ترك برس
تناولت دراسة نشرها مركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي والفلسطيني، التوتر المتصاعد في العلاقات بين أنقرة وتل أبيب في الآونة الاخيرة بسبب تعاظم االنشاط التركي في مدينة القدس المحتلة في مقابل التراجع الكبير للدعم العربي، ومآلات هذا التوتر.
وتلفت الدراسة بداية إلى أن العلاقات مع تركيا ما تزال ذات أهمية خاصة لإسرائيل، حيث إن التعاون العسكري والتجاري بينهما والذي يمتد لأكثر من 60 عاماً ليس بدعة حزب العدالة والتنمية، ومن ثم لا يمكن لهذه التوترات المرتبطة بالساحة الفلسطينية وقضيتها أن تضع نقطة النهاية لتلك العلاقات.
وتعدد الدراسة أوجه الدعم والأنشطة التي تقدمها الحكومة والجمعيات الخيرية التركية للفلسطينيين في المدينة، وهو ما أثار حفيظة قادة المؤسسة الإسرائيلية، ودفعها إلى العمل على تقييد حرية عمل المؤسسات التركية:
أولاً: اضطلعت القيادة التركية بدور بالغ الأهمية على المستويين الدولي والمحلي وعلى الصعيدين الرسمي والشعبي في خدمة القضية الفلسطينية، ومحاولة تشكيل موقف عالمي موحد ضد اعتراف الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بالقدس عاصمة لإسرائيل. وكان آخر هذه المواقف طرد السفير الإسرائيلي من أنقرة بصورة مُهينة في أعقاب المجزرة التي نفذتها "إسرائيل" بحق المتظاهرين على الحدود في قطاع غزة.
ثانياً: شكل قرار هيئة الشؤون الدينية التركية في عام 2015 الذي يقضي بإدراج المسجد الأقصى ضمن برنامج المعتمرين الأتراك قبل التوجه إلى المدينة المنورة ومكة المكرمة، خطوة دعم مهمة لمدينة القدس على وجه الخصوص.
ثالثاً: جاءت قرارات شركات الطيران والسياحة التركية بتخفيض أسعار تذاكر السفر إلى القدس خطوة داعمة أيضا، وذلك بهدف تمكين أكبر عدد من الأتراك من زيارة القدس والمسجد الأقصى.
رابعاً: تنفيذ بعض النشاطات والفعاليات من الجمعيات الخيرية التركية، مثل تقديم وجبات الإفطار للصائمين والمعتكفين في المسجد الأقصى طيلة أيام شهر رمضان، وإقامة الأمسيات الثقافية، ومبادرات غرس الزيتون في القدس والتي دعت لها جمعية "الشباب الواعد في تركيا"، وتمثل هذه النشاطات جملة تحديات لإسرائيل التي تسعى الى قطع الأواصر بين القدس والمسلمين، وإنهاء أي مَعلم إسلامي.
وقد أثار ذلك كله غضب إسرائيل، ودفعها لإعلان مواقف علنية آخذة بالتصاعد كانت قد أخفتها المصالح تجاه تلك الأنشطة المعلنة، ولكن الذي يدور في الأروقة السياسية يتمثل بجملة من المخاوف الإسرائيلية حول استغلال الحركات الفلسطينية، وعلى رأسها حركة حماس لهذه الجمعيات في نقل الأموال الى الضفة الغربية.
وتضيف الدراسة أن وسائل الإعلام الإسرائيلية لم تعد تخفي هي أيضا قلقها من تعاظم الدور التركي، حيث كشفت النقاب عن خطة أطلقت عليها اسم "خطة بالدُرج" والتي أعدها مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، بهدف الحد من النفوذ والنشاط التركي بالمدينة المحتلة وبساحات المسجد الأقصى.
أما أبرز بنود هذه الخطة فهي:
1- تكثيف إصدار قرارات الاعتقال والاستجواب بحق النشطاء والزائرين الأتراك أثناء عودتهم إلى بلادهم وإلزام الزوار الأتراك بعددٍ معين من الأيام لزيارة القدس، كما حدث مع الفتاة "إبرو أوزكان" التي اعتقلت الشهر الماضي، أثناء عودتها إلى بلادها بحجة نقل أموال الى منظمة إرهابية.
2- تقييد أنشطة بعض المؤسسات والجمعيات التركية العاملة في القدس، وتضييق الخناق عليها، مثلما حصل مع مؤسسة تيكا التركية والتي تتهمها إسرائيل بالتواصل مع شخصيات لها علاقة بالحركة الإسلامية في الأراضي المحتلة.
3- فرض شروط ومعايير خاصة معقدة وملزمة يتم من خلالها منح التصاريح والسماح للجمعيات والمنظمات التركية بإقامة نشاطات وفعاليات داخل القدس، وفرض غرامات باهظة على المخالفين للتك الشروط.
4- فتح المجال أمام منظمات ومؤسسات عربية أخرى منافسة تحظى بدعم مالي ضخم، كبديل للجمعيات التركية الناشطة في القدس.
ودعت الدراسة الفلسطينيين إلى تأييد ودعم مثل هذه الفعاليات والأنشطة التي تقوم بها المؤسسات التركية والتي تهدف بشكل رئيسي إلى تعزيز صمود المواطن المقدسي في أرضه، والابتعاد عن المناكفات السياسية داخل الساحة الإقليمية والتي تؤثر بالسلب على مستقبل القضية الفلسطينية.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!