حاوره عبد الرحمن السراج - خاص ترك برس
وصف مدير مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية "كير" (CAIR) "نهاد عوض" التجربة التركية بأنها تعطي بصيص أمل لمسلمي العالم، لأنها تجربة رائدة ومتماسكة جمعت بين قيم الإسلام والحداثة، وذلك خلال لقائه مع ترك برس.
تحدث عوض عن وضع مسلمين في الولايات المتحدة، وجهود "كير" في تحسين أوضاعهم، كما تناول الوضع المتدهور للإسلاموفوبيا في أمريكا، ومطالب المسلمين الأمريكيين فيما يتعلق بحقوقهم المدنية.
- طلبنا من الأستاذ نهاد عوض في بداية الحوار تعريفًا بنفسه وبـ"كير" لقراء ترك برس
نهاد عوض، مدير مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية المعروف اختصارًا باسم "كير" (CAIR)، وهي منظمة أمريكية مسلمة، تعد أكبر وأقوى المنظمات الإسلامية في الولايات المتحدة.
تعرف كير بالإسلام، وترعى شؤون المسلمين وتدافع عن حقوقهم، وتساهم في تنمية وجودهم ونشاطهم السياسي، من خلال بناء التحالفات وتنشيط المسلمين في العملية السياسية عن طريق الانتخابات وأشكال أخرى من النشاط السياسي.
- هل تشارك كير في أنشطة خارج الولايات المتحدة؟ وهل تتواصل مع المسلمين حول العالم؟
كير مؤسسة مختصة بالشؤون الأمريكية وتخدم 8 ملايين مسلم، ولديها حوالي 33 مكتبًا فرعيًا بالإضافة إلى مقرها الرئيسي في واشنطن بجانب الكونغرس.
مؤسسة كير معروفة على المستوى الدولي، خصوصًا لدى الأقليات المسلمة التي تشارك واقع المسلمين الأمريكيين وتتقاطع معها كونها أقلية وتعيش ظروفًا شبيهة أو قريبة من ظروف المسلمين في أمريكا. لكن المسلمين في أمريكا واضح أنهم يتمتعون بخبرة سياسية ومؤسسية متقدمة، وكير تعد قصة نجاح للمسلمين في أمريكا والغرب.
ومن هنا تأتي شهرتها على المستوى الإعلامي والسياسي بسبب قدرتها، بعد الله سبحانه وتعالى، على العمل المهني والحرفي المؤثر الذي يأتي بنتائج. تشارك كير في مؤتمرات خارج الولايات المتحدة ولدينا زيارات في تركيا، نزور مؤسسات المجتمع المدني وأحيانًا المؤسسات السياسية، والهيئات التي نشعر أن بيننا وبينها قواسم مشتركة.
- هل تجدون صعوبات في عملكم بالولايات المتحدة؟
مؤسسة كير معروفة، فرضت وجودها على الساحة، شاء من شاء وأبا من أبا، وهي مؤسسة لها حضورها الواضح في المجتمع والخارطة السياسية والإعلامية الأمريكية، مشهورة وصوتها مسموع، لأنها مؤسسة قانونية وتستخدم القانون والإعلام، تتحدث عن تطلعات ورؤى المسلمين الأمريكيين كجزء من المجتمع الأمريكي.
- هل يعد المسلمون الأمريكان فئة فعالة سياسيًا؟ ما مدى تأثيرهم؟
المسلمون في الولايات المتحدة لديهم الفرصة في أن يكونوا طبقة وأقلية مؤثرة، وهذا هو التوجه الذي نسير به، هناك نمو وتزايد في اهتمام ونشاط واندماج المسلمين في العملية السياسية.
