ترك برس

أكد السياسي والبرلماني التركي السابق ياسين أقطاي أن "الثورة الكبرى" في سوريا، التي تحققت في فترة زمنية قصيرة لا تتجاوز 12 يومًا، قد نجحت في حل أعقد الأزمات التي استمرت لأكثر من 14 عامًا.

وفي تقرير تحليلي نشرته صحيفة يني شفق، سلط أقطاي الضوء على التغيرات العميقة التي تشهدها سوريا، مشيرًا إلى أن آثار هذه الثورة أصبحت واضحة في العديد من المدن السورية مثل حلب وحماة وحمص ودمشق.

دمشق وحلب: تاريخ مغمور تحت غبار الموت

وتحدث أقطاي عن زيارته الأخيرة لدمشق قبل 14 عامًا، حيث وصف كيف أن المدينة لم تشهد تغييرات كبيرة في بنيتها العمرانية خلال تلك الفترة، باستثناء المناطق التي دُمّرت بسبب القصف. وعبر عن حزنه لأن "دمشق، رغم غناها التاريخي، كانت تعيش في حالة من الجمود، والجزء الأكبر من آثارها العميقة كان مدفونًا تحت غبار الموت الناتج عن الحرب والاحتلال."

وأضاف أقطاي أن المدن السورية الكبرى مثل دمشق وحلب تحتوي على آثار عظيمة من مختلف العصور الإسلامية، بدءًا من الأمويين والعباسيين، وصولًا إلى العثمانيين، وهي مدن حملت في أركانها بصمات حضارية هائلة. وأشار إلى أنه لو كانت هناك إدارة تحترم تراثها، لكانت دمشق وحلب اليوم في طليعة المدن العالمية في تقديم التراث الإسلامي والإنساني، قائلًا: "سوق الحميدية وحده كان يمكن أن يكون مركزًا تجاريًا عالميًا."

عودة الثقافة العثمانية والتأثير التركي في سوريا

كما تحدث أقطاي عن تأثير الثقافة العثمانية في سوريا بعد 14 عامًا من وجود ملايين اللاجئين السوريين في تركيا. وأشار إلى أن الثقافة العثمانية بدأت تعود تدريجيًا إلى الأراضي السورية، مشيرًا إلى أن هذا التأثير لا يقتصر على الفئة المثقفة فقط، بل أصبح ظاهرًا في الحياة اليومية، حيث أشار إلى لقاء مع أحد المتسولين في دمشق الذي تحدث باللغة التركية بعد أن عاش لسنوات طويلة في تركيا.

دمشق وحلب في مصاف المدن العالمية: الانفتاح السياحي والاقتصادي

في حديثه عن التغيرات الاقتصادية، أكد أقطاي أن دمشق وحلب شهدتا انتعاشًا ملحوظًا في القطاع السياحي، حيث أشار إلى أن الفنادق في المدينتين أصبحت مكتظة بالسياح والصحفيين الذين يغطون تطورات الثورة. ولفت إلى أن السياحة أصبحت تساهم بشكل كبير في دعم الاقتصاد السوري، حيث بدأ القطاع السياحي في الاستعداد لتلبية احتياجات هذا الانتعاش.

وأضاف أقطاي أن سوريا، التي كانت مغلقة لعقود أمام العالم، أصبحت الآن على أعتاب فترة من الانفتاح المتزايد، مما يعكس تزايد اهتمام الدول الأجنبية والفعاليات الدولية بالشأن السوري، وما سيترتب على ذلك من تعزيز للاقتصاد السوري.

النجاح السريع للثورة: إرادة إلهية في 12 يومًا

وتطرق أقطاي إلى السر وراء النجاح السريع للثورة السورية، حيث أشار إلى أن "هذه الثورة لم تحدث في 12 يومًا فقط، بل هي ثورة نشأت عبر 14 سنة من النضال والتضحيات." وأضاف أن "الـ12 يومًا الأخيرة من الثورة كانت بمثابة معجزة إلهية"، مشيرًا إلى أن التدخل الإلهي كان له دور كبير في النصر الذي تحقق في وقت قياسي. واعتبر أقطاي أن الثورة قد تجسدت "بإرادة الله"، وأن النصر لم يكن مجرد نتيجة لأفعال البشر، بل كان توفيقًا إلهيًا.

وأكد أن معركة الثورة كانت صعبة، لكنها أعطت الشعب السوري دروسًا هامة في الوحدة والصبر، وقال: "لقد تعلمنا الدرس في 14 عامًا، ثم وهبنا هذا الفتح في 12 يومًا فقط."

الظروف الإقليمية وتأثيرها على الثورة

وفي تحليله للظروف الإقليمية التي ساهمت في نجاح الثورة، تحدث أقطاي عن عدة عوامل ساعدت في تسريع التحول في سوريا، من بينها الانشغال الروسي في الحرب في أوكرانيا، والاهتمام الإيراني بإسرائيل، مشيرًا إلى أن "هذه العوامل جعلت سوريا تتراجع في سلم الأولويات، وهو ما ساعد على استكمال الثورة."

وأضاف أنه على الرغم من التحديات الكبرى، مثل الهجمات الجوية الروسية وصراعات المعارضة الداخلية، كانت هذه التحديات درسًا للشعب السوري في ضرورة الوحدة وتجنب الانقسامات.

التوجيهات الإلهية وأسباب فشل الأسد في كسر الثورة

أبرز أقطاي النقطة الحاسمة التي ساعدت الثورة في تحقيق النصر، وهي رفض بشار الأسد دعوة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للحوار. وقال أقطاي: "لو استجاب الأسد لدعوة أردوغان، لما كانت الثورة قد نجحت، لأننا لم نكن لنخالفه، لكن عناده ورفضه الدعوة كان سببًا رئيسيًا في فشل محاولاته للحفاظ على سلطته."

التطلعات المستقبلية: سوريا الموحدة

ختم أقطاي مقاله بالتأكيد على أن الثورة التي بدأت في سوريا ليست مجرد ثورة ضد النظام، بل هي ثورة لبناء سوريا جديدة، سوريا موحدة لجميع مواطنيها. وأكد أن الشعب السوري، رغم التحديات، سيظل ثابتًا على طريق الحرية والعدالة، وأن المرحلة القادمة ستكون مليئة بالفرص لبناء دولة ديمقراطية ومستقرة تلبي تطلعات جميع السوريين.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!