جلال سلمي - خاص ترك برس
عند ذكر فتح بغداد من قبل العثمانيين يُذكر سليمان القانوني وعند ذكر القدس تُذكر أسوار سليمان القانوني الحامية لها وعند ذكر الجوامع الضخمة ذات الطراز المعماري الفريد يُذكر سليمان القانوني الذي دعم وحفز المعمار العثماني سنان على إتمام هذه الكنوز المعمارية الفريدة، ولكن للأسف؛ قبل ثلاث سنوات تم إصدار مسلسل يتكلم عن حياته باسم "القرن العظيم" ولكن للأسف الشديد تمت ترجمته إلى العربية باسم "سلطان الحريم"، ولاقى المسلسل اعتراض من المؤرخين والباحثين وحتى المواطنين العاديين في كلا المجتمعين العربي والتركي وذلك لأن، حسب آراء العديد من المؤرخين والباحثين، جميع الأحداث الواردة في المسلسل هي عارية عن الصحة ومدعومة من قبل أعداء الدولة العثمانية لتشويه أحد أعظم سلاطينها الذين أفنوا حياتهم في فتح البلاد ودعوة الناس إلى الدين الإسلامي.
في ظل هذه الخلافات؛ هل بالفعل سليمان القانوني كان "سلطان الحريم" أم كان رجل الفتوحات الفذ؟
يمكن الإجابة على هذا السؤال من خلال سرد الحياة الشخصية له، وُلد السلطان سليمان الأول أو سليمان القانوني بتاريخ 6 تشرين الثاني/ نوفمبر 1494 في مدينة طرابزون، يُعتبر السلطان العاشر في الدولة العثمانية، لُقب في الغرب بأنه "سليمان العظيم" ولُقب في الشرق بأنه "سليمان القانوني" المُحل للعدالة والإدارة العادلة.[1]
يُعد السلطان سليم الأول والد سليمان القانوني بينما عائشة حفصة هي والدته، أمضى سليمان القانوني سنوات طفولته الأولى طرابزون مع أخيه من الرضاع السيد يحيى، بعد وصوله لسن السابعة تم إرساله إلى قصر الباب العالي ليتلقى علوم التاريخ والآداب والدين والعسكرية، بعد تلقيه هذه العلوم تم تعيينه والي على ولاية أفيون كاراحصار عام 1508 أي بعد بلوغه سنة الرابعة عشر، ولكن بعد اعتراض عمه أحمد والي مدينة أماسيا على ذلك تم تعيينه والي على مدينة بولو الصغيرة وبعد فترة تم تعيينه والي لولاية صارهون وبتاريخ 22 أيلول/ سبتمبر 1520 توفى أبيه سليم الأول فانتقل في ذلك التاريخ إلى إسطنبول، ولأنه لم يكن أي أخ أو منازع له تولى مقاليد الحكم بتاريخ 30 سبتمبر 1520 وكان يبلغ من العمر 26 عام.[2]
بعد تولي السلطان سليمان القانوني للسلطنة لم يعترف به والي الشام جان بردي الغزالي وأعلن استقلاله عن الدولة العثمانية، فقام سليمان القانوني على الفور بتجهيز جيوشه والتقى بجيوش الغزالي في منطقة تُسمى "المصطبة" بتاريخ 27 كانون الثاني/ يناير 1521 وانتصر علي الغزالي وجيوشه وقتله وأراد بذلك توجيه رسالة حازمة إلى جميع من يُفكر بالعصيان بأن مصيره سيكون نفس مصير الغزالي.[3]
بعد تأكد سليمان القانوني من استتباب الأمن الداخلي في الدولة العثمانية قام بتاريخ 28 أيار/ مايو 1521 بالخروج إلى أول حملة فتوحات بقيادته وكانت هذه الحملة مُستهدفة للمملكة المجرية، خلال هذه الحملة ضم العديد من المدن إلى الدولة العثمانية وبتاريخ 1 آب/ أغسطس 1521 قام بمحاصرة بلغراد عاصمة المملكة المجرية واستسلمت المملكة المجرية له بتاريخ 29 أغسطس 1521 وكانت هذه الفتوحات البوابة الأولى للسلطان سليمان لحملاته الفتوحية في أوروبا، وتوثق الكثير من المواثيق التاريخية الأوروبية بأن الرُعب أصاب جميع المملكات الأوروبية بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية أمام السلطان العثماني في فترة وجيزة.[4]
واستمر سليمان القانوني في فتوحته في أوروبا حيث قام في يونيو 1522 بفتح جزر رودوس وفي طريق عودته إلى إسطنبول قام بفتح مارماريس وبودروم وفتحية وفي فبراير 1523 عاد إلى إسطنبول.
بعد مكوثه في إسطنبول لثلاث أعوام لإدارة أمور الدولة العثمانية وتحصينها قبل الذهاب إلى حملة فتوحات جديدة، قام بتاريخ 23 نيسان/ أبريل 1526 بالخروج تجاه المجر مرة أخرى وخلال هذه الحملة استطاع فتح البوسنة وأوزاك وساغادين وبودابست واستمر السلطان العثماني بالتقدم إلى أن وصل بتاريخ 23 أيلول/ سبتمبر 1529 إلى حدود النمسا، واستمر بتقدمه وبتاريخ 27 سبتمبر 1529 حاصر مدينة فيينا، ولكن بسبب حالة الطقس وعدم وجود استعداد تام من ناحية العتاد اللازم لإكمال الحصار قرر سليمان القانوني رفع الحصار بتاريخ 16 تشرين الأول/ أكتوبر وأمر بالعودة إلى إسطنبول وبتاريخ 16 ديسمبر 1529 وصل إلى إسطنبول.[5]
بعد وصول السلطان سليمان القانوني إلى إسطنبول توافدت عليه الوفود الأوروبية المُطالبة بتوقيع اتفاقات سلام مع الدولة العثمانية وكان أخر هذه الوفود قد وصل بتاريخ 17 أكتوبر 1530 واستمر هذا الوفد بالتفاوض مع السلطان سليمان القانوني لمدة شهر وبعد عدم التوصل إلى اتفاقية قررالسلطان سليمان القانوني بتاريخ 17 تشرين الثاني/ نوفمبر الخروج إلى حملة فتوحات جديدة تجاه فيينا.[6]
المراجع:
[1]، من إعداد شريف عبد العزيز، نُشرت على موقع قصة الإسلام إشراف د.راغب السرجاني، دراسة بعنوان لماذا سليمان القانوني؟ ولماذا الحريم؟
[2] من هو سليمان القانوني؟، موقع سليمان القانوني
[3] المصدر نفسه
[4] دراسة بعنوان سليمان العظيم، من إعداد جاويد قاسملي وعبدالله دامير، نُشرت في مجلة سيزينتي في عددها الأربعمئة والعشرين الصادر في يناير 2014
[5] المصدر نفسه
[6] المصدر نفسه
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!