لكن أيضًا لا ننسى أن جزءًا كبيرًا من المسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية هم مهاجرون، ثقافتهم الأمريكية ثقافة البلاد التي نشؤوا فيها، أيضًا هناك الجيل الثاني والثالث المسلم الذي يعيش في أمريكا، وكذلك المسلمون الأمريكيون أصلًا سواء من معتنقي الإسلام أو من الأمريكان الأفارقة، فهو يعد مجتمعًا متنوعًا جدًا بتنوع أمريكا وتنوع الجنس البشري.
- هلا حدثتنا عن سمات المجتمع المسلم الأمريكي؟
يتميز المسلمون الأمريكيون بقدرتهم التعليمية ومواقعهم الاجتماعية وكذلك إلى حد ما وضعهم الاقتصادي، فالمسلمون في أمريكا طبقة مثقفة ومتعلمة وبالتالي معقود عليها الأمل أن تكون لها مكانة أفضل في المجتمع.
الظروف التي يحياها العالم الإسلامي وطبيعة التحديات التي يخوضها المسلمون بشكل عام تنعكس بشكل دائم على أداء وصورة المسلمين في أمريكا، كما أن كونهم أقلية لا تتجاوز 2% يؤدي إلى أنهم يعيشون تحديات إضافية مقرونة بالصورة النمطية ونظرة غير المسلم للمسلمين من خلال وسائل الإعلام والتراكمات الثقافية التي تنظر وتعامل المسلمين حتى الأمريكيين كأنهم إما ضيوف أو أجانب أو خطر أمني كما نلاحظه الآن في الأحداث الساخنة في الشرق الأوسط وغيرها.
- هل يؤدي توزع المسلمين بين عدد من الولايات إلى صعوبات في نشاطهم السياسي؟
تفرض هذه الظروف الساخنة والتحديات الصعبة على المسلمين وتحفزهم لأن ينشطوا سياسيًا، ومن حسن حظ المسلمين أن كثافتهم السكانية متركزة في الولايات المهمة انتخابيًا.
- عزلت هيلاري كلينتون مؤخرًا عمدة مدينة رونوك بولاية فيرجينيا لمطالبته برفض اللاجئين السوريين، يقال إن الديمقراطيين هم أقرب لقضايا المسلمين بشكل عام، هل هذا صحيح؟
من الواضح أننا نتعاطى مع القوى السياسية التي تشترك معنا في المواقف، ونحن لا نحكم على الانتماء الحزبي وإنما على المواقف.
لا شك أن الحزب الجمهوري لم يفقد فقط الجالية المسلمة، إنما فقد الأقليات بسبب الخطاب العنصري التمييزي والكاره للأقليات في أمريكا، ليس فقط المسلمة بل المكسيكية والمهاجرين السود. الآن للأسف، سمحت قيادة الحزب الجمهوري لنفسها أن تقودها مجموعة من العنصريين، ومن هنا يكون تحصيل حاصل أن الحزب الديمقراطي يكون أفضل وأقرب من مصالح المسلمين الأمريكيين، والأمة الأمريكية باعتقادي.
هذا ليس صك حسن سيرة للحزب الديمقراطي، فعليه التزامات ومتطلبات وتوقعات كبيرة لأن يقوم بشيء أكثر للامتثال للمعاني والحقوق الأمريكية والمبادئ الدستورية حتى بالفعل يستحق لقب أنه عباءة لجميع الأقليات وكل الأمريكيين.
وبنفس النفس أقول إن الجمهوريين ليسوا سواء، ففي الحزب الجمهوري عدد قليل جدًا من الذين يمتازون بالخطاب العاقل الوسطي، الخطاب الذي يرحب بالآخرين، لكن للأسف ما نراه اليوم من خطابات مرشحي الحزب الرئاسة الجمهوريين هو خطاب انتهازي عاطفي، فهم لا يقدمون رؤية حقيقية لقيادة المجتمع للقرن الحادي والعشرين أو العالم.
