر نفسه لكي يكون رئيسا، كما يشير الباحث.
ويوضح أن "فوزه للمرة الثالثة وإن تم سيثبت اسم إمام أوغلو كمنافس للرئيس التركي في أي حلبة سياسية أو انتخابية".
ويشير إلى ميزانية المدينة، وأنها "تعطي لكل حزب وشخص قوة كبيرة جدا، وعلى أساس ذلك تحاول الأحزاب التمسك بها والحظي بكرسيها".
وفي حال استطاع إمام أوغلو أن يفوز بإسطنبول سيؤدي الأمر إلى تعزيز دوره كقائد الظل لزعيم حزب "الشعب الجمهوري"، كما يعتقد الباحث محمود علوش.
ويقول إن "خسارته ستمهد لصراع داخل حزب الشعب، وربما يحاول كليتشدار أوغلو العودة مجدداً للزعامة"، بعدما فقدها مؤخرا لصالح أوزغور أوزيل.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!