ترك برس
رأى المتحدث باسم رئاسة الجمهورية التركية، إبراهيم قالن، أن "هناك أسباب متعدِّدة لانتشار التطرُّف العنيف، ولكن هناك عامل رئيس وهو حقيقة الدول الفاشلة والضعيفة".
جاء ذلك في مقال له بعنوان "التطرُّف العنيف: كيف تحارب الوحوش دون أن تصبح أحدها"، نشرته "هافينغتون بوست عربي"، أوضح فيه أن الدولة الفاشلة تُعرَّف عادةً بأنَّها دولة غير قادرة على توفير الأمن والخدمات الأساسية لمواطنيها، مشيرًا إلى أن غياب سلطة مركزية قوية يخلق مشاكل حادة، ليس فقط لمواطني ذلك البلد، وإنما لجيرانها كذلك".
وأفاد قالن أنه "تلوم كلٌ من أفغانستان وباكستان الأخرى على الفوضى والإرهاب على حدودهما المشتركة، ولكن الحقيقة أنَّ كلتيهما تفشل في ترسيخ النظام والأمن في كل أراضيها، وإن كان بدرجاتٍ مختلفة. يُصعِّب كلٌ من الفقر والجهل والتحديات الجغرافية والولاء القبَلي/الطائفي على تلك الدول فرض القانون".
وشدّد قالن في مقاله على أن "الخطر الذي تمثِّله الدول الفاشلة والضعيفة على النظام العالمي والإقليمي يتضاعف بفعل عولمة المشاكل المحلية، يُمهِّد غياب مؤسَّسات الحكومة الفاعلة الطريق أمام الاضطرابات وغياب القانون والإرهاب"، لافتًا إلى أن "العاقبة الأكثر تدميراً هي فقد الثقة في الدولة وحُكم القانون. من الصومال وجمهورية الكونغو الديمقراطية إلى سيراليون وهايتي، تنمو مشاكل الدولة الضعيفة و/أو الفاشلة بفضل سياسات الفاعلين الإقليميين والعالميين غير المفيدة".
وتابع قالن، "منذ تسعينيات القرن الماضي، قُتِل ما يُقدَّر بعشرة ملايين شخص، معظمهم من المدنيين، في الحروب في الدول الفاشلة أو بين بعضها البعض في أنحاء العالم. إنَّ حوادث الموت والدمار المرتبطة بالدول الفاشلة والضعيفة ضخمة بكل المقاييس، مقارنةً بالهجمات الإرهابية الفردية التي تجذب انتباه وسائل الإعلام العالمية كل فترة".
وأشار أنه "منذ بدأت الثورات الشعبية العربية عام 2011، ظهرت مشكلة جديدة: الإدارة الحكومية. تفتقر حوالي نصف دستة من الدول في العالم العربي اليوم إلى هيكل حكومي قوي، أو تديرها حكومات ممزَّقة وضعيفة. لقد انهارت مؤسَّسات الدولة في سوريا وليبيا، مؤديةً إلى حرب أهلية وقتال طاحن. الحكومة المركزية في اليمن والصومال ضعيفة للغاية وغير قادرة على فرض سلطتها. العراق تحاول التعافي ولكن تسيطر «داعش» على حوالي ثُلث أراضيها. ولم تكد لبنان تحظى بأي هيكل حكومي قوي منذ نهاية الحرب الأهلية".
ومضى قالن بالقول، "وخارج العالم العربي، فإنَّ دولاً مثل هايتي وجمهورية الكونغو الديمقراطية وبنجلاديش عالقة في منطقة الخطر، أي أنَّها دول فاشلة، رغم أنَّ لكل منها ظروفها الفريدة"، مبينًا أن "مواطنو تلك البلاد يعانون من عواقب انعدام الأمان والفوضى والفقر والصراع الداخلي. ولكن يمتدّ الخطر إلى النظام الإقليمي والعالمي. يعتمد النظام العالمي الحالي على دول أممية فردية في ترسيخ السلام والأمن في أراضيها الخاصة. يعيق فشلها في فعل ذلك كلًا من النظام الإقليمي والعالمي".
وقال المسؤول التركي، "لا نبالغ حينما نذكر أثر الدول الفاشلة والضعيفة على ظهور الإرهاب وتمويله وانتشاره. لقد أصبحت «داعش» منظمة إرهابية قوية بسبب سياسات نظام الأسد الانتحارية التي حوَّلت الأراضي السورية غير الخاضعة للإدارة الحكومية إلى تربة خصبة للمُسلَّحين. لقد مكَّن غياب حكومة مركزية قوية في العراق، إضافةً إلى سياسات المالكي الخلافية والطائفية، «داعش» من السيطرة على أراض استراتيجية هامة في العراق".
وأضاف، "لا يأتي الإرهابيون بالضرورة من الدول الفاشلة فقط. إنَّ الإرهاب محلِّي النشأة في الأمم الغنية نتيجة مجموعة معقَّدة من العوامل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، ولكنّ هناك أمراً واحداً واضحاً وهو: حيث تفشل مؤسَّسات الدولة، تسد الجماعات الإرهابية وأمراء الحروب الفجوة".
ورأى قالن أنه "لا يمكن للرموز السياسية المسؤولة والمجتمعات المدنية والقادة الدينيين تغيير مسار الأحداث في بلادهم في مواجهة دول فاشلة وحكومات ضعيفة. وببساطة، تغيب هذه الحقيقة الجوهرية عمّن يتَّهم المسلمين من الغرب بعدم إدانة الإرهاب، فالرموز الدينية والقادة المحليون يدينون بالفعل التطرُّف العنيف والإرهاب ولكنَّهم يعانون من نفس عواقب الدول الفاشلة والضعيفة".
وأردف قائلًا: "لقد أسهم إرث الاستعمار والمشاكل القومية/المحلية وظلم النظام العالمي الحالي المنهجي في ظهور الدول الفاشلة في القرن الحادي والعشرين. وتزيد سياسات الدول القوية الخلافية ذاتية التمركز والفاعلون (من غير الدول) حدّة المشكلة".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!