- ما هي المطالب الموجودة على أجندتكم لدى حديثكم إلى مرشحي الرئاسة؟
هناك قضايا كثيرة يتقاطع فيها المسلمون مع باقي المجتمع الأمريكي، مثل التعليم والصحة والاقتصاد، وهناك قضايا تحكم تعاطينا أو دعمنا لمرشح أو حزب بسبب سياساته التعليمية والاقتصادية وحتى الأمنية. إضافة إلى ذلك هناك قضايا يشعر المسلمون الأمريكيون أنها تخصهم أكثر من غيرهم لأنهم أقلية ولأنهم مسلمون، وهي قضايا الحقوق المدنية والشراكة وإدماج المسلمين في القرار السياسي للأحزاب.
- هل هناك نقص في الحقوق المدنية للمسلمين الأمريكيين؟
هذه حقيقة، هناك سياسات استهدفت المسلمين الأمريكيين مثل التجسس بحجة الأمن، واستهدفت المسلمين الأمريكيين من خلال التضييق في المطارات والتمييز العنصري ضد المسلمين في بعض أماكن العمل، وهناك أيضًا بعض السياسات التي نعتقد أنها استهدفت المسلمين بغير حق دون غيرهم، نواجه هذه السياسات ونعمل ضمن تحالف كبير من مؤسسات حقوق الإنسان في أمريكا لتحقيق إنجاز أو تقدم في هذه الملفات.
- ما مدى تأثير ما يحد خارج الولايات المتحدة على النظرة تجاه المسلمين الأمريكيين؟
للأسف الشديدن صورة الإسلام في أمريكا ليست مبنية على أداء ونشاط وإسهامات المسلمين الأمريكيين الاقتصادية أو التعليمية أو الاجتماعية التي يجب أن تكون عنوان وجودهم، بل صورة المسلمين والإسلام في أمريكا هي مبنية على كثير من سلوكيات بعض الجماعات الإرهابية أو المتطرفة في المجتمع الإسلامي التي تسيطر على الأخبار، ويقومون بأفعال تؤذي الإسلام والمسلمين بشكل عام.
لكن هذه السلوكيات أيضًا تؤذي المسلمين الغربيين والمسلمين الأمريكيين تحديدًا، لأن هناك أيضًا متطرفين سياسيين في الولايات المتحدة يصطادون هذه الصورة الانتقائية ويحاولون تطبيقها كواقع ضد المسلمين الأمريكيين الذين ليس لهم علاقة لا عضوية ولا هيكلية ولا تنظيمية ولا حتى تربطهم أي علاقة بما يجري في بعض بلاد الشرق الأوسط.
- مررتم بأزمات سابقة مثل هجمات باريس الأخيرة، هل اختلفت ردة الفعل في الولايات المتحدة الآن تجاه المسلمين؟
الإسلاموفوبيا الآن في الولايات المتحدة هي في أسوأ مستوياتها، أنا على رأس هذا العمل منذ 21 عامًا، أعتقد أن هذه واحدة من أسوأ السنين التي نشعر فيها أن خطاب العداء تجاه المسلمين أصبح مقبولًا اجتماعيًا وسياسيًا، بل هناك تنافس بين السياسيين على من يكره المسلمين أكثر ومن يعد بإغلاق مساجدهم أو ترحيلهم أو عدم ترحيب الولايات المتحدة بمهاجرين أو لاجئين مسلمين.
يترجم هذا العداء أو الخطاب السياسي على أنه ضوء أخضر لبعض المتطرفين لأن يحملوا السلاح ويقوموا بجرائم كراهية ضد المسلمين الأمريكيين ومنشآتهم ومؤسساتهم، والمجتمع المسلم بشكل عام.
تأتينا يوميًا من خلال مكاتبنا تقارير وشكاوى عن تزايد معاناة المسلمين، ومن هنا نقول إن هناك غيابًا في القيادة والخطاب السياسي في الولايات المتحدة، للجم هذه الظاهرة التي لا تؤذي المسلمين الأمريكيين فقط بل تؤذي تركيبة النسيج المجتمعي الأمريكي وتؤذي سمعة الولايات المتحدة، وتؤذي القيم الأمريكية وتعارض القيم الدستورية والأخلاقية التي نتفاخر بها دائمًا.
