ترك برس
تناول تقرير لشبكة الجزيرة القطرية أهمية الانتخابات المحلية التي تستعد تركيا لإجرائها في مارس/آذار المقبل، وأوجه الاختلاف والتشابه بينها وبين الانتخابات العامة الرئاسية والنيابية.
وذكر التقرير أنه بعد مضي نحو 7 أشهر على الانتخابات التركية العامة الرئاسية والنيابية -والتي وصفت بأنها الأصعب في تاريخ تركيا الحديث- مجددا تطفو على السطح السياسي في تركيا أخبار وتفاصيل الاستعداد للانتخابات المحلية القادمة بعد 3 أشهر تقريبا.
وأشار إلى إعلان حزب الجيد -وهو ثاني أحزاب المعارضة/ الطاولة السداسية- أنه سيدخل الانتخابات المحلية القادمة بشكل منفصل ودون تحالفات، وبحسب عدد من المختصين يعد هذا الإعلان تغيرا مهما في العوامل والظروف الانتخابية مقارنة بالانتخابات السابقة، مع تأكيدهم على احتمال حدوث تغير أو تراجع بشكل ما.
ونقل عن الصحفي والكاتب عبد القادر سلفي، قوله إنه "بشكل حقيقي، الانتخابات الرئاسية والبرلمانية السابقة كانت الأهم في آخر 20 عاما في تركيا كونها كانت محطة لتحديد مستقبل واستقلال تركيا، فقد كانوا يبحثون لهم عن "زيلينسكي"، وهذا كان واضحا من خطاب بايدن الشهير قبيل الانتخابات".
وأشار سلفي إلى أن المخطط لم ينجح بفضل وعي الشعب التركي وقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان.
وتابع الكاتب التركي "رغم أهمية الانتخابات الأخيرة فإن الانتخابات المحلية القادمة مهمة جدا، لأنه في الفترة الأخيرة أصبحت الانتخابات المحلية معبرة ومؤشرة وأحيانا كثيرة محددة للانتخابات العامة".
الفرق والأهمية
ووفقا لسلفي، سيتم اختبار الاستقرار والقيادة والأمان التي تم تحقيقها من قبل الحزب الحاكم في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية خلال الانتخابات المحلية.
وتابع "لو استمرت هذه المنجزات للحزب الحاكم في الانتخابات المحلية فهذا يعني دعما وموافقة على سياسات أردوغان، وسيخرج لنا أردوغان أكثر قوة وحضورا محليا ودوليا".
وبشأن شكل وعوامل المنافسة، قال سلفي "لا شك في أن إسطنبول تحمل أهمية ورمزية كبيرة، فهي بوابة أردوغان إلى عالم السياسة، ومن الطبيعي أن تكون نقطة اهتمام ومنافسة".
وأضاف الكاتب التركي أن المعارضة –الطاولة السداسية– تعمل حاليا على تجميع قواها وترتيب كل أوراقها لدعم أكرم إمام أوغلو مرشح حزب الشعب الجمهوري من أجل الفوز مجددا برئاسة بلدية إسطنبول.
وبشأن هذه الجهود، قال سلفي "هناك ضغوط على حزب الجيد، وهناك ترتيبات تتم لتأمين دعم باقي أعضاء الطاولة".
أهم العناصر
وبشأن أهم النقاط التي ستجعل فوز (استعادة) أو خسارة الحزب الحاكم في إسطنبول ممكنا، يضيف سلفي "قد يبدو للمتابع أن حظوظ المعارضة أكثر في إسطنبول وأنقرة، أتوقع أن العدالة سيفوز فيهما، أو على الأقل في إسطنبول، لأنه يعمل (حزب العدالة والتنمية) بمنظومة صارمة لاختيار المرشح المناسب، وهذا أمر مهم، وأيضا أعتقد أنه سيركز على لغة العمل والإنجاز التي تعد نقطة ضعف عند مرشح المعارضة أكرم إمام أوغلو".
ومضى سلفي في تقديراته "إذا لم يخطئ الحزب الحاكم في المرحلة المقبلة فأعتقد أنه سيفوز في الانتخابات المحلية عموما بالقوى ذاتها وبنسبة أصوات أعلى من الانتخابات العامة، وبذلك سيمضي بقوة في قيادة تركيا لـ5 سنوات، وفي حال حدوث العكس وفازت المعارضة -لا أتوقع ذلك- فسيكون هناك مشهد صعب أمام إدارة الحزب الحاكم".
وفي هذا الجانب، قال الباحث ورئيس مركز أوبتيمار للأبحاث حلمي داشدمير المعروف بتوقعاته الدقيقة "في الانتخابات العامة يختار الناخب الرئيس التركي وحزبه بناء على تاريخه وتجربته وسياسته وقصص نجاحه السابقة، فيما ينصرف عن المعارضة نتيجة الغموض في رؤيتها وبرامجها العملية".
