بكر هازار - صحيفة تقويم - ترجمة وتحرير ترك برس
التقيت قبل يومين باثنين من رجال الأعمال الأكراد، وتحدثوا لي عن أنّ "الآلاف من الشباب الأكراد جاهزون للقتال مع حزب العمال الكردستاني"، مضيفا "نحن أكراد، لكننا عملنا واجتهدنا، وأصبحنا رجال أعمال، وأصبحنا أغنياء، دون أنْ يعيقنا أحد، ودون أنْ نتعرض لأي تمييز"، فلماذا يحصل ذلك في جنوب شرق البلاد؟
تحدثت لهم عن أنّ إنجلترا لوحدها باعت في الشرق الأوسط سندات إسلامية بقيمة تريليون جنيه إسترليني، بمعنى أنهم مقابل تقديمهم أوراقا، يدخلون في جيوبهم تريليون جنيه إسترليني، وبنفس الطريقة، تبيع أمريكا سنويا ما معدله 50 مليار دولار من الأسلحة، وهذه التجارة تمتد من روسيا حتى الصين، وقد تحولت إلى طريق تجارة دولية، وهي سبب اللعب والتلاعب في تركيا منذ 100 عام، فقد كانوا يستخدمون الإعلام والأكاديميين ورجال الأعمال للترهيب من الاستثمارات العربية، ويروجون بأنها أموال رجعية ستؤثر سلبا على البلاد.
لكن تركيا اليوم لم تعد كتركيا القديمة، فقد نزعت تركيا اليوم عن نفسها هذا الرداء الذي كان يحجب رؤيتها، وتقريبا ذابت الحدود بيننا وبين شمال العراق الذي يضخ النفط، وأصبح رجال أعمالنا يذهبون إلى هناك بدون حتى جواز سفر، وقد ذكّرت الرجلين برحلة أردوغان إلى السعودية، وأنّ السعوديين يخططون لإنشاء مليون وحدة سكنية، وهذا المشروع قيمته 250 مليار دولار، وقد ساهم أردوغان بتسليم هذا المشروع إلى رجال الأعمال الأتراك، الذين سيبدؤون العمل بمشروع قيمته 250 مليار دولار.
الأرقام مخيفة، أنْ تكسب مقاولة مشروع قيمته 250 مليار دولار، هو أمر جنوني، لكنّ حزب العمال الكردستاني مع ذلك يحارب أردوغان، والروس يدعمونه، ويدّعون أنهم يدعمون الحرية، ولهذا تمسكوا ببشار الأسد وشردوا الشعب السوري، ولذات السبب دفنوا الشيشان تحت الأرض! لكنهم في الحقيقة ينتهزون كل شيء لتحقيق مصالحهم وأرباحهم، فكيف سيسمحون لأردوغان أنْ يحصل على مشروع بقيمة 250 مليار دولار، ولهذا سيزيدون من حدة الصراع في الجنوب، ليظهر يوم أمس الأكاديميون ويوقعوا على بيان بعنوان "ضد أنْ تحارب الإرهاب في جنوب شرق البلاد".
انظروا إلى دكاترة الجامعات الذين نضع أبناءنا أمانة عندهم لكي يعلموهم العلاقات الدولية، لا يدركون حيثيات الأمور، ولا يستطيعون قراءة التفاصيل، ومع ذلك يريدون تعليم أبنائنا كيف يُدار العالم!
هؤلاء لا يملكون القدرة على تفسير سبب زيارة مساعد الرئيس الأمريكي إلى أنقرة قبيل زيارة رئيس هيئة الأركان، لكن الواضح أنّ من يريد الخوض في غمار الشرق الأوسط، لا يستطيع الوصول إليه قبل المرور بأنقرة، ولهذا سيرسلون رئيس هيئة الأركان إلى أنقرة.
ماذا نستطيع القول إلى الأكاديميين الذين وقعوا ذلك البيان؟ وهم لا يعلمون أنهم بذلك يؤذون الدولة التركية، وأنهم مُستخدمون من قبل الآخر، وهم مجرد أداة لتحقيق أهداف أبعد من ذلك، فكيف لنا أنْ نصمت على من يحفر الخنادق في المدن الجنوبية، ويمارس الإرهاب بكل أشكاله، وهؤلاء الأكاديميون لا يستطيعون معرفة قرار أمريكا بأنها ستجلس على طاولة المفاوضات مع طالبان الإرهابية، لكن الدولة التركية تملك رجالا، وزعماء، قادرين على قيادتها نحو أهدافها، رغم أنوف المتآمرين، والجهلة، والذين يلهثون وراء المال.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس