ترك برس

أشار الكاتب والإعلامي التركي طه قلينتش، إلى أن القيادي في حركة حماي خالد مشعل، قد يكون الشخص الوحيد القادر على تأمين التواصل بين الحركة والإدارة الجديدة في سوريا.

وقال الكاتب في مقال بصحيفة يني شفق إن المنطقة بأمس الحاجة إلى توحيد القلوب على الجبهتين السورية والفلسطينية، ففي كل مرة تُقدم فيها حماس الشكر لإيران وحزب الله في تصريحاتها الرسمية، يتألم السوريون مجددًا.

وأضاف: "هناك شكوك عميقة في صفوف حماس والجبهة الفلسطينية تجاه التطورات الجديدة في سوريا. بل إننا نشهد في المحادثات الخاصة اتهامات متبادلة بين الطرفين بطريقة غير لائقة".

ولفت إلى أن الجدال والهجوم المنعكس على وسائل التواصل الاجتماعي دليل على ذلك، ولكن كما كان الحال عبر التاريخ، لا يمكن اليوم فصل دمشق عن القدس، ولا الموصل عن حلب، ولا القاهرة عن غزة. 

وفيما يلي نص المقال:

قبل 13 عامًا، في يوم الجمعة 7 ديسمبر 2012، شهدت غزة لحظات تاريخية عندما عاد خالد مشعل، زعيم حماس البالغ من العمر 56 عامًا، إلى غزة للمرة الأولى بعد أن اضطر لمغادرة فلسطين في طفولته. دخل مشعل غزة عبر معبر رفح من خلال مصر، وعقب وصوله سجد شكرًا لله، وكان في استقباله مئات الأشخاص، وعلى رأسهم إسماعيل هنية.

وكان الهدف الرئيسي من زيارة مشعل لغزة هو المشاركة في الاحتفالات بالذكرى الخامسة والعشرين لتأسيس حركة حماس. وفي 8 ديسمبر، أثناء مراسم الاحتفال في وسط غزة، صعد مشعل وقادة حماس إلى المنصة وسط تصفيق وهتافات الحشود، في مشهد بدا وكأنه استعراض للقوة ورسالة إلى العالم وإسرائيل ومحمود عباس وجبهة فتح.

أما اللحظة الأبرز في الحفل، فكانت بلا شك عندما رفع مشعل علم المعارضة السورية باللون الأخضر والأسود بحماسة، والذي قدمه له أحد المتواجدين. فبعد أن كانت حماس تتخذ من دمشق عاصمة لسوريا مقراً لها، اتخذت الحركة في بداية عام 2012 قراراً أخلاقياً ومبدئياً بمغادرة دمشق والاستقرار في الدوحة عاصمة قطر، وذلك بعد أن بدأت قوات نظام البعث بقمع الشعب السوري وإمطاره بالقنابل والرصاص. وكان مشعل قد تجنب الاجتماع مع الرئيس السوري بشار الأسد والتقاط صور معه رغم محاولات بشار المتكررة لعقد لقاء معه في تلك الفترة.

وبالتالي، فإن الصورة التي انطلقت من غزة في الثامن من ديسمبر 2012 كانت إعلانًا رسميًا للعالم أجمع عن موقف الحركة التي يقودها خالد مشعل: حماس تقف إلى جانب الشعب السوري ضد دكتاتورية البعث.

ورغم أن موقف خالد مشعل كان يتماشى مع الاتجاهات السائدة في الشرق الأوسط آنذاك، إلا أنه أثار غضب إيران التي كانت تدعم حماس بشكل علني. وقد أدى ذلك إلى تدهور العلاقات بين حماس وإيران وتوقف الدعم المالي. وشكلت الأحداث التي تلت ذلك تحديًا كبيرًا لحماس، حيث نالت نصيبها من حملة القمع الواسعة التي تعرض لها "الإخوان المسلمون" في العالم العربي بدءًا من عام 2013، مما أدى إلى إغلاق العديد من العواصم العربية أبوابها في وجه حماس. ومع تسليم خالد مشعل قيادة الحركة إلى إسماعيل هنية في عام 2017، استؤنفت العلاقات بين حماس وطهران وشهدت تحسنًا ملحوظًا. وفي عام 2020، حضر هنية شخصيًا مراسم تشييع قاسم سليماني في طهران، المسؤول عن عمليات التطهير العرقي التي قامت بها إيران في سوريا، ووصف سليماني بأنه "شهيد القدس". وفي عام 2022 زار وفد من حماس بقيادة خليل الحية دمشق والتقى بشار الأسد، ليعلن بذلك عودة حماس إلى دمشق.

ثم حدثت معركة طوفان الأقصى، والتي هزت العديد من التوازنات في المنطقة وغيرتها بشكل جذري. ونتيجة سلسلة من الأحداث المتتابعة، تم إسقاط نظام البعث في سوريا، وتم القضاء على الهيمنة الإيرانية على سوريا، وفي الوقت نفسه، تلاشى ظل طهران في لبنان بالتوازي مع ضعف حزب الله. ورغم جرائم الإبادة الجماعية التي ارتكبتها إسرائيل في غزة، لم تنتهِ حماس بل ازدادت قوة، وأصبحت اللاعب الرئيسي على الساحة السياسية الفلسطينية.

وفي المرحلة التي وصلنا إليها اليوم، نحن بأمس الحاجة إلى توحيد القلوب على الجبهتين السورية والفلسطينية. ففي كل مرة تُقدم فيها حماس الشكر لإيران وحزب الله في تصريحاتها الرسمية، يتألم السوريون مجددًا. ومن جهة أخرى، هناك شكوك عميقة في صفوف حماس والجبهة الفلسطينية تجاه التطورات الجديدة في سوريا. بل إننا نشهد في المحادثات الخاصة اتهامات متبادلة بين الطرفين بطريقة غير لائقة. والجدال والهجوم المنعكس على وسائل التواصل الاجتماعي دليل على ذلك. ولكن كما كان الحال عبر التاريخ، لا يمكن اليوم فصل دمشق عن القدس، ولا الموصل عن حلب، ولا القاهرة عن غزة. علينا أن ننظر إلى منطقتنا كوحدة متكاملة.

ويبدو أن خالد مشعل هو الشخص الوحيد القادر على تأمين التواصل بين حماس والإدارة الجديدة في سوريا. ففي 10 ديسمبر أي عقب سقوط نظام البعث، أدلى مشعل الذي يعد من الأسماء ذات البصيرة الاستراتيجية في العالم العربي، بتصريح يمكن اعتباره إعلانًا عن نية جادة في هذا الصدد، حيث قال:

"نبارك للشعب السوري العظيم على نجاحه في ثورته ضد الاستبداد والظلم. وهو والله جدير بهذا الإنجاز الكبير، في ظل ما أظهره من عزيمة وتضحية وصبر وإصرار عجيب على تحقيق تطلعاته في الحرية والعدالة والحياة الكريمة. ونؤكد أن شعبنا الفلسطيني في الداخل والخارج خاصة اللاجئين في مخيمات سوريا العزيزة هم كانوا ولا زالوا مع الشعب السوري. سوريا قلب العروبة وعمود الإسلام وحاضنته التاريخية، حيث الشام تبسط ملائكة الرحمن أجنحتها عليها.. يا أهل سوريا إن تحرركم مبشر لنا ولأمتنا بالنصر بإذن الله في غزة والقدس وفلسطين".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!