ترك برس
سلّط كاتب مصري، الضوء على الآثار التي خلّفتها معركة ملاذكرد التي وقعت بين الأتراك و البيزنطيين، عام 1071م، على العالم المسيحي، ما أحدثته من تغيرات في صفوف البيزنطة.
وفي مقال له نشرته القناة الرسمية التركية الناطقة بالعربية "TRT عربي"، قال الكاتب الصحفي عامر سليمان، إن انتصار ملاذكرد يُعَدّ واحداً من أكثر الانتصارات تأثيراً في التاريخ الإسلامي، بل والمسيحي أيضاً، وأن أهمية الانتصار في ملاذكرد لا تنبع من كونه مهّد الطريق أمام الفتوحات التركية في الأناضول فحسب، بل تعدى تأثيره إلى إحداث تغيرات سياسية وجغرافية وحتى اقتصادية وديموغرافية في منطقة الأناضول.
ويستعرض الكاتب في مقاله الذي جاء بعنوان "كيف غيّر انتصار ملاذكرد مجرى التاريخ بالعالمَين الإسلامي والمسيحي؟"، السيرة الذاتية لقائد جيش الأتراك في المعركة المذكورة، وهو السلطان السلجوقي ألب أرسلان الذي تولى الحكم عقب وفاة والده طغرل بك، والطريق الذي أدى به إلى مواجهة جيش بيزنطة في موقعة "ملاذكرد" الواقع حالياً ضمن حدود ولاية موش شرقي تركيا.
وبحسب الكاتب فإنه ورغم أن معركة ملاذكرد لم تكُن فتحاً إسلامياً بالمعنى المعروف بل كانت بمثابة حرب دفاع عن النفس، فقد كان لها تأثير كبير على المنطقة من الناحية الديموغرافية، إذ سمح السلطان ألب أرسلان للقادة ورؤساء القبائل الذين حاربوا معه بفتوحات في الأناضول، وأذن لكل من يفتح منطقة بأن يملكها ويحكمها.
وأضاف أنه في أعقاب المعركة التاريخية، بدأت فترة الإمارات التركية الأولى في الأناضول وأصبحت الأناضول منطقة ذات أغلبية تركية مسلمة بعد أن كانت موطناً للروم الأرثوذكس.
كذلك أدى استنزاف الإمبراطور معظم خزينة الإمبراطورية لتجهيز الجيش الضخم إلى إضعاف قوتها اقتصادياً، علاوة على هجرة عديد من السكان الروم الذين كانوا يشتغلون بالزراعة في مناطق شرق ووسط الأناضول التي سكنها الأتراك، إلى مناطق غربي الأناضول،وبالتالي حُرمت الإمبراطورية البيزنطية موارد زراعية هامة كانت تعتمد عليها.
كما مهّد انتصار ملاذكرد لتأسيس دولة سلاجقة الروم (سلاجقة الأناضول) ليتغير بعدها مصير وتاريخ منطقة الأناضول التي أصبحت وطناً دائماً للأتراك المسلمين. ومع سقوط دولة سلاجقة الأناضول ظهرت في الأناضول أيضاً الدولة العثمانية التي تحولت في ما بعد إلى واحدة من أكبر الإمبراطوريات التي عرفها التاريخ.
ومن الآثار المهمة التي ترتبت على الانتصار في ملاذكرد وغيرت في تاريخ العالم الإسلامي والمسيحي على حدّ سواء، بداية الحملات الصليبية على العالم الإسلامي واستمرارها على مدار 170عاماً.
فعلى الرغم من الخلاف المذهبي بين البابا في روما والكنيسة الأرثوذكسية في القسطنطينية، فإن أوروبا كانت تنظر إلى الدولة البيزنطية باعتبارها حارسة البوابة الشرقية لأوروبا وحائط الصدّ الأول ضد المسلمين.وبعد هزيمة الدولة البيزنطية أمام الأتراك المسلمين وعدم تمكُّنها من حشد جيش قوي للتصدي لهم بعد ذلك، بدأ الغرب يفكّر في مد يد العون إلى الدولة البيزنطية في البداية ضد المسلمين، ثم بدأت أوروبا تفكّر في غزو المشرق الإسلامي بنفسها.
ففي عام 1095 عقد البابا أوروبان الثاني الطامح إلى أن يصير الزعيم الأوحد للعالم المسيحي، مؤتمراً موسعاً في مدينة كليرمون الفرنسية دعا فيه الملوك والأمراء وعامة الشعب إلى التوجه عسكريّاً إلى الشرق الإسلامي، بناءً على طلب المساعدة الذي قدمه له الإمبراطور البيزنطي ألكسيوس كومنين،وكلف البابا الراهب بطرس الناسك بتنفيذ جولات مكثفة في أوروبا لتحميس الناس.
وفي 1099 انطلقت الحملة الصليبية الأولى على العالم الإسلامي وأُسّسَت أول إمارات صليبية في العالم الإسلامي.وقد استمرت الحملات الصليبية على المشرق الإسلامي نحو قرنين من الزمن.
وفي السادس والعشرين أغسطس/آب من كل عام، يحيي العالم الإسلامي وخاصة الأتراك، انتصار معركة ملاذكرد.
وفي هذا الإطار، شهدت تركيا قبل أيام، احتفالات في الذكرى السنوية لمعركة ملاذكرد، حيث أقيمت مراسم إحياء في قضاء ملاذكرد، بولاية موش (جنوب شرقي تركيا) التي احتضنت المعركة التاريخية ذات المكانة المميزة لدى الأتراك.
مراسم الإحياء حظيت بحضور رسمي وشعبي واسع، حيث شارك فيها رئيس البلاد، رجب طيب أردوغان، ورئيس البرلمان، وزعيم حزب الحركة الوطنية المعارض، فضلاً عن وزراء ونواب برلمانيين ومسؤولين آخرين.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!