- ألم يكن خطاب أوباما في قمة مجموعة العشرين مؤثرًا في هذا الصدد؟
نحن نرحب ونشكر الرئيس أوباما على خطابه الذي رد فيه على بعض تجاوزات وخطاب العداء المتزايد المبني على الخوف والكراهية والجهل، وليس على الأمل والإيجابية والقيادة الحقيقية التي تأخذ بيد المجتمع إلى الأمام، إنما خطاب الجمهوريين خطاب استغلالي مبني على الخوف والكراهية للآخر، واللعب بعواطف الآخرين واستخدام أقليات كالمجتمع المسلم ككبش فداء لتحقيق مآرب ومكاسب سياسية في استطلاعات الرأي.
لكننا نأمل أيضًا في أن يكون خطاب الرئيس أوباما وإدارته أكثر جرأة في مواقفها المساندة للمسلمين الأمريكيين، وتوجه رسالة للمجتمع على أن هذا الخطاب مرفوض بشكل عملي وقانوني وأخلاقي، ونشعر أن إجراءات أكثر يجب أن تتخذ لطمأنة المسلمين كمواطنين وأيضًا طمأنة المجتمع على أن الولايات المتحدة لن تنزلق إلى هاوية الماضي من اضطهاد الأقليات بشكل عام بسبب أحداث عنف أو حروب، ليس لهذه الأقلية ناقة ولا جمل أو ضلع فيها.
- كان لفوز حزب العدالة والتنمية صدى لدى عدد من الأقليات المسلمة حول العالم، ماذا كانت ردة فعل المسلمين الأمريكان؟
وسط هذه الأجواء المشحونة والتحديات التي تحياها الأمة الإسلامية وخصوصًا الشرق الأوسط من خلال وجود العنف والاستبداد السياسي والحرمان من الحريات والظلم الذي يقع على الكثير من الشعوب، بصيص الأمل هو تركيا، هي التي تعطي أملًا ليس فقط لمسلمي منطقة الشرق الأوسط، بل لمسلمي العالم ومن بينهم أيضًا مسلمي الولايات المتحدة.
تعد التجربة التركية تجربة رائدة ومتماسكة جمعت بين قيم الإسلام والحداثة وأثبتت ذلك من خلال التقدم الاقتصادي والتعليمي واتخاذ المواقف المبدئية التي تناصر الشعوب وتؤوي المهاجرين وتقف مع المضطهدين وبنفس الوقت تحتكم إلى صناديق الاقتراع وإلى كلمة الشعب وتقدم مثلًا في الانضباط والرؤية والتقدم في تطوير أداء المجتمع، وتحتل مكانة خلال وقت زمني قياسي ليس فقط في المنطقة بل على مستوى العالم.
أهنئ المجتمع التركي بجميع فئاته، وتحديدًا حزب العدالة بقيادة الرئيس أردوغان على هذا الأداء المبني على القيم والإنسانية والرؤية الإيجابية في خضم التحديات التي تحياها المنطقة والعالم.
انتصار حزب العدالة والتنمية، كان بمثابة عرس عالمي إسلامي وكان فرحة للجميع، خصوصًا من يعتقد بالإسلام، وأن للإسلام ليس فقط مكانة بل قيادة على الساحة الدولية والإنسانية.
التجربة التركية بالرغم من الظروف القاسية وما تعرض له الحزب في حزيران/ يونيو، إلا أن الله سبحانه وتعالى هيأ من خلال القادة والحزب أن ينالوا ثقة المجتمع من خلال هذا الفوز ونتمنى لهم الاستمرار في هذا، ودعم قضايا الأمة الإسلامية.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!