ترك برس
تعد بريطانيا ثاني أكبر شريك تجاري مع تركيا بعد ألمانيا، وبلغ حجم التجارة بين البلدين العام الماضي 18.8 مليار دولار، منها 7.9 مليارات صادرات بريطانية، و10.9 مليارات صادرات تركية، بحسب مكتب الإحصاءات الوطني البريطاني.
وتشير تقديرات إلى وجود نحو 350 ألفا إلى 400 ألف تركي بالمملكة المتحدة، معظمهم استفاد من اتفاق أنقرة الذي وقعته مع السوق الأوروبية المشتركة عام 1963، والذي سمح للأتراك بالعمل وتأسيس شركات في بريطانيا.
منذ خروج لندن من الاتحاد الأوروبي (بريكست) والعلاقات الاقتصادية التركية البريطانية تعيش فترتها الذهبية إثر ازدياد حجم التجارة والاستثمارات المتبادلة بين الجانبين. وفق تقرير نشره موقع "الجزيرة نت".
وفي خطوة سيترتب عليها تغير في الكثير من التوازنات السياسية والاقتصادية لصالح تركيا، أعلن وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو أن بلاده قريبة جدا من توقيع اتفاق للتجارة الحرة مع المملكة المتحدة التي وصفها بالحليف الإستراتيجي.
جاء ذلك في تصريحات أدلى بها الوزير التركي خلال زيارة عمل للمملكة التقى فيها رئيس الوزراء بوريس جونسون، موضحا أن اتفاق التجارة سيغطي السلع المصنعة والزراعة والخدمات.
وفي وقت سابق، قال كريس غاونت رئيس الغرفة التجارية البريطانية في تركيا (BCCT) -في تصريح صحفي- إن التعاون بين بلاده وتركيا يبلغ ثلاثة أضعاف تعاونها مع البرازيل، وهو أكبر من تعاونها مع الهند، مضيفا أن "الكثير من رجال الأعمال لا يعرفون هذه الحقيقة، ويُصابون بالدهشة والحيرة عندما نخبرهم بها".
ويعد التوصل إلى اتفاق للتجارة الحرة مع بريطانيا أمرا بالغ الأهمية للشركات التركية، خاصة مصنعي السيارات ومصانع المنسوجات ومنتجي الأجهزة المنزلية، وفق صحيفة فايننشال تايمز البريطانية.
وخلال المرحلة الانتقالية لخروجها من الاتحاد الأوروبي، تسعى لندن إلى التوصل إلى اتفاقات تجارة ثنائية مع عدد من حلفائها الرئيسيين، وبالخصوص مع كل من الولايات المتحدة وأستراليا ونيوزيلندا واليابان وتركيا.
وكانت بريطانيا من الداعمين الدائمين لعضوية تركيا الكاملة بالاتحاد الأوروبي. ومع إقرارها الانسحاب من التجمع الأوروبي الأكبر، أخذت تبدي إرادة منذ توقيع اتفاقية تجارة حرة جديدة وشاملة مع أنقرة.
وخلال السنوات الـ 23 الماضية، زادت صادرات تركيا إلى المملكة المتحدة بمعدل سنوي قدره 10.3%.
وخلال عام 2017، حلت العربات ذات المحرك -الخاصة بنقل الأغراض- بالمقدمة من بين المنتجات التركية المُصدرة إلى بريطانيا، إذ بلغت نسبتها 12.1% من إجمالي الصادرات، تليها السيارات 10.2%، ثم الأسلاك المعزولة والوصلات الكهربائية وكابلات الألياف البصرية 4.9%.
أما بالنسبة للواردات، فتأتي محركات الديزل ونصف الديزل بالدرجة الأولى بمعدل 15%، يليها الحديد والصلب 14.2%، ثم السيارات 10.4%. ويبلغ عدد الشركات البريطانية الناشطة في تركيا في الوقت الحالي أكثر من 3 آلاف شركة.
ذكر الباحث الاقتصادي أحمد مصبح أنه مع انتهاء الاتفاقات التجارية لبريطانيا مع الاتحاد الأوروبي أصبح لزاما عليها البحث عن شركاء تجاريين جدد، وكان حجم التجارة بين الطرفين عام 2019 بلغ 511 مليار دولار (318 مليارا صادرات من الاتحاد الأوروبي، 193 مليارا صادرات لندن).
وعليه سوف تكون تركيا أحد أفضل البدائل لهذا البلد لتوسيع حجم التجارة معها، خاصة وأن الاقتصاد البريطاني يمثل 3.14% من الاقتصاد العالمي.
وقال مصبح "إن العلاقات التجارية بين بريطانيا وتركيا متميزة قبل خروج الأولى من الاتحاد الأوروبي، وعليه سوف يكون لاتفاقية التجارة الحرة بين الطرفين دور كبير في تعزيز رصيد الحساب الجاري لتركيا، وتقليل عجز الحساب الجاري، وبالتالي يكون هناك انعكاس إيجابي على المؤشرات الاقتصادية في تركيا".
ووفق معظم المؤشرات، وفي ظل العلاقات الدبلوماسية المميزة بين تركيا وبريطانيا، فإن الأولى سوف يكون لها حصة جيدة وذلك للأسباب التالية، حسب الباحث الاقتصادي:
– قبل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، كانت أحد أهم الشركاء التجاريين لتركيا، الأمر الذي سوف يزيد حظوظ الأخيرة على هذا الصعيد.
– توتر العلاقات بين الصين والدول الأوروبية سوف يزيد من حظوظ تركيا في تعزيز حصتها مع بريطانيا.
– الموقع الجغرافي لتركيا وقدرة سوقها على سد النقص المتولد لدى بريطانيا من خروجها من الاتحاد الأوروبي.
من جهته، يعتقد ياسين قوفانتش أستاذ العلاقات الدولية بجامعة أرجيس في قيصري أن حالة عدم اليقين التي تطغى على الاقتصاد بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي كان دافعا قويا وراء هذا التقارب التجاري بين أنقرة ولندن.
وقال الأكاديمي التركي للجزيرة نت "يبرز ذلك من خلال مضاعفة المملكة المتحدة لبرنامج تمويل الصادرات لتركيا، كما أن هناك جهودا لزيادة التعاون في مجالات الطاقة والرعاية الصحية والتصنيع والدفاع".
ونوه إلى علاقة التعاون الوثيقة التي تربط كل من أنقرة ولندن في العديد من المجالات، لعل أبرزها المجال الاستخباراتي ومكافحة الإرهاب، فضلا عن الهجرة واللاجئين، فبريطانيا تحتاج تركيا كونها تحظى بأهمية إستراتيجية كبرى.
وأضاف أستاذ العلاقات الدولية "تشير التوقعات إلى أن رجال الأعمال البريطانيين سيركزون أكثر على السوق التركية، وسيتابعون الفرص الاستثمارية فيها عن كثب الفترة المقبلة".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!