
ترك برس (البروفيسور إرول غوكا - كريتيك باكيش)
مسألة ما هي الدولة وأصولها، وارتباطاتها بالأنواع والتكوينات التاريخية والاجتماعية، رغم كثرة المعلومات التجريبية والمناقشات المطروحة حولها، لم تُحل بعد. ولن تُحل، لأن هذه المسألة، بقدر ما تهم العديد من التخصصات العلمية، هي في جوهرها مسألة فلسفية؛ أي أن إجابتها تعتمد على الموقف الذي يتخذه المرء في صراعات الحياة. الموقف الفلسفي الذي تتبناه سيحدد جودة إجابتك على السؤال. موقفنا الفلسفي فيما يتعلق بالدولة يشبه إلى حد كبير رؤية هيغل ويعتمد عليها. لذلك سنحاول أولاً تلخيص مكانة الدولة في فلسفة هيغل[1].
https://x.com/kritikbakis_arb/status/1909540848997478762
لقد رأى هيغل ما رآه هنتنغتون في صراعات التاريخ السياسي، لكنه رآه مسبقًا في التاريخ والفكر، وسعى لبناء فلسفة منهجية للتاريخ باسم الغرب والمسيحية. ينجح هيغل بشكل استثنائي في جهوده لبناء فلسفة حديثة ومنهجية تتبنى الموضوعات الأساسية للتاريخ الغربي؛ لدرجة أن سمة الحداثة المتمثلة في اعتبار الفرد نفسه مرجعًا مطلقًا والتفكير في ذاته، قد وصلت عنده إلى مستوى من التمكن يمكنه من توضيح معنى الإنسان والكون بأكمله، من التاريخ إلى الفلسفة، ومن الفن إلى الدين.
لا يلفت هيغل انتباهنا فقط بفلسفته حول الدولة. وراء نجاحه كفيلسوف ممثل للغرب المسيحي الحديث، تكمن حقيقة أنه كان مواطنًا في دولة انضمت إلى قطار الحداثة متأخرة. فقد تابع كل التطورات الحديثة في العالم الأنجلو-ساكسوني ومجال فكره، بكل نقاط ضعفها وقوتها، بينما طور فكره في ألمانيا، التي كانت حتى الأمس وريثة للإمبراطورية الرومانية، لكنها أصبحت في عصره متخلفة نسبيًا تاريخيًا: فقد فكر في ما تم وما يجب القيام به. وضع هيغل الحجر الأخير في مسار “علمنة” المسيحية الذي بدأه لوثر قبل مئتي عام، وكذلك في عملية جعل الفلسفة ألمانية والتي بدأها كانط. يظل هيغل في مجال اهتمامنا لأنه عاش في مناخ روحي حديث متأخر مثله مثلنا، ولأنه جعل تحديث دينه أيضًا موضوعًا في فلسفته. في الحقيقة، هناك الكثير لنتعلمه منه.
ماذا يقول هيغل باختصار؟
وفقًا لهيغل، الفلسفة هي فهم الوجود عبر التفكير المحض؛ حيث إن الوجود والفكر ينبعان من نفس الجوهر، وبالتالي فإن المعرفة الفلسفية هي معرفة جوهر الوجود. أما طريق التفكير الفلسفي فيمر عبر بناء نظام بواسطة المفاهيم. المفهوم الأساسي في نظام هيغل هو المفاهيم مثل “الفكرة” و”العقل” و”الروح”، والتي صيغت للتعبير عن أن الفكر والوجود هما من نفس الجوهر. اعتمد هيغل على هذه المفاهيم لتطوير نظام مفهومي ضخم: في البداية، كان الروح (الجيست) موجودًا بشكل كامن، ثم غرب عن ذاته وتحول إلى الطبيعة، واستمر في العمل كضرورة عمياء. بعد هذه الاغتراب الذي يتناقض مع وجوده الحر، وجد الروح في مرحلة لاحقة، عبر التاريخ والثقافة، فرصة للتحرر وإعادة اكتشاف ذاته. في الفرد الواحد، يظل الروح ناقصًا ويتجلى فقط كـ”روح ذاتي”. في مرحلته الثانية من التطور، يتجلى الروح كـ”روح موضوعي” في شكل التاريخ والمجتمع والدولة. أخيرًا، يمثل الفن والفلسفة والدين مراحل التطور المطلق للروح…
بالنسبة لهيغل، التاريخ ليس سوى عملية “تقدم الروح نحو معرفة ذاته عبر التاريخ العالمي كفعل خاص به”. بعبارة أخرى، التاريخ هو المكان الذي يكشف فيه الروح عن جوهره ويظهره. يكشف الروح عن نفسه في الفن كرؤية، وفي الدين كبصيرة وشعور، وفي الفلسفة كفكر. أما الدولة فهي الشكل المنظم الذي يحمل الروح إلى الوجود الكوني. وفقًا لذلك، فإن الدول والشعوب هي أدوات في عملية انكشاف الروح نحو الكل، وأجزاء من هذا الكل.
يمكن قراءة المقال كاملا عبر رابط مجلة كريتيك باكيش التركية.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!