ترك برس
رأى الكاتب الصحفي السوري خورشيد دلي، أن تركيا تمتلك أوراقا مهمة لدفع إدارة الولايات المتحدة الأميركية إلى تقديم تنازلات لها في الملف الكردي.
وقال دلي، في مقال تحليلي بشبكة الجزيرة، إن الإدارة الأميركية ربما تستطيع القول لحلفائها الكرد إن مرحلة دعمكم بالأسلحة الثقيلة انتهت بانتهاء "دولة الخلافة" التي أعلنت قيامها "داعش"، وأن تطورات الأزمة السورية تتطلب اتباع إستراتيجية جديدة.
وأشار إلى أن هذا لا يعني التخلي عن الكرد في سوريا، خاصة أن واشنطن لا تبدو بصدد الانسحاب من سوريا، بعد أن أقامت العديد من القواعد العسكرية في شمال شرق البلاد وأعلنت وجود قرابة ألفين من جنودها هناك، مع أن الأرقام غير الرسمية تشير إلى وجود ضعف هذا الرقم تقريبا.
ولعل النقطة الأساسية هنا تتعلق برؤية الإدارة الأميركية لأهمية ورقة الحليف الكردي كورقة إستراتيجية في مواجهة المشروعين الروسي والإيراني، إذ إن التخلي عن الكرد يعني أن المشروع الإيراني بات يسيطر على معظم الأراضي السورية.
ومثل هذا الأمر له امتدادات إقليمية تتعلق بفتح ممر جغرافي متصل يمتد من طهران إلى بيروت عبر بغداد ودمشق، وفق الكاتب.
وتابع: لكن المنطق الأميركي هذا لا يستقيم مع الحسابات التركية التي تقوم على منع إقامة كيان كردي بسوريا يؤثر على أمنها القومي، ولعلها تعتبر مسار أستانا التفاوضي منفذا لتعطيل المشروع الكردي.
خاصة أن عملية إدلب وضعتها أمام إمكانية ضم عفرين لحدود هذه العملية، لقطع طريق المشروع الكردي الساعي للربط الجغرافي للكانتوتات الكردية وصولا للبحر الأبيض، وهو ما قد يعني رسم خريطة جديدة لأنابيب الطاقة في المستقبل.
وعليه؛ فإن المقاربة الأميركية القاضية بمواصلة الدعم للكرد ستبقى موضع جدل بين رؤوس الإدارة الأميركية على شكل تباين في الحسابات أولاً، وبين هذه الإدارة وتركيا من جهة ثانية على شكل فهم للمخاطر التي تؤثر على ثوابت العلاقة بينهما.
ويبدو أن حصول تطور نوعي في مسار هذا الجدل مرتبط بتطورات الأزمة السورية نفسها وشكل حل هذه الأزمة، مما سيجعل الخلاف الأميركي/التركي بشأن دعم كرد سوريا مستمرا.
ورغم تأكيد أن قوات سوريا الديمقراطية "قسد" ستبقى ورقة إستراتيجية مهمة للإدارة الأميركية لجهة كيفية إدارة الأزمة السورية؛ فإن تركيا تمتلك أوراقا مهمة لدفع هذه الإدارة إلى تقديم تنازلات لها في الملف الكردي.
ولعلها قد تجد في تنفيذ تهديداتها بإطلاق عملية عسكرية في عفرين ورقة قوية لإجبار واشنطن على إعادة النظر في استراتيجيتها الكردية، والعمل معاً لتحجيم المشروع الكردي وانكفائه إلى شرق الفرات، بل وفصله عن مشروع حزب العمال الكردستاني.
هو مسار ربما يدفع الإدارة الأميركية إلى التدقيق في حساباتها، بل والتفكير في أن هذا المسار قد يحقق جملة فوائد ضمن إستراتيجية العلاقة مع تركيا، سواء لجهة كف تقاربها مع موسكو وطهران لصالح العلاقة الإستراتيجية معها، أو حتى وضع العصي في عجلات المشروع الإيراني الذي تقدم كثيرا في تحقيق أهدافه عبر معارك البادية السورية المتصلة جغرافياً بالعراق.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!