ترك برس
تتمسك روسيا بموقفها الرافض لتجديد اتفاق إسطنبول لشحن الحبوب عبر البحر الأسود، مطالبة الدول الغربية بالوفاء بالتزاماتها تجاهها كشرط مسبق لاستئناف العمل بالاتفاق الذي يكاد يكون شريان الغذاء العالمي.
وفي يوليو/تموز 2022، وقّعت تركيا والأمم المتحدة وروسيا وأوكرانيا في إسطنبول اتفاقية لاستئناف شحن الحبوب من الموانئ الأوكرانية التي توقفت مؤقتا بعد بدء الحرب الروسية فبراير/شباط 2022، وذلك لمعالجة أزمة الغذاء العالمية.
وسمحت الاتفاقية -التي مُدّد العمل بها عدة مرات- بشحن أكثر من 30 مليون طن متري من الحبوب والمواد الغذائية من أوكرانيا منذ أغسطس/آب الماضي، وفقا للأمم المتحدة.
وأعلنت روسيا في يوليو/ تموز الماضي، انسحابها من الاتفاق، مؤكدة أنها لن تعود إليه قبل الوفاء بالتزامات الجزء المتعلق بها.
وبررت خروج روسيا من اتفاقية الحبوب بعدم التزام الدول الغربية بتنفيذ شروطها، ومنها عدم إدماج بنوك روسية على صلة بالصفقة في نظام "سويفت" (SWIFT)، وكذلك عدم السماح بتصدير الأمونيا الروسية إلى الأسواق العالمية، مشيرة إلى أن الموقف الرسمي المعلن من وزارة الخارجية يؤكد استعداد موسكو تقديم حبوبها للدول الفقيرة في أفريقيا وآسيا، وذلك كمساعدة إنسانية من جانب روسيا.
وفي معرض التعليق على الموقف الروسي، اتهم وزير الخارجية الأوكراني السابق قسطنطين هريشينكو روسيا بتعمد قصف مستودعات الحبوب الأوكرانية في أوديسا جنوب غربي أوكرانيا، ووصف ذلك الفعل بأنه "جريمة كبرى"، وقال إن لدى أوكرانيا شريط فيديو يبيّن آثار القصف الروسي لموانئ تصدير الحبوب، مؤكدا أن 60 ألف طن من الحبوب تم تدميرها.
وكانت أمينة محمد، نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، قد حذرت في تصريحات لقناة الجزيرة، من تداعيات قرار موسكو إنهاء العمل باتفاق نقل الحبوب من البحر الأسود. كما نددت واشنطن وعواصم غربية بهذا القرار، في حين بررت موسكو قرارها تجميد الاتفاق بسبب إخلال ببند رئيسي فيه.
وفي المقابل، نفت الأكاديمية والمحللة السياسية الروسية أولغا كراسينياك أن تكون القوات الروسية قد قصفت مخازن تخزين الحبوب الأوكرانية في أوديسا، مبرزة أن روسيا تقصف المستودعات والمصانع حيث تصنّع الأسلحة، وأن القصف الذي استهدف أوديسا كان ردا على الهجوم الأوكراني على جسر القرم، بحسب تقرير لـ "الجزيرة".
غير أن وزير الخارجية الأوكراني السابق استهزأ بالرواية الروسية، خاصة حديثها عن منع الدول الغربية روسيا من تصدير الأمونيا، قائلا "إنه من السخف الاعتقاد أن هذه العمليات تمر من ساحات المعارك".
أما فاضل الزعبي، خبير الأمن الغذائي بمركز جنيف للدراسات والممثل السابق لمنظمة الفاو في منطقة الشرق الأوسط، فعلق على الشروط الروسية بالقول إن اتفاقية الحبوب وقعت بين تركيا والأمم المتحدة وروسيا وأوكرانيا كل على حدة، وإن الأمم المتحدة لم تتعهد مع روسيا برفع القيود المتعلقة بتصدير الأسمدة أو التعامل المصرفي، بل تعهدت بالسعي لمحاولة رفعها، لأن من وضعها الدول الغربية.
كما أكد أن خط نقل غاز الأمونيا من روسيا إلى أوديسا في أوكرانيا هو في الأساس متوقف عن العمل منذ بداية الحرب الروسية على أوكرانيا.
ورأى خبير الأمن الغذائي أن العالم يريد القمح، سواء كان روسيا أو أوكرانيا، وبالتالي فمن المفترض أن تعطي أوكرانيا الضمانات ويتم ربط البنك الزراعي الروسي في نظام "سويفت"، بشرط أن ترغب الدول الغربية في فعل ذلك.
وتوقع أن يكون المخرج من أزمة تجميد العمل باتفاق الحبوب بنوع من المفاوضات تفضي إلى العودة إلى الاتفاق بشروط معدلة، مؤكدا في السياق نفسه أن تأثير التجميد سيكون محدودا على وضع الأمن الغذائي العالمي، لأن كثيرا من الدول اتخذت إجراءات احتياطية.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!