وتابع داشدمير حديثه خلال أمسية نقاشية حضرتها الجزيرة نت "في الانتخابات المحلية يلعب المرشح وشخصيته المحلية وطبيعة الفوائد والخدمات المتوقعة منه دورا مهما في ترجيح واختيار الناخب للحزب".
وأوضح رئيس أوبتيمار أن مرشح المعارضة المعلن في إسطنبول أكرم إمام أوغلو قد فقد نسبة من قبوله الشعبي وحضوره الذي تميز به في الانتخابات المحلية الأخيرة عام 2019، وأن سبب ذلك يعود إلى طبيعة وجودة الخدمات المقدمة ولحراكه وطموحه السياسي العام على حساب مهام رئاسة البلدية.
وأضاف داشدمير "فهم المجتمع ورغباته نقطة مهمة وحساسة في الانتخابات، خاصة في الانتخابات المحلية، وأهم النقاط هو اختيار المرشح الصحيح الذي يلبي رغبات وتطلعات الجمهور ويحوز قبول وقناعة الناخب من خلال حضوره ومشاريعه التي تمس حياتهم مباشرة".
من جانبه، قال الصحفي والكاتب عبد القادر سلفي "مرشحو المعارضة للمدن الكبرى أصبحوا معروفين، في أنقرة سيواصل منصور يافاش، فيما يواصل أكرم إمام أوغلو في إسطنبول، لكنْ هناك مدن أخرى مهمة كإزمير وأضنه ومرسين، أعتقد أن حزب الشعب الجمهوري سيعمل على الاستعاضة عن مرشحيه فيها بمرشحين جدد أكثر قربا وتوافقا مع إدارة الحزب الجديدة".
وبخصوص الحزب الحاكم وتحالفه تابع سلفي "حزب العدالة والتنمية في توافق مع حزب الحركة القومية بخصوص المدن الكبرى، ووفق ذلك لن يرشح الأخير أحدا فيها، وسيدعم مرشح العدالة والتنمية".
ووفق تقديرات سلفي -التي دعمها تصريح حديث للرئيس أردوغان- فمن من المتوقع إعلان العدالة والتنمية عن مرشحيه نهاية العام الحالي.
شكل المنافسة
ومؤخرا، شهدت الانتخابات العامة التركية الرئاسية والبرلمانية حضورا بارزا لملفي الاقتصاد واللاجئين بين ملفات التنافس وتسجيل النقاط، وكذلك كان الواقع في الانتخابات المحلية الأخيرة عام 2019، وفي ظل الواقع الحالي يتوقع حضورهما في الانتخابات القادمة نهاية مارس/آذار المقبل.
وأشار الباحث حلمي داشدمير إلى أن عام 2019 -خاصة ملف الاقتصاد- كان له دور مهم في تعبير الناخب عن غضبه وخسارة الحزب الحاكم لإسطنبول خصوصا، وتابع "لكن الملف الأهم هو فهم المجتمع واختيار المرشح المناسب".
وتابع داشدمير "الانتخابات المحلية تحمل مهمة البوصلة للانتخابات العامة القادمة عام 2028، وأعتقد أن جبهة المعارضة غير مؤهلة للمنافسة وفق ملفات وشروط الانتخابات المحلية، وعكس هذه الحالة نجده في الحزب الحاكم وتحالفه".
من جانبه، قال الكاتب سلفي "لا شك في أن ملفات مهمة كالاقتصاد واللاجئين ستكون حاضرة على أجندة الانتخابات المحلية لكن بشكل مختلف وبنسبة أقل عن الانتخابات العامة"، مؤكدا أن للانتخابات المحلية أجندة خاصة ومواضيع معينة أكثر حضورا.
وتابع الصحفي التركي "أعتقد أن الحزب الحاكم سيتبع إستراتيجية المنافسة عبر المشاريع والمخططات، وسيعمل على التركيز على قيمة وحجم إنجازات المعارضة خلال سنوات حكمها للمدن الكبرى".
ويجمع عدد من الخبراء على أن مشاريع مثل التحول الحضاري ومعاناة الحياة اليومية ومستوى التضخم والخدمات المقدمة من البلديات التي تلامس حياة المواطن مثل المواصلات ستؤدي دورا مهما في سباق الانتخابات المحلية في تركيا.
يذكر أن بلدية إسطنبول لم تخرج من يدي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان –حزب الرفاه/ حزب العدالة والتنمية– منذ 1994 حتى عام 2019، ويوليها الرئيس التركي مكانة مهمة في حياته السياسية والاجتماعية.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!