ترك برس
ذكرت صحيفة "جيروزاليم بوست" أن نزاعا يحتدم بين روسيا وإيران حول ممر يربط بين آسيا وأوروبا والشرق الأوسط ويعبر الأراضي التركية، إذ تعارض طهران دعم موسكو للمشروع خوفا من أن يقطع صلتها بدولة أرمينيا.
وممر "زنغزور"، الذي يدور حوله الخلاف بين الدولتين، هو طريق نقل بري رئيسي يربط أذربيجان بإقليم نخجوان التابع لها إداريا ويتمتع بالحكم الذاتي، لكنه منفصل عنها جغرافيا.
وأفادت الصحيفة في تقرير لها، أن مسؤولين روسا رفيعي المستوى أعربوا مؤخرا عن دعمهم لهذا الممر، الذي سيربط أذربيجان بروسيا وتركيا، متجاوزا نقاط التفتيش الأرمينية. ومن جانبها، أبدت طهران عدم رضاها البالغ عن دعم موسكو لهذا الممر، لأن من شأنه أن يفصل أرمينيا عن إيران جغرافيا إذا كان هذا الممر تحت السيادة الأذربيجانية وليس الحكم الأرميني، بحسب ما نقله تقرير لشبكة الجزيرة القطرية.
واستشهدت بتصريح كان قد أدلى به مسؤول في وزارة الخارجية الإيرانية لموقع "ميدل إيست آي" البريطاني، ناقلا عن المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي تشديده على ضرورة أن تظل "حدودنا مع أرمينيا مصونة، على أن يؤخذ ذلك بالاعتبار في حال إنشاء ممر… ولن ننشر قواتنا العسكرية إلا إذا استدعى ذلك ردا على أي محاولة لفصل حدود إيران عن أرمينيا".
وأشارت الصحيفة الإسرائيلية إلى أن الشراكة بين باكو وموسكو تظل قوية، رغم أن أذربيجان تتبنى سياسة متعددة الاتجاهات سعيا منها لتحقيق التوازن بين مصالح الغرب في أوكرانيا والرغبة في تجنب المواجهة مع روسيا باعتبارها كانت في السابق دولة ضمن الكتلة السوفياتية السابقة.
وقالت إن هذه العلاقة تفرض تحديات كبيرة على طهران. ومن ناحية أخرى، تساعد باكو الغرب للتخلص من الاعتماد على النفط والغاز الروسيين، من خلال طرح نفسها بديلا مفيدا يمكن أن يوفر لأوروبا الأمن في مجال الطاقة. وتدعم باكو سلامة أراضي أوكرانيا وأرسلت مساعدات إنسانية إلى كييف.
ولأن الأذربيجانيين يدركون عواقب ما قد ينتظرهم، كون دولتهم كانت من دول الاتحاد السوفياتي السابق، إذا ما أثاروا حفيظة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عليهم، فقد ساعدوه في تخفيف ما لحق بسمعته من ضرر بأن سمحوا له -خلال زيارته الأخيرة لبلدهم- الاجتماع بمسؤولين من المستوى المنخفض والتوقيع على اتفاقيتين "غير مهمتين"، ذلك أنهم لو رفضوا لقاءه لوضعوا أنفسهم في موقف "غير مريح"، على حد تعبير الصحيفة.
وفي الوقت نفسه، أضفت زيارة بوتين الأخيرة إلى باكو مزيدا من النفوذ على حساب إيران ووكلائها، كما يتضح من دعم روسيا لممر زنغزور، الذي يشكل أهمية محورية للشعب الأذربيجاني.
ومع أن إيران قد استشاطت غضبا من دعم بوتين لإنشاء ممر زنغزور، فقد استمرت روسيا في محاولتها الإطاحة بالحكومة الأرمينية واستبدالها بنظام "صديق" لها.
ورغم ذلك، فإن حكومة رئيس الوزراء الأرمني نيكول باشينيان أقرب إلى الغرب وإيران منها إلى موسكو في الوقت الحاضر، إلا أن علاقاتها التجارية مع روسيا لا تزال قوية، على الرغم من محاولة الانقلاب الأخيرة. كما أن أرمينيا تظل المحور الرئيسي للالتفاف على العقوبات الغربية المناهضة لروسيا، حسب جيروزاليم بوست.
ويرى مراقبون في إيران أن جزءا من مخاوف بلادهم بشأن أي تغيير جيوسياسي على حدودها نابع من توجسها إزاء المخططات الرامية إلى تشكيل عالم تركي عبر ممر زنغزور. ويُراد له أن يربط تركيا بريا بدول آسيا الوسطى ذات العرق التركي، ومنها أذربيجان وكازاخستان وأوزبكستان وقيرغيزستان وصولا إلى إقليم شينجيانغ الذي تقطنه أغلبية من الإيغور التركية شمال غربي الصين، وتركمانستان بصفة مراقب.
وعلى وقع الغزل المتبادل بين إيران وروسيا اللتين تستعدان لتوقيع اتفاقية التعاون الإستراتيجي الشامل خلال الأشهر القليلة المقبلة، يأتي موقف موسكو الداعم لأذربيجان بفتح ممر زنغزور البري لربط العاصمة باكو بإقليم نخجوان محرجا لطهران التي تعتبر أي تغيير في الحدود الإقليمية خطا أحمر لها.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد تحدث أثناء زيارته إلى أذربيجان، الشهر الماضي، عن حق باكو في امتلاك ممر بري يربطها بالإقليم. وانتقد وزير خارجيته سيرغي لافروف سياسة أرمينيا الرافضة لتنفيذ اتفاق المعابر والممرات لعام 2020، مما أثار ضجة لدى الأوساط الإيرانية التي عدّت موقف الحليف الروسي "طعنة في خاصرة طهران الشمالية".
من جانبها، سارعت الخارجية الإيرانية إلى استدعاء السفير الروسي ليكسي ديدوف، وفي خطوة نادرة لم يعتدها الحليفان، حمله نائب وزير الخارجية الإيراني مجتبي دميرجي رسالة إلى موسكو مفادها أن طهران تعارض التغييرات الجيوسياسية في المنطقة وأنه يجب أخذ مصالح ومخاوف الدول في الاعتبار.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!