جلال سلمي - خاص ترك برس
رأى الخبير الاستراتيجي "إيمرا أرشان" أن روسيا استطاعت إنجاز جزء كبير من أهدافها المنشودة في سوريا، مستنداً في ادعائه إلى القول إن "روسيا عبر تدخلها العسكري تمكنت من الإبقاء على نظام الأسد قائماً على أًصوله وبشكل قوي، وأمسى لها قوة نفوذ أوسع في سوريا، فإلى جانب قاعدة طرطوس، بات لديها قاعدة حميميم، كما صار النفوذ الروسي الدبلوماسي في الأزمة السورية التي لها تأثيرها الواضح في مسار السياسات العالمية، ملموساً ولا جدال في هذه الحقائق".
وأكد أرشان، في مقاله "فاتورة حساب تدخل روسيا في سوريا منذ عام 2011"، أن التردد الذي تُوجت به إدارة أوباما حيال المسألة السورية والتطورات السياسية الجارية في مصر وليبيا، مع الرغبة التركية في إجراء تدخل عسكري تحالفي مشترك يقي المنطقة من ويلات النفوذ الإرهابي، هما السببان الرئيسيان في تطور النفوذ الروسي في المنطقة، موضحاً أنه كان من المستحيل أن يكون لروسيا دوراً في منطقة الشرق الأوسط، دون تغاضي الطرف الأمريكي عن ذلك.
وبالرغم من انخفاض مستوى النمو في روسيا بنسبة 3.7% خلال عام 2015، ومن ثم 0.5% خلال عام 2016، إلا أن نسبة كبيرة من الشعب الروسي ما زالت مقتنعة بأن السياسة الخارجية لبوتين تصب في صالحهم على المدى البعيد، وفقاً لما يذكره أرشان مستنداً على إحصاءات مؤسسية حول الرأي العام الروسي.
وأضافت الإحصاءات أن ضم بوتين للقرم زاد من رصيد الدعم الشعبي إلى ما فوق 80%، مبينةً أن الروح القومية للمواطنين الروس دفعتهم لتقييم ما يقوم به بوتين على أنه "تحرك وطني" من أجل إعادة "الهيبة الدبلوماسية المفقودة" لروسيا "العظمى"، مؤكّدةً أن بوتين تشجع للتدخل العسكري في سوريا بعد هذه النسبة العالية.
وبيّنت الإحصاءات أن الخسائر العسكرية والبشرية الروسية في سوريا ليست بذلك المستوى الباهظ، فعلى الرغم من وجود ما يقارب 4 آلاف جندي روسي في سوريا، إلا أن خسائر الروسية مقارنة بإيران وقوات النظام والمليشيات الشيعية لا تُحصى في ميزان الخسائر العسكرية.
وتعليقاً على الإحصاءات المذكورة، أوضح أرشان أن الخسائر البشرية لروسيا ليست بالباهظة، ولكن من ناحية اقتصادية، تنفق روسيا في سوريا، ما يقارب 4 مليون دولار يومياً، متمماً أنه إذا تم حسب تكاليف التدخل الروسي حتى يومنا هذا، نجد أنه ما بين 1.5 إلى 2 مليار دولار، وقد انعكس هذا التأثير على الموازنة العامة التي أوضحت أن روسيا اضطرت لتخفيض انفاقها العسكري، وإن لم يظهر التأثير الاقتصادي للتدخل الروسي في سوريا على المدى القريب، فإن سيبزغ للسطح على المدى البعيد.
وطبقاً لما يورده أرشان في مقاله المنشور عبر موقع الجزيرة ترك بتاريخ 24 يناير 2017، فإن إدارة بوتين شعرت بحجم الخسائر الاقتصادية المُطردة جراء تدخلها في سوريا، وتعلم جيداً بأن الشعب وإن ساندها في الوقت الحالي، فإنه قد لا يبقى على هذا الدعم لفترة طويلة من الزمن، وهو ما جعلها لتوسيع نطاق تحالفها مع تركيا، معلنةً أنها متجهة نحو حل سياسي يكفل لها استمرار السيطرة المباشر على نظام الأسد، وغير المباشرة على قوات المعارضة عبر تركيا.
ودعا أرشان الحكومة التركية إلى الانتباه من السقوط في فخ تحمل التكاليف العسكرية والبشرية في سوريا لوحدها، مؤكداً أن روسيا تتحرك في هذا الاتجاه، وعلى تركيا موازنة تحركها مع روسيا عبر البقاء على علاقات وطيدة مع التحالف الدولي الذي يقيّمه أرشان، على أنه قد يصبح أكثر فعالية في ظل إدارة ترامب "الواقعية واضحة الأهداف".
وختاماً، يرى أرشان أن روسيا قد تؤول إلى اختيار تخفيض جنودها في سوريا، إلا أنها لن تتخلى بالمطلق عن قواعدها العسكرية في طرطوس وحميميم، لذا على تركيا استغلال نقطة ضعف روسيا النابعة من الجانب الاقتصادي، في الضغط عليها دبلوماسياً لتعجيل عملية الحل السياسي، مشدداً على أن الضغط الدبلوماسي على روسيا يعني الضغط على النظام وإيران.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!