ترك برس
تساءل تقرير صحفي عن الأسباب التي تدفع الإمارات العربية المتحدة إلى عرقلة عمليات الإغاثة التي تقوم بها تركيا بمؤسساتها الحكومية والخاصة في اليمن الذي يشهد حربًا منذ نحو 4 أعوام.
وتدور الحرب في اليمن بين القوات الحكومية، مدعومة بـ"التحالف العربي" بقيادة السعودية وعضوية الإمارات من جهة، وبين المسلحين الحوثيين، المتهمين بتلقي دعم إيراني، من جهة أخرى، والذين يسيطرون على عدة محافظات، بينها العاصمة صنعاء منذ 2014.
وقالت صحيفة "عربي21" الإلكترونية، في تقريرها، إن دولة الإمارات الشريك الرئيس للسعودية في تحالفها العسكري باليمن، تُبدي مع أذرعها المحلية حساسية مفرطة من النشاط التركي الإنساني، تترافق مع جملة من الإجراءات المعيقة له، وهو ما يثير تساؤلات عدة حول دوافع تلك السياسات.
وحسب التقرير، كان لافتا، ما تعرض له فريق إغاثي تركي، قبل نحو أسبوع في مدينة عدن (جنوبا)، حيث قامت قوات موالية لأبوظبي، باحتجاز أعضاء الفريق لمدة يومين في أحد الفنادق، مع حجز جوازات سفر أعضائه خلال المدة المذكورة.
لم تكن هذه الحادثة الأولى، بل سبقها حوادث مماثلة، ففي تموز/يوليو 2017، اعترضت قوات موالية للإمارات، سفينة مساعدات تركية في ميناء المعلا بعدن، ومنعت وفدا إغاثيًا قدم على متنها من دخول المدينة، بتوجيهات إماراتية، حيث تم احتجاز المساعدات في أرصفة الميناء، قبل أن يعقب ذلك إعلان بأنها منتهية الصلاحية، نفته السلطات الرسمية في الميناء.
وفي مطلع الشهر ذاته من عام 2017، اعترضت قوات ما تسمى "الحزام الأمني" المدعومة إماراتيا، في نقطة أمنية بمحافظة لحج (شمالي عدن)، مشفى ميدانيا مقدما من تركيا لمحافظة تعز (جنوب غرب البلاد)، لساعات، قبل أن تسمح له بالمرور.
وفي عام 2015، وعقب طرد الحوثيين من مدينة عدن، رفض الإماراتيون استقبال مساعدات إغاثية تركية، وظلت على متن السفينة أكثر من 10 أيام بعرض البحر، بحجة أنها "تركية وغير مرغوب فيها"، حسب ما أوردت "عربي21" نقلًا عن "مصادر يمنية".
الكاتب والباحث السياسي التركي، فراس رضوان أوغلو، رأى أن "الإمارات تقوم باستفزازات لتركيا، وتحاول التأثير على الأدوار الإنسانية في اليمن، من خلال الإعاقات والإجراءات التي تتخذها".
وقال إن أنقرة "لم تبد أي ردود فعل إزاء حملات التضييق على فرقها باليمن، وتلتزم بالحكمة والهدوء، كون تلك الإجراءات لم تؤثر على المشاريع التركية الإغاثية، بل إنها زادت من مساحتها".
وأوضح أن "حساسية الإمارات من الدور التركي جزء من ملف صراع النفوذ الدائر، حيث لا تريد أبوظبي اتساع النفوذ التركي في المنطقة العربية بدءا بقطر والكويت وصولا إلى اليمن".
وأضاف الكاتب التركي أن السلطات الإماراتية "تتحرك ضمن أجندة دول أخرى مثل بريطانيا وفرنسا، اللتين تدعمان خطتها في كبح النفوذ التركي في المنطقة، وربما الولايات المتحدة الأمريكية تشاطرها بعض الشيء في هذا التوجه".
وأشار إلى أن "انزعاج الإمارات من الدور التركي الإغاثي في اليمن، ناتج عن مخاوف من زيادة نشاط أنقرة"، وبالتالي "تخشى أبوظبي من تكرار اتساع دائرة النفوذ التركي في اليمن على حساب مصالحها ومشاريعها".
ولفت رضوان أوغلو إلى أن "إجراءات أبوظبي تحمل رسائل غير مباشرة، بأنها ماضية في مقارعة المشاريع التركية وشيطنتها وتشويهها، لمنع تزايد مساحتها في مناطق ترى أنها مراكز نفوذ خاص بها".
وبين أن "الإمارات تدرك أن دخول الأتراك إلى اليمن، قد يشعل تنافسا على الاستثمار في البنية التحتية، خصوصا في الموانئ، وهو ما قد يشكل خطرا حقيقيا على موانئها، في ظل مساعيها للهيمنة على الموانئ اليمنية"، منوها إلى أن "تركيا استطاعت أن تبني لها نفوذا في جيبوتي على حساب النفوذ الإماراتي".
قال الصحفي والناشط اليمني، محمد الأحمدي إنه "لا يمكن تفسير سلوك الإمارات في اليمن، خصوصا في ما يتعلق بالإعاقات المتكررة عبر أذرعها المحلية للنشاط التركي الإغاثي في البلاد، إلا باعتباره استهتارا بالمعاناة الإنسانية لليمنيين".
وأضاف: هذا السلوك يأتي في سياق حالة مرضيّة تعيشها الدولة الخليجية تتمثل في الغيرة المفرطة التي تصل حد الحقد الدفين تجاه نجاح النموذج التركي، وحضوره الإيجابي في ذاكرة الشعوب العربية".
ووفقا للأحمدي فإن "حالات التضييق وحملات الشيطنة التي تنفذها أبوظبي وحلفاؤها المحليين، تكشف عن حالة ارتباك حقيقية، يعيشها نظامها، بسبب سمعتها السيئة على المستوى الشعبي عربيا، نظير سجلها القاتم في مجال حقوق الإنسان وتدخلاتها العبثية لدعم الثورات المضادة ومحاولات وأد طموحات الشعوب العربية في التحول الديمقراطي".
ولم يستبعد أن تكون الإمارات "تنفذ أجندة أخرى ضد المشاريع التركية الإنسانية، حيث أكد أن هناك دورا وظيفيا يؤديه الإماراتيون لمصلحة الغرب في سياق الإضرار بتركيا، ومحاولة كبح جماح الأدوار الإقليمية والدولية، يصل إلى حد التصرفات الصبيانية، كما هو الحال في الشأن الإغاثي في اليمن".
واعتبر الصحفي اليمني أن حكومة أبوظبي "تحاول أن تلعب دورا أكبر من حجمها، وهذه الدولة التي استغلت ثقة اليمنيين بالتدخل السعودي في البلاد، لدعمهم في استعادة دولتهم عملت على الإضرار بعدالة قضية استعادة الدولة وتحاول فرض نفوذها في اليمن، بديلا عن السلطة الشرعية، وتتصرف وفق حساباتها الخاصة وليس مصلحة اليمنيين".
ولفت إلى أن "تصرفات الإماراتيين مع المشاريع الإغاثية، غير مبررة، لكنه قال إنها تنظر لأي دور إغاثي يلامس حاجات الإنسان اليمني بأنه منافس لها، و قد يساهم في ضرب نفوذها".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!