نهاد علي أوزجان – صحيفة ملليت – ترجمة وتحرير ترك برس
تخبرنا التطورات الحالية أن منظومة الدفاع الجوي إس-400، تحمل معانٍ أكثر من كونها صفقة تجارية أو معدات عسكرية تهدف فقط لتعزيز قدرات الدفاع الجوي لدى تركيا. لهذا يتوجب تناول النقاشات في إطار أوسع.
يبدو أن "إس-400" هي فقط الجزء الظاهر من جبل الجليد. عند النظر إلى القضية في سياق المنافسة العالمية يظهر مشهد مثير للانتباه.
يتعلق هذا المشهد مباشرة بمرحلة لم نألفها كثيرًا من التنافس الأمريكي الروسي المستمر منذ الحرب العالمية الثانية، والذي شهد مدًّا وجزرًا من حين لآخر.
هناك اتفاق ضمني منذ عام 1945 بين الولايات المتحدة بخصوص "تحديد الحلفاء" و"تقاسم مناطق النفوذ". لم يتدخل الطرفان في مناطق نفوذ بعضهما قدر الإمكان حتى نهاية الحرب الباردة، وابتعد كل منهما عن محاولة إغراء حلفاء الطرف الآخر لضمهم إلى صفه.
استفاد الغرب من الفوضى في الاتحاد السوفيتي عند نهاية الحرب الباردة، فدفعه نحو الشرق وعمل على ضم بعض أعضاء الفريق السوفيتي إلى صفوفه. أتحدث هنا عن رومانيا وبلغاريا وبولونيا المعروفة اليوم بمواقفها المناهضة لروسيا.
مع وصول بوتين إلى الحكم سلكت روسيا طريقًا جديدًا، وأقدمت على حملات متتالية في القوقاز والبحر الأسود وسوريا وآسيا الوسطى. أما أوكرانيا فيستمر التوتر فيها بأعلى المستويات.
أظهرت الأحداث أن بوتين ليس لقمة سائغة وأنه ينشط في مجالات يبرع فيها. كان كل هذه الحملات كافيًا لإثارة قلق الولايات المتحدة والغرب.
أقدم بوتين على حملة هي الأعقد له، وكانت غير منتظرة أو مألوفة من خلال العلاقات مع تركيا. في إطار هذه العلاقات، أخذت صفقة "إس-400" موقعها كأزمة خطيرة.
عندما قرأ الغرب العلاقات التركية الروسية وحملات بوتين، بدأ يومئ إلى أنه لا يعتبر هذه التطورات مجرد تجارة أسلحة.
وبحسب الغرب فإن هذه الحملة تتمتع بخلفية تاريخية، وهي تطور قد يؤدي إلى ضياع في العمل الاستراتيجي.
قد يظهر تأثير وجهة النظر هذه عمليًّا وليس على صعيد الخطاب وحسب. فتطبيق قانون "CAATSA" (مكافحة أعداء أمريكا من خلال العقوبات) ضد تركيا قد يؤدي إلى مقاربة شديدة وبعيدة عن المرونة.
لبس من قبيل المبالغة القول إن بوتين هو الفاعل الأقوى في هذه المعادلة. باستطاعة الرئيس الروسي إدارة التطورات بسهولة من خلال "صلاحية التصرف" في عمليات بيع وتسليم الصواريخ.
ربما يكون السؤال الأخطر اليوم أمام بوتين ومحلليه هو: "هل من الأولى قطع تركيا علاقاتها مع الغرب دفعة واحدة أم المحافظة بصبر على الدجاجة التي تبيض ذهبًا".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس