ترك برس
روجت مواقع وصحف إخبارية مؤخراً، لمزاعم بوجود خلافات بين تركيا وفصائل سورية معارضة، وسط أنباء عن إقالة رئيس الحكومة السورية المؤقتة عبد الرحمن مصطفى.
وأسفر الاجتماع الذي عُقد مطلع الشهر الجاري في مطار غازي عنتاب بجنوبي تركيا، وجمع ممثلين عن الخارجية والاستخبارات التركية مع قيادات كل من الائتلاف الوطني السوري والحكومة المؤقتة وهيئة التفاوض ومجلس القبائل والعشائر وقادة الجيش الوطني السوري، عن توترات حادة بين رئيس الحكومة السورية المؤقتة عبد الرحمن مصطفى و"الجبهة الشامية" التابعة للجيش الوطني السوري.
وفي تطور لاحق، أعلنت "الجبهة الشامية" عن "تجميد" تعاونها مع الحكومة المؤقتة، مطالبة الائتلاف الوطني بحجب الثقة عنها وإحالة رئيسها عبد الرحمن مصطفى إلى القضاء. جاء ذلك في بيان أصدرته الجبهة في الرابع من سبتمبر/أيلول الجاري، استهجنت فيه ما اعتبرتها "عدائية غير مسبوقة" من رئيس الحكومة تجاهها، معتبرة أن ذلك يضر بمصلحة الثورة السورية ويفاقم التوترات الداخلية.
https://x.com/shamfront2011/status/1831434885120344140?ref_src=twsrc%5Et...
أنباء غير دقيقة
في الأسابيع الأخيرة، تداولت عدة وسائل إعلام ومواقع التواصل الاجتماعي أنباء تفيد بوجود قرار تركي يقضي بإقالة رئيس الحكومة المؤقتة عبد الرحمن مصطفى، والتصويت على تعيين عبد المجيد بركات نائب رئيس الائتلاف الوطني خلفا له، بحسب تقرير لـ "الجزيرة نت".
لكن مصدرا مطلعا أكد للجزيرة نت أن هذه الأنباء غير دقيقة، موضحا أن تركيا لم تصدر أي قرار رسمي بإقالة رئيس الحكومة أو تعيين بركات، وأضاف أن هذا الموضوع لم يُطرح للنقاش، سواء مع ممثلي المعارضة السورية أو على المستوى الثنائي بين تركيا وأي جهة أخرى.
وقال المصدر ذاته إن تركيا لا تزال ملتزمة بعدم التدخل في التعيينات الداخلية للمعارضة السورية، لكنها في الوقت نفسه تركز على أهمية إدراك الأطراف المعنية خطورة المرحلة الحالية، سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي، في ظل تداعيات الحرب في قطاع غزة وتأثيراتها على المنطقة، أو في سياق الضغوط الاقتصادية المتزايدة على تركيا، لا سيما ملف اللاجئين وما تبعه من تغييرات في المواقف السياسية.
وشدد على أن أنقرة دعت إلى ضرورة وضع آليات تهدئة تراعي المطالب الشعبية، مشيرا إلى احتمال تدخل جهات خارجية في محاولة للتأثير على العلاقة بين الحاضنة الشعبية والمعارضة وحليفتها التركية.
وأضاف المصدر أن عبد المجيد بركات لم يكن مرشحا لرئاسة الحكومة المؤقتة، وأن اسمه لم يُطرح ضمن هذا السياق، موضحا أن النظام الداخلي للائتلاف الوطني يمنع ترشيح أي شخص لرئاسة الحكومة إذا لم يبلغ الأربعين من العمر، وهو شرط لا ينطبق على بركات، مما يتطلب تعديل النظام الداخلي لتعيينه، وهذا الأمر لم تتم مناقشته على الإطلاق.
طلب رسمي
وفي سياق متصل، كشف المصدر أن رئيس الائتلاف الوطني هادي البحرة تلقى طلبا من ممثل "الجبهة الشامية" بهجت أتايسي، يدعو فيه إلى سحب الثقة من عبد الرحمن مصطفى وحكومته.
ورغم أن البحرة هو الجهة المخولة بالدعوة إلى تصويت الهيئة العامة على سحب الثقة، فإنه فضل إحالة الأمر إلى الهيئة السياسية للنظر فيه، مما أثار اعتراض مصطفى، الذي اعتبر هذا الإجراء مخالفا للنظام الداخلي الذي يحصر صلاحية سحب الثقة في الهيئة العامة.
واستجابة لهذه التطورات، بادر البحرة بتشكيل لجنة للتحقيق في الاتهامات التي وجهها عبد الرحمن مصطفى إلى "الجبهة الشامية"، ولجنة أخرى لتقييم أداء الحكومة المؤقتة خلال السنوات الأربع الماضية.
وتم اجتماع -بحسب المصدر- بين قائد "الجبهة الشامية" أبو العز سراقب ورئيس هيئة التفاوض بدر جاموس وعدد من أعضاء الائتلاف يوم 10 سبتمبر/أيلول الجاري، حيث أبلغت الجبهة الشامية الأطراف الأخرى بعدم جدوى الحلول الجذرية.
ودعت الجبهة إلى ضرورة التوصل إلى تسوية وسطية تضمن تجنب التصعيد، كما أوضحت أن النظام الداخلي للائتلاف يتطلب جمع تواقيع 20% من أعضاء الهيئة العامة لطرح الثقة في الحكومة، وهو ما يعد غير ممكن حاليا.
اتهامات متبادلة
من جانبه، أوضح مدير المكتب الإعلامي للجبهة الشامية مالك الأحمد، في تصريح للجزيرة نت، أن الجبهة كانت تأمل أن يكون هذا الاجتماع خطوة لبدء معالجة المشكلات الإدارية التي دفعت إلى خروج مظاهرات والمطالبة بإسقاط رئيس الحكومة المؤقتة.
وأشار إلى أن العديد من القادة ركزوا خلال الاجتماع على ضرورة التعامل بجدية مع أوضاع الشمال السوري وتصحيح الأخطاء، إلا أن رئيس الحكومة المؤقتة أبدى استياءه بعد أن كُشف النقاب عن أوجه القصور في أدائه.
ووفقا للأحمد، فإن رئيس الحكومة رد بتوجيه اتهامات لا أساس لها إلى عدة فصائل ثورية، بما في ذلك الجبهة الشامية، في محاولة لحرف مسار النقاش وتجاهل المشاكل المتراكمة بسبب إدارته.
وأردف الأحمد أنه نتيجة لهذه الاتهامات، لم تجد الجبهة بدا من إصدار بيان يدعو الائتلاف إلى حجب الثقة عن حكومة عبد الرحمن مصطفى، بالإضافة إلى إعلان وقف التعامل معها كرد طبيعي على تلك الاتهامات.
وأضاف "التقينا بالائتلاف الوطني السوري لمناقشة هذا الموضوع بصفته المظلة السياسية الرسمية التي تتبع لها الحكومة المؤقتة، وخلال الاجتماع بحثنا الأسباب التي دفعتنا إلى إصدار البيان، وأوضحنا موقفنا بشكلٍ صريح"، وأضاف أنهم طالبوا بحجب الثقة عن عبد الرحمن مصطفى و"محاسبته على الاتهامات الباطلة التي وجهها للفصائل الثورية".
وتابع الأحمد أن موقف الائتلاف كان إيجابيا، حيث وعد بمتابعة الملف فورا، وأكد على نيته تشكيل لجان مختصة مهمتها التدقيق في أداء الحكومة المؤقتة ومراجعة الأخطاء التي تمت الإشارة إليها، وقال "نأمل أن تسهم هذه الخطوة في تحقيق العدالة والمحاسبة، ووضع حد للتجاوزات التي أدت إلى تفاقم الوضع في الشمال السوري".
اجتماع جديد
وفي اجتماع منفصل تم الأربعاء الماضي، حضره ممثلو الاستخبارات التركية مع رئيس الائتلاف ورئيس هيئة التفاوض ورئيس الحكومة المؤقتة، أعادت تركيا التأكيد على ضرورة استيعاب التحديات الراهنة، وتجنب أي تصعيد قد يفاقم التوترات مع الحاضنة الشعبية للمعارضة.
وأشادت بالدور الذي يلعبه رئيس هيئة التفاوض بدر جاموس في تخفيف حدة الخلافات بين الائتلاف والحكومة المؤقتة، وحثت على التركيز على تحقيق الإنجازات بدلًا من الانشغال بالتغييرات الشكلية.
وأفاد المصدر بأن تركيا تفضل في الوقت الراهن اتباع سياسة عدم التدخل المباشر في الخلافات الداخلية للمعارضة، والتركيز على إيجاد حلول عملية للمشكلات القائمة بدلا من التغييرات في الأشخاص.
وأضاف أن المعارضة السورية، سواء كانت عسكرية أو سياسية، تحتاج إلى البحث عن حلول تلبي تطلعات الحاضنة الشعبية بدلاً من الاعتماد على سياسة فرض السيطرة بالقوة، التي قد تكون مكلفة لجميع الأطراف.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!