ترك برس
تباينت آراء الخبراء والمراقبين حول التصريحات المتناقضة التي صدرت عن المسؤولين الأميركيين فيما يتعلق بالتطورات الأخيرة في محافظة إدلب السورية، والتحركات التركية لمنع هجمات النظام على المدنيين، وخاصة على خلفية استشهاد عدد من العسكريين الأتراك.
ويشير تقرير لموقع "الجزيرة نت" إلى أن التصريحات الأميركية المتناقضة تجاه تطورات الأوضاع المتسارعة في مدينة إدلب، أربكت رؤية الكثير من الخبراء في واشنطن بشأن حقيقة موقف ونوايا إدارة الرئيس دونالد ترامب نحو الحليف التركي.
وبحسب الموقع، قام وزير الخارجية مايك بومبيو بتعزية عائلات الجنود الأتراك الذين قتلوا في هجوم لقوات النظام السوري في إدلب يوم الاثنين الماضي.
ودعا بومبيو في تغريدة له الثلاثاء إلى "وقف الاعتداءات المستمرة من قبل نظام الأسد وروسيا"، وأكد على وقوف بلاده إلى جانب تركيا الحليفة للولايات المتحدة في حلف شمال الأطلسي الناتو.
وفي وقت لاحق، أعلن إرسال المبعوث الأميركي للملف السوري جيمس جيفري إلى أنقرة من أجل "تنسيق الرد على هجوم النظام السوري المزعزع للاستقرار".
ثم مثلت تصريحات المبعوث الأميركي لسوريا جيمس جيفري خلال زيارته لتركيا حلقات الاهتمام الأميركي بتطورات الأوضاع في شمال سوريا على خلفية التصعيد العسكري بين أنقرة وقوات النظام السوري المدعوم روسيا.
وطبقا لتقارير إخبارية، فقد أكد جيفري على دعم أنقرة، وعلى أن "الجنود الأتراك لهم الحق في الدفاع عن أنفسهم في إدلب"، وعبر عن دعم بلاده للوجود التركي في شمال سوريا.
وعلى النقيض من تصريحي بومبيو وجيفري عبر مستشار الأمن القومي الأميركي روبرت أوبراين عن موقف مغاير أثناء ظهوره في ندوة أمس الأول الثلاثاء استضافها المجلس الأطلسي بالعاصمة واشنطن.
وردا على سؤال عن إمكانية تدخل إدارة ترامب لوقف العدوان على إدلب ووقف الهجمات على قوات دولة حليف بالناتو هي تركيا، رد أوبراين بالقول "نحن لنا تناول آخر يختلف عن الإدارات السابقة، ماذا علينا أن نفعل وسط هذه الهجمات على إدلب؟ هل نهبط عليهم من السماء ونطالبهم بوقف القتال؟".
وتابع "نحن ندين الشيء الفظيع الذي يحدث، خاصة ما يتعرض له المدنيون وملايين اللاجئين، ندرك بشاعة الوجود الإيراني، وندرك الدور السيئ الذي يقوم به نظام بشار الأسد، لكن في الوقت ذاته روسيا لا تساعد على تهدئة الموقف ولا تركيا أيضا".
ولم يدل الرئيس ترامب بأي تصريحات، ولم يطلق أي تغريدات تتعلق بتطورات الأوضاع في إدلب والشمال السوري.
تعرضت العلاقات بين تركيا وأميركا لتوتر خلال الأشهر القليلة الماضية نتيجة دعم واشنطن لقوات كردية في شمال سوريا، الأمر الذي أزعج تركيا التي شنت عملية عسكرية ضد قوات حليفة لواشنطن.
وأكد تشارلز دان المسؤول الاستخباراتي السابق والباحث حاليا في معهد الشرق الأوسط أن الولايات المتحدة مستمرة في دعم حليفها التركي في شمال سوريا، مع إدراك واشنطن المتزايد أن تركيا هي اللاعب الأهم لواشنطن في الشمال السوري.
وقال دان، في حديث مع موقع "الجزيرة نت"، إن "واشنطن تخشى في الوقت ذاته من تطور العلاقات بين أنقرة وموسكو، وهي بدعمها لأنقرة تزيد تباعد روسيا وتركيا".
من جهته، يعتقد الخبير في الشأن السوري بمعهد الشرق الأوسط وائل الزيات أن تطورات الأوضاع بمنطقة إدلب في الشمال السوري تمثل اختبارا جادا للولايات المتحدة.
ويرى الزيات أن "هذه لحظة كاشفة لحقيقة موقف واشنطن تجاه منع سقوط إدلب في يد النظام السوري والوقوف مع عضو رئيسي في حلف الناتو، الفشل في هذا الاختبار ستنتج عنه كارثة إنسانية تمتد إلى تركيا وربما لدول أوروبية أخرى".
وتهدد العمليات العسكرية المستمرة ضد قوات المعارضة السورية المدعومة تركيا في إدلب الاتفاقيات السابقة الموقعة بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان.
كما تجمع الدولتين علاقات تعاون عسكري ظهرت في إمداد موسكو أنقرة بأنظمة دفاع جوي حديثة من طراز "إس 400".
وذكر دبلوماسي سابق -لم يرغب في ذكر اسمه- أن "الرئيس التركي يدرك أنه يجب ألا يخسر العلاقة الجيدة التي تجمعه بروسيا، خاصة مع إدراكه من خلال خبرة الأشهر القليلة الماضية كم العداء الذي يكنه الكونغرس لسياسات ومواقف تركيا في المنطقة". وفق "الجزيرة نت".
وكان الكونغرس قد طالب بفرض عقوبات مشددة على خلفية شراء تركيا منظومة "إس 400" للدفاع الجوي من روسيا على الرغم من المعارضة الواسعة من واشنطن والتي تم على إثرها إخراج تركيا من عملية إنتاج مقاتلات "إف 35" المتطورة.
لكن السفير السابق ذكر أن واشنطن تدرك في الوقت ذاته أن بوتين يرغب في شق وحدة حلف الناتو "ولا أتصور أن بوتين يريد التصعيد مع تركيا، هو فقط يريد أن يخدم مصالح النظام السوري في بعض مناطق شمال سوريا واحتواء خطر المعارضة المسلحة".
من جانبه، استبعد تشارلز دان أن يلعب حلف الناتو أي دور عسكري على الأرض دعما لتركيا الدولة العضو في الحلف على خلفية التصعيد الأخير، لكنه ربما يدعم تركيا دبلوماسيا.
وعاد تشارلز إلى التأكيد أنه وفي حال تعرض تركيا لتهديد مباشر من روسيا فلن تتردد دول الحلف في تفعيل المادة الخامسة والقاضية باللجوء للقوة للدفاع عن أي دولة عضو تتعرض لعدوان.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!