ترك برس
مع تطور الثورة السورية إلى الصراع المسلح منذ عام 2012، ازداد تدفق اللاجئين السوريين إلى الأراضي التركية، حتى وصل عددهم وفقا للتقديرات إلى ما يزيد عن 3.5 مليون سوري مسجلين، يستفيد غالبيتهم من مساعدات إنسانية تقدمها أنقرة وجهات مانحة دولية، لكن قسما كبيرا منهم انخرطوا في العمل وساهموا في النمو الاقتصادي التركي الذي وصل إلى 7.4% العام الماضي.
وبحسب نقابة غرف التجارة والبورصات في تركيا، وصل اللاجئون إلى تركيا ومعهم خبراتهم وزبائنهم، واستأنف قسم منهم مزاولة أعمالهم السابقة لصنع حياتهم أو مواصلة المهنة التي كانوا يمارسونها قبل النزاع المستمر في سوريا منذ العام 2011. وسجلت أكثر من 6500 شركة انشأها أو ساهم في تأسيسها سوريون على الأراضي التركية منذ 2011.
ويقول المنتدى الاقتصادي السوري الذي يُعنى بتنمية مبادرات الأعمال بين الجالية السورية إن هذا العدد يجاوز العشرة آلاف إذا تم احتساب القطاع غير الرسمي.
وقال عامر حاضري الذي أقام شركة لتصنيع ماكينات صنع وتعليب رقائق البطاطس في المنطقة الصناعية في مدينة غازي عنتاب: "في السابق كنا نصدر إلى العالم العربي، لكن ومنذ انتقلنا إلى تركيا حققنا حلمنا بالتصدير إلى كل أنحاء العالم"، مضيفاً أن أكياس البطاطس تحمل عبارة "صنع في تركيا" التي تشكل ضمانة للجودة بالنسبة إلى الأسواق الأوروبية.
أما رامي شرّاك المدير التنفيذي المساعد في المنتدى الاقتصادي السوري، فقد أكد هذا الميل إلى التصدير. وقال شراك لوكالة الصحافة الفرنسية "الأمر ينطبق على كل الأراضي التركية، حيث إن أكثر من 95% مما ينتجه السوريون مخصص للتصدير".
وأضاف أن هناك أكثر من 1250 شركة سورية مسجلة لدى غرفة التجارة والصناعة في غازي عنتاب القريبة من سوريا حيث يصل عدد كبير من المنتجات المصنعة في تركيا، ويساهم السوريون بهذا الشكل في الاقتصاد التركي الذي سجل نمواً تبلغ نسبته 3% في 2016.
وتشجع السلطات التركية السوريين على الخوض في قطاع الأعمال وتجيز لهم لفترة بدء أعمال تجارية دون تسجيلها، بحسب شرّاك.
وأوضح عمر كدكوي الباحث المساهم في مركز تيباف للدراسات في أنقرة، أن هذا الأمر ينطبق على أصغر الشركات التجارية.
وأسس مصطفى تركمان أوغلو المتحدر من حلب والذي غادر سوريا قبل خمس سنوات شركة للنسيج في غازي عنتاب، ويقول: "كل الأعمال التجارية تدر أرباحا بالدولار من الخارج"، مضيفا: "نحن نستفيد وغيرنا أيضاً".
وتشيد رئيسة بلدية غازي عنتاب فاطمة شاهين بالتعاون بين أرباب العمل الأتراك والسوريين، وقالت لوكالة لفرانس برس: "إن إتقان السوريين للغتين الإنجليزية والعربية يشكل ميزة مهمة خصوصاً للتجارة مع الخارج".
وبالإضافة إلى هذه الشركات التي تركز على التصدير إلى الخارج، يفضل بعض أرباب العمل السوريين العمل في السوق المحلية. وأسست دانيا عبد الباقي وهي مهندسة أتت من حماة في سوريا في 2013 حضانة في العام 2016 لأطفال من مختلف الجنسيات تتراوح أعمارهم بين ثلاثة أشهر وخمسة أعوام.
وأوضحت عبد الباقي قائلة: "كانت هناك حاجة إذ لم تكن هناك حضانة في حي الأعمال هنا، لكن الآن أصبح بوسع الأمهات العاملات أن يكُنّ أقرب إلى أطفالهن وتفقدهم أو إرضاعهم خلال الاستراحة".
ولتحقيق مشروعها تابعت عبد الباقي تدريباً في إدارة الأعمال مع منظمات غير حكومية في غازي عنتاب بينما جمع زوجها الأموال من أقاربهما لتمويل المشروع.
وينص القانون التركي على أن كل ترخيص عمل لمؤسس أو مساهم في شركة في تركيا يجب أن يقابله توظيف خمسة أتراك على الأقل، إلا أن كدكوي السوري الجنسية يقول إنه لا يوجد أي قانون يستثني السوريين من هذه القاعدة، لكن يبدو أنه تم تعليقها في الوقت الحالي في ما يخصهم.
ويوضح تركمان أوغلو الذي يوظف أربعين سورياً في مشغله وخمسة آخرين في متجره أن الأتراك يطلبون الرواتب الأعلى وهم أكثر تطلباً بالنسبة إلى الضمانات.
ويتابع كدكوي أنه ورغم منح تراخيص بالعمل للاجئين السوريين منذ كانون الثاني/ يناير 2016 فإن أقل من 1% منهم لديهم ترخيص بينما الثلثين في سن العمل. وبرر كثير من الموظفين السوريين الذين يعملون بدون تراخيص ذلك بتعقيد الإجراءات الإدارية. إلا أن كدكوي يُشير أيضاً إلى الخوف من خسارة المساعدات الاجتماعية في حال تسجلوا رسمياً في سوق العمل.
وقال كدكوي محذرا: "صحيح أنهم سيخسرون المساعدات الاجتماعية لكنها لا تستمر إلى الأبد"، وأضاف: "كلما سجلوا بشكل أسرع في عمل رسمي، ضمنوا راتبا على المدى الطويل".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!