ترك برس

اعتبر الكاتب والإعلامي التركي محمد متين أر أن زيارة وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إلى دمشق قبل أيام ولقاؤه مع قائد الثورة السورية والرئيس الفعلي أحمد الشرع "محطة تاريخية ذات أهمية بالغة" في مسار العلاقات بين تركيا وسوريا.

وقال متين أر في تقرير تحليلي نشرته صحيفة يني شفق إن هذه الزيارة "تشكل خطوة غير مسبوقة"، إذ يُعد فيدان أول وزير خارجية تركي يزور دمشق، بعد زيارة إبراهيم قالن، رئيس جهاز الاستخبارات التركي، التي كانت سابقة أيضًا على هذا الصعيد.

وأضاف متين أر أن هذه الزيارة تفتح آفاقًا جديدة للعلاقات بين البلدين، مشيرًا إلى أن الزيارة المرتقبة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى دمشق ستُسهم في "إضفاء معنى عميق" على هذه التحركات الدبلوماسية، والتي من المتوقع أن تؤدي إلى مرحلة جديدة من التعاون الثنائي في مختلف المجالات، بما في ذلك الأمن والاقتصاد. وقال: "من الممكن أن نشهد في المستقبل القريب تحالفًا استراتيجيًا بين تركيا وسوريا، ما قد يعيد تشكيل التوازنات الإقليمية ويخلق معادلة جديدة في الشرق الأوسط".

تحولات هامة في العلاقات التركية-السورية

وتابع أر قائلاً إن العلاقات بين تركيا وسوريا تشهد تحولًا عميقًا، خاصة في ظل التعاون الوثيق بين البلدين حول قضايا الأمن. وأوضح أن "اللقاء بين فيدان وأحمد الشرع يعكس توافقًا في الرؤى والأهداف المشتركة، ويتجاوز الشكل الرسمي ليعكس انسجامًا عاطفيًا بين الجانبين". وأضاف: "مع بداية هذه المرحلة الجديدة، تتضح رؤية مشتركة بين البلدين، حيث تتطابق حساسية تركيا تجاه أمنها مع التزام سوريا بضمان عدم توجيه أي تهديدات نحو الأراضي التركية، في مقابل تأكيد تركيا على أن أي اعتداء على وحدة الأراضي السورية يُعتبر بمثابة اعتداء على سيادتها".

وأشار إلى أن هذه التحولات قد تؤدي إلى "تطور العلاقات بين تركيا وسوريا إلى ما هو أبعد من التعاون التقليدي، وصولًا إلى اتفاقية دفاع وأمن مشترك"، حيث يُعتبر أي اعتداء على أحد الطرفين اعتداءً على الطرف الآخر. ورأى أن هذا التحالف الجديد قد يغير من التوازنات الإقليمية ويعزز موقف البلدين في مواجهة التحديات المشتركة في المنطقة.

ملامح سوريا الجديدة: جمهورية إسلامية بتوجهات ديمقراطية

وفيما يتعلق بالتحولات الداخلية في سوريا، تحدث الكاتب عن التغييرات التي ستشهدها هوية البلاد السياسية في المرحلة المقبلة، مشيرًا إلى أن "الرسائل الصادرة من دمشق تشير إلى أن سوريا الجديدة ستكون جمهورية إسلامية، ولكن بشكل يتناسب مع مبادئ الديمقراطية الحديثة". وقال: "نظام 'المِلَل' الذي كان قائمًا في العهد العثماني قد يُعاد صياغته وفقًا لصيغة ديمقراطية حديثة، تعكس التعدد الثقافي واللغوي والديني الذي كان قائمًا في الدولة العثمانية، ولكن ضمن إطار جمهوري عصري يتماشى مع تطلعات الشعب السوري".

وأوضح أن سوريا الجديدة ستتمسك بإسلامها كعنصر أساسي في الهوية الوطنية، لكن دون فرض قمعي كما في النموذج الإيراني. وقال: "الإسلام سيكون مرجعية الدولة، لكنه لن يُشكل عائقًا أمام أتباع الديانات الأخرى لممارسة شعائرهم بحرية، وسيتم ضمان حرية المعتقد ونمط الحياة لكل فرد وفقًا لقناعاته الشخصية".

الانتقال إلى دولة موحدة وديمقراطية

وأشار إلى أن النظام الجديد في سوريا سيكون "دولة موحدة" تقوم على احترام الإرادة الشعبية وتجنب أي تقسيمات عرقية أو طائفية. وأضاف أن "الإدارات المحلية سيكون لها دور فعال في إدارة شؤونها، بشرط أن لا تُبنى على أسس دينية أو طائفية، مع التأكيد على أن الكلمة الأخيرة ستكون للإدارة المركزية". ولفت إلى أن "سوريا الجديدة ستشهد توحيدًا للإدارة المركزية دون أن تتحول إلى نموذج حكم مركزي صارم، وستتمكن المجتمعات المحلية من إدارة شؤونها ضمن حدود الحفاظ على وحدة الدولة".

وأكّد أن "العلم السوري الموحد سيكون الرمز الوحيد في جميع أنحاء البلاد، ولن يُسمح بوجود أعلام محلية للإدارات أو المجتمعات المحلية". كما أن "الجيش السوري سيتم إعادة تشكيله ليصبح جيشًا موحدًا يمثل كل السوريين، ويخضع بالكامل لسلطة الإدارة المركزية، حيث لن يُسمح بوجود أي قوات مسلحة خارج نطاق سيطرة الدولة".

سوريا كدولة نموذجية في المنطقة

ختامًا، أشار محمد متين أر إلى أن التحولات الداخلية في سوريا، إذا تمت كما هو مخطط لها، قد تجعل سوريا دولة نموذجية يُحتذى بها في المنطقة، وقال: "إذا تمكنت سوريا من بناء نظامها الجديد وفقًا للرسائل الصادرة من دمشق، فستتحول إلى دولة نموذجية يُحتذى بها في المنطقة، ويعكس التعددية الثقافية والإسلام المعتدل في سياق دولة حديثة وديمقراطية". وأضاف: "هذه التحولات تعطي الأمل بإمكانية تحقيق مشروع طموح يغير وجه المنطقة في المستقبل القريب".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!