ترك برس
تناول مقال تحليلي للكاتب والمحلل السياسي التركي إسماعيل ياشا، الشبهات المثارة حول طريقة التحاق رئيس بلدية إسطنبول الكبرى المعارض أكرم إمام أوغلو، بالكلية الجامعية التي تخرج منها.
وأشار ياشا في بداية مقاله بصحيفة "عربي21"، إلى الجهود الحثيثة التي يبذلها رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، ليضمن اختياره كمرشح حزب الشعب الجمهوري للانتخابات الرئاسية القادمة، والمسافة التي قطعها في هذا المسار بهدف الوصول إلى تحقيق حلمه؛ "إلا أن هناك عوائق لم ينجح حتى الآن في إزالتها من أمام تقدمه، كما أن تطورات أخرى ظهرت في الآونة الأخيرة، قد تدفعه خارج السباق الديمقراطي لرئاسة الجمهورية قبل أن يخوضه".
ويرى الكاتب التركي أن العائق الأول أمام إمام أوغلو هو أنه ما زال ينافس مرشحَين محتملَين في داخل حزب الشعب الجمهوري، وهما: رئيس بلدية أنقرة منصور ياواش، ورئيس الحزب أوزغور أوزل. وتظهر نتائج استطلاعات الرأي ياواش متقدما على إمام أوغلو، كما أن أوزل يرى نفسه مرشحا طبيعيا لرئاسة الجمهورية كرئيس حزب الشعب الجمهوري، حتى وإن حصل على ذاك المنصب بدعم إمام أوغلو.
وأوضح أن هناك عوائق قانونية قد تحول دون ترشح إمام أوغلو للانتخابات الرئاسية؛ أولها تلك القضية التي باتت تعرف إعلاميا بـ"قضية الأحمق"، وهي قضية رفعها ضد إمام أوغلو بعض أعضاء الهيئة العليا للانتخابات حين أساء إليهم إمام أوغلو عام 2019 ووصفهم بــ"الحمقى"، لأنهم قرروا إعادة إجراء الانتخابات المحلية في إسطنبول، نظرا لما شابها من شبهات تزوير ومخالفات.
وتابع المقال:
القضاء التركي حكم على إمام أوغلو في كانون الأول/ ديسمبر 2022 بالسجن لمدة عامين وسبعة أشهر، بالإضافة إلى المنع من ممارسة العمل السياسي، إلا أن هذا الحكم تحول إلى محكمة التمييز الذي لم تصدر قرارها فيه حتى اللحظة. وهدّد إمام أوغلو بخروج مظاهرات واسعة في عموم البلاد لإسقاط الحكومة في حال صادقت محكمة التمييز على القرار الصادر بحقه. ورد عليه وزير العدل التركي يلماز تونتش، قائلا إن القضاء مستقل في قراراته في إطار الدستور والقوانين، ولا يمكن لأحد أن يرهب أعضاء السلطة القضائية بالتهديد بعصيان مدني.
قضية الأحمق ليست القضية الوحيدة التي تهدد المستقبل السياسي لإمام أوغلو وحلمه بالتربع على كرسي رئيس الجمهورية، بل هناك قضية أخرى بدأت تلوح في الأفق وقد تتفجر في أي لحظة، وهي قضية التحاق إمام أوغلو بالكلية التي تخرج منها، بشكل غير قانوني.
إمام أوغلو التحق بكلية إدارة الأعمال بجامعة إسطنبول عام 1990، إلا أنه لم يلتحق بها كبقية طلاب الكلية، عن طريق الحصول على درجة كافية في اختبارات الالتحاق بالجامعات التركية، بل التحق أولا بجامعة "غرنة" الأمريكية في قبرص الشمالية التركية، ثم انتقل منها إلى جامعة إسطنبول. وكان إمام أوغلو فشل في النجاح في اختبارات الالتحاق بالجامعات التركية، وذهب إلى تلك الجامعة الأهلية التي لم تكن تشترط آنذاك الحصول على أي درجة للالتحاق بها غير دفع الرسوم، كما أنها في ذات الوقت لم تكن أيضا من الجامعات التي يعترف بها المجلس الأعلى للتعليم في تركيا.
العام الذي انتقل فيه إمام أوغلو من جامعة غرنة الأمريكية إلى كلية إدارة الأعمال بجامعة إسطنبول، خاض اختبارات الالتحاق بالجامعات التركية 891 ألف طالب وطالبة، ولم يتمكن من الالتحاق بتلك الكلية المرغوبة إلا الطلاب الذين حصلوا على درجات عالية، وكانت مرتبتهم بين الطلاب الألف الأوائل. وهذا يعني أن إمام أوغلو تجاوز حق مئات الآلاف من الطلاب، والتحق بتلك الكلية التي لا يدرس فيها إلا الطلاب المتفوقون للغاية، بشكل غير قانوني، إما عن طريق الواسطة وإما عن طريق دفع الرشوة.
إمام أوغلو نشر شهادته الجامعية التي حصل عليها بعد تخرجه من كلية إدارة الأعمال بجامعة إسطنبول، إلا أنه لم ينشر أي وثيقة متعلقة بكيفية انتقاله إلى تلك الكلية عام 1990 من جامعة أهلية غير معترف بها. كما أن المجلس الأعلى للتعليم وإدارة جامعة إسطنبول يلتزمان الصمت، على الرغم من كثرة علامات الاستفهام التي تثار حول الموضوع في وسائل الإعلام. وإضافة إلى ذلك، يقول إمام أوغلو إنه تخرج من كلية إدارة الأعمال التي يتم فيها التدريس باللغة الإنجليزية، إلا أن مستوى لغته الإنجليزية لا يبدو على الإطلاق كمستوى من درس في مثل تلك الكلية.
الشبهات المثارة حول التحاق إمام أوغلو بكلية إدارة الأعمال بجامعة إسطنبول أخطر على مستقبله السياسي من قضية الأحمق، لأنه يمكن أن يدعي بأن الحكم الصادر في حقه سياسي، إلا أنه لا يستطيع أن يدافع عن انتقاله من جامعة أهلية غير معترف بها إلى كلية مرموقة بأفضل الجامعات التركية بشكل غير قانوني، إن ثبت ذلك، علما بأن تهربه من نشر الوثائق التي تقدم بها إلى جامعة إسطنبول للالتحاق بها، يوحي بأن ما يثار حول الموضوع ليس عاريا عن الصحة.
المجلس الأعلى للتعليم وإدارة جامعة إسطنبول لا يمكن أن يصمتا إلى ما لا نهاية، وإن كشفا عن كيفية انتقال إمام أوغلو من جامعة غرنة الأمريكية إلى جامعة إسطنبول وثبت أنه غير قانوني، فقد يؤدي ذلك إلى إلغاء شهادة إمام أوغلو الجامعية، بموجب قاعدة "ما بني على باطل فهو باطل"، علما بأن إمام أوغلو لا يحتاج إلى شهادة جامعية لتولي رئاسة البلدية، إلا أنه لا يمكن أن يترشح لرئاسة الجمهورية بدونها.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!